واصلت القافلة الدعوية لشباب وزارة الأوقاف، عطاءها الدعوى بإلقاء الدروس الدينية بالمساجد الكبرى بمدينتى الضبعة والحمام بمحافظة مطروح، تحت عنوان: "بناء الوعى وأثره فى مواجهة التحديات"، حيث أكد أعضاء القافلة أنَّ الوعى بقيمةِ الوطن، وبالتحديات التى يُواجهها، وبالمخاطر التى تحيطُ به، أمرٌ لا غنى عنه.
من جانبه أكد الدكتور محمد شلبى مفتش عام بالوزارة، أن قضية الوعى بالوطن، وبمشروعية الدولة الوطنية، وضرورة دعم صمودها، والعمل على رقيها وتقدمها، أحد أهم المرتكزات لصياغة الشخصية السّوية، وأحد أهم دعائم الولاءِ والانتماءِ للوطن والحفاظ على مقدراته وكل ذرة من ثراه النّدِى.
كما أشار إلى أن الوعى بالمخاطر يحتاج إلى إعمال العقل الذى كرَّم الله (عز وجل) به الإنسان حتى يميز بين الصالح والطالح، حيث يقول سبحانه: {قُلِ انْظُرُوا مَاذَا فِى السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ}، ويقول سبحانه: {وَهُوَ الَّذِى أَنشَأَ لَكُمْ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلاً مَا تَشْكُرُونَ}، وقد نعى القرآن الكريم على أولئك الذين لا يُعملون عقولهم فى التفكر والتدبر، ولا يستخدمونها فيما خلقت له.
وفى مدينة الضبعة، أكد الشيخ محمد هلال عامر عضو المركز الإعلامى أن أعداء الأمة دائمًا يراهنون على تغييب الوعى، وليس ذلك جديدًا على أصحاب الدعوات الهدامة والأفكار المتطرفة الذين لا يرقبون فى الأمة إلًّا ولا ذمة ؛ فمنذ بداية دعوة الإسلام قام أعداء الدين بمحاولات متعددة للصَّدِّ عنه، معتمدين على تغييب الوعى بقلب الحقائق وكَيل الاتهامات، وكذلك يغيبون الوعى بعدم إفساح المجال لمجرد سماع كلمة الحق.
وقال هلال: لا خلاف فى أن تشكيلَ وعى أمة أو بناء ذاكرتها ليس أمرًا سهلًا ولا يسيرًا، ولا يتم بين لحظة وأخرى، أو بين عشية وضحاها ؛ إنما هو عملية شاقة مركبة، وأصعب منه إعادة بناء هذه الذاكرة، أو ردها إلى ما عسى أن تكون قد فقدته من مرتكزاتها، فما بالكم لو كانت هذه الذاكرة قد تعرضت للتشويه، أو محاولات الطمس، أو المحو، أو الاختطاف، ولا سيما لو كان ذلك قد استمر لعقود أو لقرون؟!.
وأكد الشيخ صلاح عطية عضو الإدارة العامة للمراكز الثقافية أن بناء وعى بَنى وطننا يتطلب الإلمام بحجم التحديات التى تواجهنا ؛ لأننا دون إدراك هذه التحديات، ودون الوعى بها، لن نستطيع أن نضع حلولًا ناجحة تسهم فى خلق حالة من الوعى الحقيقى، ولعل من أخطر التحديات التى تواجهنا تلك التحديات التى تهدد أمننا واستقرارنا فى أوطاننا، فالأمن نعمة من أجلّ نعم الله (عز وجل) على الإنسان، حيث يقول سبحانه: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ}، فبدونها لا يهدأ للإنسان بال، ولا تطمئن له نفسٌ، ولا يهنأ بالحياة حتى لو أوتى الدنيا بحذافيرها، فسعادة الدنيا ونعيمها فى تحقيق الأمن والاستقرار، يقول نبينا (صَلى الله عَلَيه وَسَلم): (مَنْ أصْبَحَ مِنْكُمْ آمِنًا فى سربِهِ، مُعَافَىً فى جَسَدِهِ، عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ، فَكَأنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا)، فبدون الأمن لن تقوم دولة، ولن يطمئن أحدٌ على نفسه، أو أهله، أو جيرانه.
واستكمل عطية: من أجل ذلك يجبُ علينا أن نكون جميعًا فى يقظة ووعى وحيطة وحذر، وأن نتعظ بغيرنا، وأن نستفيد من تجارب الحياة وخبراتها، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ}، ويقول نبينا (صَلى الله عَلَيه وَسَلم): (لاَ يُلْدَغُ المُؤْمِنُ مِنْ جُحْرٍ وَاحِدٍ مَرَّتَيْنِ)، فلنعلم أن حفظ ودوام أمن وطننا أمانة فى أعناقنا جميعًا، كل فى مجاله وميدانه، كيف لا؟ والحفاظ على الوطن من أهم الضروريات لحفظ الدين وبقاء الدنيا.
وقال عطية: بدون الوطن لن نتمكن من عبادة الله (عز وجل)، وبدون الوطن لن نستطيع إعمار الأرض التى أمرنا الله (عز وجل) بإعمارها، وإن أى وطنى شريف لا يتردد لحظة فى أن يفتدى وطنه بنفسه وماله، فكيف يكون المُفتدى به أهم وأغلى من المفتدَى، ومن ثم يجب الأخذ على أيدى المفسدين العابثين بأمن الوطن واستقراره، وتحذير الناس منهم، حتى لا يوردونا موارد الهلاك.
وأكد الشيخ محمد عبد الرحمن مفتش عام الدعوة أن الوعى الحقيقى هو البناء لا الهدم، والإعمار لا التخريب، وعليهم أن يقتحموا الصعاب، وأن يواجهوا التحديات بعزيمة قوية، وروح وثابة نحو البناء والتعمير، وعمارة الكون، وحب الخير للناس جميعًا، مؤمنين بحق الجميع فى الحياة الكريمة، بغض النظر عن الدين، أو اللون، أو الجنس، أو العرق.
وشدد عبدالرحمن، على ضرورة التكافل الاجتماعى الذى حث عليه ديننا الحنيف من خلال الترغيب فى العمل التطوعى، والدعوة إلى المسابقة فى الخيرات، والمنافسة فيها، والمسارعة إليها حتى لا تسيطر علينا الفردية، أو الأنانية، أو السلبية، فقال تعالى: {وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ}، وقال سبحانه: {فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا}.
كما أشار فضيلته إلى أن للإرهاب مخاطرَ كثيرة، والوعى الحقيقى هو سلاحنا لمواجهة هذه المخاطر ؛ فالإرهابُ يحارب مقاصد الشريعة التى من أهمها: حفظ الدين، والوطن، والنفس، فالإرهاب لا يقر حرية الاعتقاد التى كفلها القرآن الكريم للناس جميعا فى قوله تعالى: {لَا إِكْرَاهَ فِى الدِّينِ}، والإرهاب لا يعرف حرمة دور العبادة التى حفظها الإسلام كلها، دون أدنى تفرقة، وحرم الاعتداء عليها قولًا أو فعلًا، حيث يقول سبحانه: {وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا}، والإرهاب لا يعرف حرمة النفس التى حرم الله (تعالى) التعدى عليها، سواء أكانت مسلمة أم غير مسلمة.
وقال ما أحوجنا إلى الوعى الحقيقى بالتحديات التى تواجهنا، وضرورة التصدى لها، والعمل - بكل إخلاص - للحفاظ على الوطن، والدفاع عنه، وأن يقوم كل منا بمسئوليته، ويؤدى واجبه تجاهه، فللوطنِ فِى الإسلامِ شأن عَظِيمٌ، والتَّفرِيطُ فِى حَقِّهِ خَطَرٌ جَسِيمٌ ؛ لذلك أعلى النبى (صَلى الله عَلَيه وَسَلم) من قيمة الشرفاء والنبلاء الذين يدافعون عن وطنهم، ويضحون من أجله بكل غال ونفيس.
القافلة برعاية كريمة من د. محمد مختار جمعة وزير الأوقاف، وفى إطار اهتمام وزارة الأوقاف بالقوافل الدعوية التى تجوب جميع محافظات الجمهورية، انطلقت قافلة الأوقاف الدعوية لمحافظة مطروح يومى الخميس والجمعة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة