أكرم القصاص - علا الشافعي

وائل السمرى

خذوا الحكمة من غطاء البلاعة

الإثنين، 28 يناير 2019 12:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لو رأيته منزوعا من السياق لحسبته عملة تذكارية أو ميدالية متأنقة، الخط الملكى الجميل الذى صار علامة على مصر وصارت مصر علامة عليه، والتصميم الرشيق البسيط البليغ، الهلال والنجمات الثلاث، الدوائر المكونة من مربعات الحفر البارز، يلمع كأنه من فضة مخلوطة بالنور، جزء يظهر فترى فيه العظمة، وجزء يغيب فيزيد من الغموض والتشويق ويفتح للخيال ألف باب، لوحة متكاملة، موسيقى بصرية، روعة وحسن، متانة تتحدى الزمن، وجمال يتحدى القبح، وشموخ يتحدى الوضاعة، والعنوان، غطاء البلاعة المقيم أمام عمارة 6 شارع وزارة الزراعة ناصية شارع الثورة بحى الدقى، حيث مقر عملى فى «اليوم السابع».
 
لم ألحظه إلا اليوم، برغم مرورى عليه لسنوات، ربما لأنى فى الغالب أذهب إلى عملى فى ساعات الذروة، وأروح إلى بيتى فى ساعات الذروة أيضا، وتخبئ السيارات كل هذه الحلاوة، وأخيرا لمحته، نعم نعم هو «غطا بلاعة» ليس أكثر، لكن المصريين استطاعوا فى وقت من الأوقات أن يجعلوا «غطا البلاعة» رسولا يخبر الناس بما تمتعوا به من رقى وتفان وإخلاص وجمال.
نعم نعم هو غطا بلاعة ليس أكثر، لكن سبحان من جعل هذا الشىء قادرا على أن يجسد آيته الكريمة «فأما الزبد فيذهب جفاءً وأمّا ما ينفع الناس فيمكث فى الأرض»، فقد مكث هذا الغطاء فى الأرض لأكثر من 70 عاما على الأقل، بينما تهاوت من حوله بيوت وعمائر، واندثرت بين يديه قصور وفيلات، أمام هذا الغطاء مباشرة، كانت تقبع فيلا حسين الشافعى أحد الضباط الأحرار، فهدمت الفيلا وشيد مكانها عمارة شاهقة تحتوى «اليوم السابع» كما تحتوى غيره من الشركات والبنوك، وعلى بعد خطوات، كانت فيلا خالد محيى الدين التى هدمت هى الأخرى يجرى الآن فيها البناء على قدم وساق لتتحول هى الأخرى إلى عمارة شاهقة، بينما وقف «غطا البلاعة» بالشارة الملكية، وكأنه يخرج للجميع لسانه، وكأنه يقول للتاريخ نحن هنا.
 
والله هو غطا بلاعة ليس أكثر، وفى الغالب وضع فى هذا المكان من وقت إنشاء هذا المكان، وقد كان هذا المكان عامرا بالقصور الملكية والمتاحف والحدائق، كان «حى الدقى» حيا حينما كنا أحياء، وكان خير مثال على ما وصلت إليه مصر فى «الذوق» فى رشاقة التخطيط، فى عبقرية اختيار المكان، فى تحدى الظروف الطبيعية، وفى مد عيون الابتكار إلى المدى الأخير، صار غطاء البلاعة «شاهدا» وصار شهيدا.









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
التعليقات 1

عدد الردود 0

بواسطة:

هويدا مرتجع

الأخلاق أولا

المعاكسات لتليفونية وقلة الأدب زادت عن حدها ولما يقعوا بيعيطوا وتلاقيهم ولادحرام يترموا فى بلاعة وجبانين جدا بيخافوا من خيالهم

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة