لم يكن افتتاح أكاديمية تدريب الدعاة والواعظات العالمية باللغات الأجنبية حدثا عاديا يمكن أن يمر مرور الكرام دونما يتم رصد أبعاد الحدث ونتائجه المتوقعة على تجديد الخطاب الدينى.
مقامة على مساحة 11 ألف متر مسطح أرضى
"اليوم السابع" قامت بمعايشة داخل أكاديمية الدعاة بميدان فودافون بالسادس من أكتوبر، فى اليوم الأول لتدشين برنامجها، والتى تمتد على مساحة 11 ألف متر مسطح ارضى ومتكرر لعدد من الأبنية، بقوة تشغيل 3 أدوار فى جناح واحد.
وتضم الأكاديمية مبان سكنية وخدمية وإقامة فندقية متوسطة فى غرف مجمعة وثلاثية وثنائية وفردية ومطعم وقاعات دراسة ومعامل كمبيوتر ولغات أجنبية.
ويبدأ العمل بالعلمى بالأكاديمية فى العاشرة صباحا، بجدول محاضرات نقاشية، فى علوم الأصول والشريعة والفتوى، وقواعدها، وعلوم الاجتماع وعلم النفس والثقافة والبروتوكول وكافة العلوم العامة.
وشهد العمل بالأكاديمية تخصيص كتب وقضايا رئيسية تعطى مكون فلسفى وعلمى يبنى عقول الدعاة على مبدأ أن الدين علم والجهلاء لا يقيمون علوم أو ثقافات بل يحاربون العلم.
تدرس الأكاديمية العلوم الشرعية والفكر عبر كتب
وتدرس الأكاديمية العلوم الشرعية والفكر عبر كتب اشهرها قواعد الفقه الكلية الذى يدرسه مفتى الجمهورية د. شوقى علام، ومن تأليفه مشاركا لوزير الأوقاف، حيث يكشف الكتاب حسب محاضرة القاها مفتى الجمهورية استخدام الجماعات مقاصد الشريعة وتغليبها على القواعد الكلية للعلم لتغليب مصطلحات مجتزأة تخدم اجندة الجماعات لاختطاف وتجنيد العقول وضم منتسبين جدد.
المحاضرتين الأولى كانت لعبدالله النجار الأستاذ بجامعة الأزهر من العاشرة ولمدة ساعتين والثانية عقب صلاة الظهر ولمدة ساعتين كانتا للنقاش حول اجتزاء النصوص الشرعية وتوظيفها لإبراز مقاصد شرعية تسوق العقل إلى قبول نبرة الجماعات المتطرفة بدلا من قراءة كلية للنصوص وربط بعضها بالبعض الآخر على مبدأ حكم الكتاب والسنة ثم الاجتهاد العلمى المنضبط.
ودارت المحاضرتين وسط شرح ونقاش متبادل بين المحاضر والأئمة شرحا لقواعد الفقه الكلية موضوع واسم كتاب الاوقاف الاشهر والذى استلزم قراءة خاصة لمعرفة إلى مدى سيصل عقل الداعية.
وينقب الكتاب فى عقول الجماعات ويرد علها الفتوى بالفتوى، بشرح قواعد الفتوى التى تتسع للمتغيرات ولا تقدم قالبا جامدا يربط الفتوى فى نمط واحد لا يتناسب مع المتغيرات وهو الامر الذى تستخدمه الجماعات للاستفادة من ذلك لصالحها.
وفى شرحه لقواعد الفقه الكلية بمحاضرة للأئمة ضمن معايشة اليوم السابع قال الدكتور شوقى علام، مفتى الجمهورية، أن الإخوان قدموا مقاصد الشريعة على علم أصول الفقه، وذلك لتحقيق مصالح شخصية.
وأضاف المفتى، أن الشريعة ضابطة للحياة، موضحا أن أعلام الفتوى كتبوا فى مسائل متقدمة، حيث انتهجوا نهج الأزهر بالكتاب والسنة واجتهاد علمى منضبط بعلم أصول الفقه.
رأى الحاكم “المتمثل فى الدستور والقانون” يحسم الخلاف فى الأمور المتغيرة
ويؤصل الكتاب، أن رأى الحاكم “المتمثل فى الدستور والقانون” يحسم الخلاف فى الأمور المتغيرة التى تحتمل الرأى والرأى الآخر فى ضوء تحقيق المصلحة المعتبرة شرعًا.
كما أن علينا أن نعمل على نشر ثقافة التفكير فى سائر جوانب الحياة الفكرية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية، والخروج من دائرة القوالب الجاهزة والأنماط الجامدة إلى رؤية تتسم بالفكر وإعمال العقل، وأن نعمل على تحريك هذا الجمود من خلال العمل على نشر ثقافة التفكير وإعمال العقل ومراعاة مقتضيات الواقع، غير أن هناك من يعتبر مجرد التفكير فى التجديد خروجًا على الثوابت وهدمًا لها، حتى وإن لم يكن للأمر المـُجتهَد فيه أدنى صلة بالثوابت، أو بما هو معلوم من الدين بالضرورة وما هو قطعى الثبوت قطعى الدلالة، فقـد تبنى منهج الجمـود والتكفير والإخراج من الدين أناس لا علم لهم ولا فقه، ولا هم من أهل العلم أو أهل الاختصاص أو حتى دارسى العلوم الشرعية من مظانهـــا المعتبــرة، مسرعين فى رمى المجتمــع بالتبديع، ثم التجهيل، فالتكفير، حتى وصــل الأمر بغلاتهم إلى التفجير واستباحة الدماء
ويناقش الكتاب توقف التجديد لعقود طويلة وربما لقرون عديدة قضايا التقليد على قضايا الإبداع والتجديد، وغلبت مناهج الحفظ والتلقين، وطغت على مناهج الفهم والتفكير، مما نتج عنه تقديس أو ما يشبه التقديس لغير المقدس من الآراء والأفكار والشروح المتعلقة بالأحكام الجزئية والفتاوى القابلة للتغير بتغير الزمان أو المكان أو أحوال الناس وأعرافهم وعاداتهم وواقع حياتهم مما لم يرد فيه نص قاطع ثبوتا ودلالة، فما كان راجحا فى عصر معين أو بيئة معينة أو حالة أو أحوال معينة قد يصبح مرجوحا إذا تغير من ظروف العصر أو المكان أو الحال ما يستدعى إعادة النظر فى الحكم أو الفتوى، وقد يصبح الرأى المـُفْتَى به غيره أولى منه فى الإفتاء به نتيجة لتغير هذه المعطيات.
ويرى الكتاب أن الاعتماد على حفظ بعض الأحكام الفقهية الجزئية مع ضعف الاهتمام بالقواعد الكلية، وفقه المقاصد، وفقه الأولويات، وأصول الاستنباط ادى إلى حالة من التعصب الشديد لدى بعض المقلدين من جهة، وضيق الأفق والجمود والتحجر عند الرأى المحفوظ لدى بعضهم من جهة أخرى، إضافة إلى أن حصر الجزئيات والإحاطة بها أمر شبه مستحيل أن لم يكن مستحيلا، ناهيك عن مستجدات الأمور ومستحدثاتها، لذا يجب أن نعود وبقوة إلى ما يرسخ مناهج الفهم والتفكير وإعمال العقل من خلال دراسة علم أصول الفقه، وقواعد الفقه الكلية، وفقه المقاصد، وفقه الأولويات، وفقه الواقع، مؤكدين أن الأحكام الفقهية الجزئية المستنبطة من خلال اجتهاد المجتهدين فى قراءة النصوص فى ضوء القواعد الكلية والأصولية وفهم مقاصد النصوص ومراميها ليست قرآنا، وأن بعضها قابل للتغيير وفق مقتضيات الزمان والمكان والأحوال والأشخاص، وقابل للرأى والرأى الآخر.
وشهدت أعمال اليوم الأول تحرك جماعى للدارسين إلى مطعم الأكاديمية المركزى لتناول الغذاء فى الواحدة ظهرا وأداء صلاة الظهر، حيث يتم تناول وجبة العشاء بعد انتهاء العمل فى الخامسة بينما الفطور فى السابعة صباحا.
ويأتى كتاب مفاهيم يجب أن تصحح والذى يعد المكون الثانى الأهم والشريك الأبرز فى تكوين عقل الداعية ليسقط تراث الجهل لجماعات الادعاء الزاعمة بضرورة الجهاد عبر كتائبها العسكرية، ليؤكد أن الجهاد حق أرادت الجماعات به باطل حيث الطاعة العامة تكون للحاكم والدستور والقوانين المنظمة للحياة والانصياع يكون للولاية العامة لا الولاية الخاصة المزعومة.
واجرت الاوقاف اختبارات للأئمة والواعظات فى الحاسب الالى بمعمل الحاسبات لتقييم مستواهم وتزويدهم ببعض المهارات للتغلب على ضعف مستويات البعض.
اختبارات قياس مستوى الدارسين فى الحاسب الآلى
وعقدت الأوقاف اختبارات قياس مستوى الدارسين فى الحاسب الآلى تمهيدًا لتصنيفهم إلى مجموعات حسب مستوى كل منهم لتحديد البرامج اللازمة لصقل مواهبهم فى ذلك.
وتعتمد اكاديمية الاوقاف، المحاور العلمية الأخرى والثقافية العامة من "علم المنطق، وعلم النفس، وعلم الاجتماع، ومفاهيم الأمن القومى، وحروب الجيل الخامس، وفنون التواصل، واللغة الإنجليزية.
ويشمل برنامج التدريب كتاب (مفاهيم يجب أن تصحح) ويقوم بتدريسه الدكتور محمد سالم أبو عاصى عميد كلية الدراسات العليا السابق.
كتاب (قواعد الفقه الكلية) ويقوم بتدريسه مؤلفو الكتاب وهم الدكتور شوقى علام، مفتى الجمهورية والدكتور محمد سالم أبو عاصى عميد كلية الدراسات العليا الأسبق والدكتور رمضان محمد الهتيمى، عميد كلية الشريعة والقانون الأسبق بجامعة الأزهر، والدكتور هانى تمام – مدرس الفقه بكلية الدراسات الإسلامية والعربية.
ويحاضر بالأكاديمية الدكتور ياسر أحمد مرسى، مدرس التفسير وعلوم القرآن بكلية أصول الدين بالقاهرة، إضافة إلى محاضرتين ثقافيتين هامتين الأولى للدكتور مصطفى الفقى رئيس مكتبة الإسكندرية.
وخلال شرحه للمتغيرات العصرية وطرق تناول الداعية للعلم من منظور العصر أكددكتور عبد الله النجار، الأستاذ بجامعة الأزهر، وعضو مجمع البحوث الإسلامية، أن البحث العلمى ليس بالكم بل بالكيف وحجم ما ينتج عنه من منفعة للناس.
وأضاف، أن الرسائل العلمية للماجستير والدكتوراه كانت معتبرة بالحجم والكم والان بأثرها ولو قل حجمها.
وقال النجار، قابلت العالم الدكتور مجدى يعقوب جراح القلب العالمى خلال عملنا ضمن لجنة اعداد الدستور.
واستكمل النجار، وجدته جالسا وحده يتأمل، فقلت له أريد أن أرى أصابعك الذهبية التى تجرى العمليات التى شهد بها العالم.
تأليف 70 رسالة طب عنها كونها أضافت للعلم أمرا جديدا
واردف النجار: فقال لى يعقوب، أن أصابعى زالت بصماتها من كثرة غسيل اليدين، مضيفا أنه حكى له أن الرسائل العلمية لم تعد تعتمد على كبر الحجم لدرجة أن رسالة كانت من ورقة واحدة غيرت نظريات كبيرة فى الطب، وتم تأليف 70 رسالة طب عنها كونها أضافت للعلم أمرا جديدا.
ولفت النجار، إلى أن كتاب قواعد الفقه الكلية الذى تدرسه اكاديمية الدعاة يتناول قضايا مهمة فى صفحات مركزة، ويشرح اهم القضايا الفقهية التى يحتاجها الداعية.