رئيس جامعة القاهرة السابق فى أجرأ حوار لـ"اليوم السابع": "اللى عايزة تتنقب تقعد فى البيت.. وبعض الدعاة واخدين الدين سبوبة.. جابر نصار: الإخوان وضعوا القنابل فى مصليات الفتيات.. السيسى حملته المقادير لإنقاذ مصر

الخميس، 03 يناير 2019 12:25 م
رئيس جامعة القاهرة السابق فى أجرأ حوار لـ"اليوم السابع": "اللى عايزة تتنقب تقعد فى البيت.. وبعض الدعاة واخدين الدين سبوبة.. جابر نصار: الإخوان وضعوا القنابل فى مصليات الفتيات.. السيسى حملته المقادير لإنقاذ مصر حوار جابر نصار
حوار - كامل كامل - تصوير - خالد كامل

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

-  حظر النقاب بالحرم قرار صحيح وأطالب بمنعه فى كل الأماكن العامة.. عبدالناصر أعاد بناء الطبقة الوسطى.. والسيسى حملته المقادير لإنقاذ مصر ودوره سيذكره التاريخ

- برهامى غادر الطب للتشدد.. والحوينى هاجم النقاب بسبب «الفلوس» وتجارته مع التليفزيون لا مع الله

- الإخوان وضعوا القنابل والمولوتوف فى مصليات البنات.. والمساجد الصغيرة منصات لصواريخ التطرف

- التكنولوجيا تدعم خطابات التطرف.. وعلى الدولة وضع بوصلة للخطاب الدينى ومحاربة الإرهاب بالفن

- فترة السبعينيات بداية التطرف والإرهاب.. وفتح المجال للجماعات الدينية خطيئة السادات الكبرى

أربع سنوات قضاها جابر نصار رئيسا لجامعة القاهرة، فى فترة حرجة للغاية سياسيا وأمنيا، وعلى مدار هذه السنوات التى بدأت مطلع أغسطس 2013، قبل فض اعتصامى جماعة الإخوان الإرهابية فى رابعة العدوية ونهضة مصر بعدة أيام، وانتهت آخر يوليو 2017، حقق «نصار» نجاحات عديدة داخل الجامعة، وواجه ملفات معقدة طال أمد تجاهلها، وقاد الجامعة من محطة العوز المادى والعبء على موازنة الدولة، إلى محطة الكفاية والقدرة على تدبير حصة كبيرة من الموارد ذاتيا.
 
رغم تخصصه العلمى فى القانون الدستورى، خاض جابر نصار معركته خلال رئاسة جامعة القاهرة من موقع المفكر ورجل الدولة، وصانع التنوير أيضا، فكان خصما شرسا للجماعات المتطرفة والأفكار الظلامية، واتخذ قرارات صادمة لقطاعات واسعة من المجتمع، تبين لاحقا حجم أثرها الإيجابى فى عصمة جامعة القاهرة من التطرف، وإنقاذها من السقوط فى براثن جماعات الإرهاب والتكفير.. عن هذه السنوات الحافلة بالأحداث، وعن مشاهدات أستاذ القانون وخبراته وما أطلع عليه فى الكواليس ودوائر إدارة الجامعة، كان لـ«اليوم السابع» هذا الحوار معه الذى فجر فيه كعادته مفاجآت تخص الجامعة، وطرح آراء تبدو صادمة، لكنها تجيد النفاذ إلى الجوهر وعبور القضايا الظاهرية إلى المفصليات والركائز، منتقدا الخطابات الدينية الرائجة داخل جماعات العنف والتيارات السلفية، ومُحاكما ياسر برهامى وأبى إسحاق الحوينى، ومطلقا رصاصة سريعة ونظيفة على رأس التطرف والتكفير..
 
حوار جابر نصار (1)
 

من وجهة نظرك كيف نشأ التكفير؟

- نشأ التكفير من جهل المكفرين بالتعامل مع النص، فأى شخص أيا كان عمله يقرأ كتابا ويبدأ التكفير دون علم، لذلك اتسعت رقعة العنف والتدين المتشدد والتدخل فى عقائد الناس ومحاسبتهم، ولا بد من أن تحدد الدولة الخطاب الدينى الذى يجب وصوله للناس، وأن تحدد مرجعية وأساليب ما يدرسه الباحثون، خاصة مسائل الكفر والإيمان والفلسفة والاعتقاد، خاصة أننا نعانى من تضارب الخطابات الدينية، بين خطاب سلفى وخطاب إخوانى وخمسين ألف خطاب داخل الأزهر، وبسبب كل هذا يتعين على الدولة وضع بوصلة للخطاب الدينى حتى نخرج من دائرة التكرف والتكفير.
 

وما المطلوب لتفكيك التطرف؟

- علينا التحدث عمن يحمل الخطاب الدينى ومن يستقبله، فإذا كان المستقبل يحمل فيروسات التطرف فلن يُجدى معه خطاب دينى معتدل، ولا بد من حل هذه المشكلة أولا، النهارده لو رصدت الخطاب الدينى خلال الأربعينيات والخمسينيات والستينيات وأوائل السبعينيات ستجده خطابا معتدلا، يبتغى تعريف المسلم بدينه وتعليمه العبادات والمعاملات، ولكن منذ منتصف السبعينيات بدأ الخطاب الدينى ينحرف باتجاه الحديث عن الجهاد والقتل، لا ننفى أن الجهاد ركن من أركان الدين، لكن السؤال: متى يُستخدم؟ ومتى نعلمه للناس؟! فالحقيقة أننا منذ منتصف السبعينيات نشهد موجة تجهيل وتكفير للمجتمع، فبدأ رواج أفكار سيد قطب وانتقالها لأجيال متعاقبة، هناك من يعلن عن نفسه منها ومن يخفيها عملا بمبدأ التقية، والمدخل الأساسى لعلاج هذه الاختلالات هو عدم إتاحة ما يدرسونه المتخصصون للعوام.
 

ماذا تقصد بفكرة أن يكون متلقى الخطاب الدينى غير مؤهل؟

- أضرب لك مثالا، لدينا فى التراث المعرفى علم يُعرف بـ«علم الكلام»، وهو فلسفة تناقش قضايا عقلية وفكرية تتعلق فى الأساس بموضوعات عميقة وإشكاليات تشغل النخبة، ولا تخص العوام بأى شكل من الأشكال، وعندما تتاح هذه النقاشات والكتب للعامة حاليا فإنها ستؤدى بالضرورة لشيوع خطاب دينى متطرف، بسبب قصور الوعى وعدم القدرة على الإحاطة بمغزاها، بمنعى أنه فى فترة من الفترات كانت هناك نقاشات بين الفقهاء حول مسائل مثيرة تتصل بصفات الله وذاته وقضايا التوحيد، جمع ابن تيمية جانبا منها فى كتاب «التوحيد»، وهذا الكتاب يُفترض أن يكون للخاصة، لكنه عندما يباع على الأرصفة ويتداوله للعامة فإنه سيقودهم للتشدد والتطرف، ومثل هذه القضايا تفرض النظر لملف تجديد الخطاب الدينى بإلحاح.
 

كيف ترى أهمية تجديد الخطاب الدينى التى تدفع لهذا الإلحاح؟

- موضوع تجديد الخطاب الدينى بالغ الأهمية، ليس للدين فقط، وإنما للدنيا أيضا، فكرة تجديد الخطاب الدينى فى الحقيقة لا تكون من الناحية العلمية فقط، فالمشكلة ليست فى الخطاب الدينى القائم، لأن الخطاب المتطرف وغير المنضبط سيظل حاضرا ولن تستطيع التخلص منه أو نزعه من الكتب، مثل مؤلفات ابن تيمية وغيرها من المدونات التى استندت إليها جماعات التطرف، لكن الأهمية تتمثل فى فتح مسارات عقلية تقود الوعى للنظر لهذه النصوص بشكل أعمق وأكثر تطورا، بعيدا عن اجتزائها أو انتزاعها من سياقها.
 

وهل الحل فى تجديد الخطاب الدينى أو تطويره؟

- الحل ليس فى تجديد الخطاب الدينى فقط، وإنما علينا توسيع آفاق المتلقين لتقبل فكرة الاختلاف، واستيعاب أن المسألة الواحدة فيها أكثر من رأى، ليس ضروريا أن يكون أحدها صحيحا والبقية خاطئة، وهذه الغاية يمكن تحقيقها بالفن والثقافة، لهذا علينا استعادة وجدان المصريين، وأحلم شخصيا بأن تتجه الدولة لبناء أكبر مسرح وأكبر مؤسسة ثقافية فى كل إقليم، فنحن فى حاجة ماسة للثقافة والفنون.
 
حوار جابر نصار (2)
 

من وجهة نظرك من المسؤول عن تجديد الخطاب الدينى؟

- المسؤول هو من يملك القرار، وتجديد الخطاب الدينى يجب أن يكون جزءا من منظومة ثقافية متكاملة، كما كانت مصر من قبل، بمعنى ألا يقرأ الناس فى الدين فقط، ويجب على وزارة الثقافة الاضطلاع بدورها والاهتمام بالفنون لاستعادة وجدان المصريين، فنحن غيرنا جامعة القاهرة بهذه الطريقة، كانت لدينا رؤية مفادها أنه بدلا من ترك الطلاب نهبا للأفكار المتطرفة، ليتخرجوا حاملين «المولوتوف» وهم يتصورون أنهم يجاهدون فى سبيل الله، أن يتحولوا إلى مستمعين لعمر خيرت أو محمد منير، أو يقرأون كتابا أو يحضرون ندوة، ونجحنا فى هذا، خاصة أن الأجيال الجديدة تتوفر لها أدوات تكنولوجية يمكن أن تُيسّر هذه المهمة.
 

هل التطور التكنولوجى يمكن أن يسهم فى تجديد الخطاب الدينى؟

- التطور التكنولوجى قد يسهم فى تجاوز المشكلة وقد يتسبب فى تعقيدها، والاحتمال الثانى يرتبط بدور التكنولوجيا فى إتاحة التراث بكل مشكلاته وملاحظاته للجميع، بينما نحن كأشخاص عاديين ليس مطلوبا منّا معرفة هذه الأمور أو التعمق فيها أو التورط فى معاركها ومشاحناتها، فالشخص لكى يمارس دينه يحتاج معرفة كيفية الصلاة والصوم وكف الأذى، وليس أن يكون فقيها أو عالما فى الدين، فوضع الحدود الفاصلة بين العاملين والممارسين للخطاب الدينى عنصر مهم لنجاح فكرة التجديد.
 

وكيف نضمن نجاح فكرة تجديد الخطاب الدينى؟

- لا بد من معرفة المشكلة أولا، وتشخيصها وتكييفها تكييفا صحيحا، فأولى مراحل العلاج الاعتراف بالمشكلة، والحقيقة أن لدينا مشكلة فى التدين، وليست فى الدين، فأى دين عبارة عن عقيدة وعبادات، الاعتقاد يقين لدى كل إنسان وهو حر فيه، لهذا حرصت كل الدساتير على أن تكون حرية الاعتقاد مطلقة، فأنا لا يهمنى ما تعتقد وهل هو صحيح أم خاطئ، لكن يهمنى أن يقودك هذا الاعتقاد إلى تدين مسالم ومقبول لدى المجتمع، وليس إلى التطرف أو الإرهاب، لهذا فالأمر أكبر من تجديد الخطاب الدينى كمسار واحد بمفرده.
 

وما هو المطلوب بالتوازى مع مسار تطوير الخطاب الدينى؟

- مطلوب أيضا أن نجيب عن مجموعة من الأسئلة، أولها: من يتلقى الخطاب الدينى؟ ومن يقدم هذا الخطاب؟ هذه هى المشكلة الحقيقة، لأن من يقدمون الخطاب الدينى إذا كانوا متطرفين فسيصبحون مفرخة للتطرف، وإذا كانوا وسطيين سيُخرجون لنا أتباعا معتدلين، ويتوازى مع هذا الأمر تحديد طبيعة المتلقين، ففى مصر خلال فترة السبعينيات على سبيل المثال عقد الرئيس الراحل أنور السادات مصالحة مع الجماعات الإسلامية، وهو ما كان بداية للتطرف وانتشار الخطاب المتشدد وتحول الأمور باتجاه الإرهاب المسلح، والأزمة أن كثيرين من وجوه هذه الجماعات أصبحوا دعاة ورجال دين، وقادوا طوابير من المتابعين.
 

وهل من الصواب أن يُسلم الإنسان لرأى رجل الدين بشكل كامل؟

- تراث الفقه الإسلامى يعتد بالمذهبية، وهو ما صادر الاختيار والفكر الحر لدى العقل الجمعى وفى وعى الفرد المسلم، بمعنى آخر أن الناس اعتادت التسليم دون تفكير، رغم أن الصحابة كانوا يناقشون الرسول، فتجدهم يقولون له هل هذا وحى من الله لنقول سلمنا ونسمع ونطيع؟ أم رأى نتناقش فيه؟.. هذه هى القضية، النص والرأى، الاعتدال والتطرف، وللعلم عندما خجل الناس من الحديث مع الرسول حدثت مشكلة كبيرة جدا، خلاصتها أن الرسول عندما مر على عمال فى بستان وسألهم ماذا تفعلون، قالوا له نُلقّح النخل، فدعاهم لترك الأمر، ففسد محصول التمر، لأنهم اعتبروا كلام الرسول بشأن الأمر وحى من عند الله، لهذا علينا إذا كنا نريد إنهاء مشكلة التطرف أن ندفع الناس للتفكير وليس التسليم الذى يقود إلى سلب الإرادة.
 
حوار جابر نصار (3)
 

هل تعتمد الجماعات المتطرفة على سلب إرادة المتلقين؟

- الجماعات المتطرفة، مثل الإخوان والسلفيين وفروعهما، خاصة أن كل التيارات المتطرفة فى الساحة انبثقت عن الإخوان، كلها قائمة على فكرة السمع والطاعة وعدم النقاش، وإلغاء العقلية الفردية والتمايز الشخصى. وقد أقام حسن البنا مؤسس الإخوان، عماد التنظيم على قاعدة واضحة، أصبحت القاعدة لكل التنظيمات الفاشية والمتطرفة، وهى أن «الأخ بين يدى مرشد كالميت بين يدى مُغسّله»، لهذا فعندما بأمر الشيخ المتطرف أتباعه بارتداء أحزمة ناسفة لا يناقشونه، ويُنفذون دون تردد.
 

وما رأيك فى برامج الفتاوى التى تذيعها قنوات التليفزيون؟

- عبث، الأصل فى الأشياء الإباحة، لكن أن تطلب رأى الدين فى كل شىء فهذا أمر غير صحيح، رسول الله فى خطبة الوداع سلك مسلكا عظيما، فكان يرد على كل من يسأله فى عمل خالف فيه الآخرون يقول له «صحيح»، ومعنى ذلك التوسعة على الناس، وليس كما يحدث حاليا من تشدد وتحريم للحياة، التدين ليس بشكله أو كثرة مظاهره، فمن آيات التطرف فى مجتمعنا أن يتسلط شخص على آخر ويقول له أنت تفعل المحرمات، رغم أن كل شخص حر وسيُحاسب بمفرده، فالتدخل التفصيلى فى حياة الناس وإرهابهم بخطاب الحلال والحرام هو المدخل الأساسى للتطرف والإرهاب، وظهور أطباء على الشاشات يفتون فى مسائل الدين من حواشى التطرف، لا يصح أن يخرج طبيب مرتديا جلبابا قصيرا ومُطلقا لحيته ليصبح رجل دين ويمتلك منصة يصادر منها حياة الناس، الدولة عندما أنفقت على تعليمه أرادت أن يكون طبيبا يعالج المواطنين، وليس متطرفا يضيق عليهم حياتهم، هذا بالإضافة إلى الدعاة الجدد الذين يتخذون الدين «سبوبة» للتكسب، وهناك قاعدة أن أى إنسان يتخذ الدين سبوبة للتكسب كاذب، لأن الرسول لم يتكسب من الدين، ومات فقيرا مثل كل الأنبياء، فالذى يعمل بالدين ويتكسب ويحقق ثراء فاحشا منه «لا دين ولا تدين» له، والأمر تجارة كتجارة المخدرات وتسقيع الأراضى، فالذين يظهرون على الشاشات لمخاطبة الناس ودغدغة مشاعرهم يمارسون البيزنس لا الدعوة، فلو كانت الأديان مهنة لتربح منها الأنبياء.
 

هل تقصد إغلاق برامج الفتاوى الدينية؟

- ليست المسألة الإغالق، وإنما تحول الدين إلى سبوبة، فأخطر شىء على الدين استغلاله وتحويله إلى مهنة وباب رزق، وللأسف أحد شباب الدعاة وصل أجره فى المحاضرة إلى 50 ألف دولار، والمنطق أن من يتاجر فى الدين يقدم البضاعة على «مزاج الزبون» للحصول على الأموال، وأضرب لك مثالا على حديثى بأحد رجال السلفيين الكبار الذى نشر مقطع فيديو بعد قرار منع النقاب داخل جامعة القاهرة، يسبنى ويهددنى، بينما أيدت المحكمة الإدارية العليا القرار، وأثناء بحثى عن الفيديو وجدت مقطعين، الأول فى فترة الإخوان عندما انتشرت القنوات الدينية وظهرت عليها منتقبات يعلمن المشاهدين التجويد، وفيه خرج هذا الشيخ مهاجما النقاب والمنتقبات.
 

أعتذر لمقاطعة حديثك.. من هو الشيخ الذى تتحدث عنه؟

- أبو إسحاق الحوينى. ورغم هجومه على النقاب عندما هدد مصالحه الخاصة، بالقول: «طلعت لينا واحدة منقبة تعلم تجويد، طيب إزاى تعلمى تجويد وأنتِ منقبة، وإزاى الناس هتشوف مخارج الحروف»، لكنه بعد قرار منع النقاب داخل الجامعة هاجمنى، رغم أن المبرر واحد، فلماذا وقع هذا الشيخ فى التناقض؟! الإجابة هى المصلحة الشخصية، فعندما هددت المنتقبات مكاسبه المالية هاجم النقاب، وعندما أخذنا قرارا يدفع للتنوير ويحاصر خطابه هاجمنا، والموضوع ليس تجارة مع الله وإنما تجارة مع التليفزيون والمكاسب المادية.
 

كيف نتعامل مع كتب التراث الدينى؟

- كتب التراث إرث يتضمن فهما لأصول الدين، وهو منجز ثقافى ومعرفى للثقافة العربية، لكن جزءا من هذا الإرث كان نتيجة تفاعلات الحياة فى هذا الوقت، وبالتأكيد لا يصلح لأوقات وحيوات أخرى، لهذا علينا أن نكون واعين بهذه القاعدة عندما ننقل من كتب التراث، فما يلبسه الأب قد لا ينفع الابن، والأفكار ليست أصناما نعبدها ولا كعبة نطوف حولها، وإنما هى إرث يعبر عن عقول فهمت النص بطريقة معينة قديما، ومن حقنا أن نفهمه بطريقة تتماشى مع عصرنا الآن، لهذا من الغريب أن يستشهد المتحدثون فى الفقه حاليا بآراء ومسائل مرت عليها 1000 سنة، ويتركون أمثلة معاصرة من واقع الناس وحياتهم. بينما علينا أن نفهم النص وفق ظروف واقعنا والبيئة التى نعيش فيها.
 
حوار جابر نصار (4)
 

البعض يرى فى الإصرار على التمسك بالتراث مصادرة للحقوق.. ما قولك؟

نعم، هى مصادرة على حقنا فى فهم النص بطريقتنا، لهذا فإن تجديد الخطاب الدينى لا يمكن أن يكون منتجا إلا إذا أجبنا 3 أسئلة: الأول ماهية الخطاب الدينى المراد تجديده، والثانى هوية من يقدم الخطاب الدينى، والثالث هوية من يتلقى هذا الخطاب، ولنا تجربة مهمة فى جامعة القاهرة، عندما كانت الجامعة تحتضن أكثر من 400 مصلٍ وزاوية، وكانوا يفترشون أى مكتب للصلاة، والمشكلة ليست فى أداء الصلاة وإنما تحويل هذه الزوايا إلى منصات لإطلاق صواريخ التطرف على عقلول الطلاب، فتجد عدة زوايا تابعة للسلفيين، وأخرى للإخوان، وغيرها للجهاديين، ورابعة لداعش، وكله يحشو عقول الطلاب بأفكاره، ما يخلق موجة من التشدد بين الطلاب ويفسد الاعتقاد، لهذا أزلنا كل هذه المصليات وتركنا «جامعا» واحدا.
 

وما كواليس هذا القرار وأخطر ما رأيتموه؟

- كانت هذه الزوايا سببا فى مشكلة كبيرة، فقد كنا نجد داخلها قنابل وزجاجات مولوتوف، لهذا أخذنا قرارا مؤلما للتيارات المتطرفة بإغلاق الزوايا داخل الجامعة، وتخصيص مسجد كبير للصلاة، وقتها «فى العام الدراسى 2013/ 2014»، كنا نفتش المصليات المنتشرة داخل الجامعة، خاصة مصليات البنات، ونجرى عملية تعقيم بين 12 صباحا و5 فجرا، وكنا نجد «بلاوى»، ولم نعلن وقتها، لأن الإعلان كان من الممكن أن يُخيف الطلاب ويمنعهم من القدوم للجامعة، ومن خلال تعاملنا الهادئ مع الأمر سيطرنا على هذه المساحات المنفلتة التى كانت الجماعات المتطرفة، وعلى رأسها الإخوان، تسيطر على الطلاب من خلالها، وتحقق أغراضها من خلال توظيف الصلاة كجلسات حقن دورية للطلاب بالتشدد والخطاب المتطرف، وهو ما بدا واضحا بتنامى معدلات ارتداء الطالبات للنقاب.
 

بمناسبة الحديث عن النقاب.. كيف تقيم الآن قرارك السابق بمنعه من الجامعة؟

- كان قرارا صحيحا، والدليل أن القضاء أيده، وأنا أطالب بتعميمه على مصر كلها، بمنع النقاب فى الأماكن العامة، فهو مظهر سياسى بالدرجة الأولى، ولا أفهم كيف يمكن أن تُدرس منتقبة لطفل فى رياض الأطفال، لهذا فإن أى حديث عن التطوير دون التصدى لهذه المشكلات وتفاصيلها لن يكون مُجديا.. لقد حاربنا التطرف فى جامعة القاهرة بالفنون الشعبية والندوات الثقافية، ردا على الشيوخ الذين يُحرمون الفن والحياة بأكملها، ويهدمون الإنسان بدلا من بنائه.
 

إذا تحدثنا عن بناء الإنسان.. من أين يبدأ؟

- من التعليم، فما يميز الإنسان عن غيره من الكائنات هو العقل والوعى والمعرفة، وكلها نتاج التعليم.
 

هل إعادة بناء الإنسان مسؤولية الدولة أم المواطن؟

- الدولة أولا، وهى صاحبة مصلحة مباشرة فى بناء الإنسان، لهذا عليها معالجة المشكلات الأساسية للتعليم، من عينة كثافة الفصول وحالة المناهج، كما نحتاج إلى ثقافة عميقة وواسعة الانتشار، فبناء الإنسان لا يتم إلا ببناء الوجدان وتنمية قدرة المواطن على التفكير.
 
حوار جابر نصار (5)
 

فى نهاية الحوار سأذكر لك أسماء وعلق عليها بجملة.. الرئيس السيسى

رجل جاءت به المقادير لإنقاذ مصر، وتحمل كثيرا، وخاض معركة إصلاح تتميز بالجرأة، واضطلع بدور كبير جدا سيذكره له التاريخ.
 

جمال عبدالناصر؟

- زعيم تاريخى، أُقدّر دوره فى تدشين الطبقة الوسطى ومساندتها، بعدما كان «الحفاء» مشكلة غالبية الشعب المصرى.
 

السادات

- كان رئيسا وطنيا، يُحسب له قرار العبور، لكن أعتقد أن مهادنته للإخوان كانت خطيئته الكبرى، فالإخوان الجماعة الأم لكل التيارات الإرهابية.
 

ياسر برهامى

- ترك الطب لأمور أخرى، لدينا فى مصر الأزهر الشريف ووفرة فى علماء الدين، ولم نكن نحتاج لمثل هذه الاتجاهات التى سممت تدين الناس، وتطرفت وتشددت دون داعٍ، واستوردت فهما للدين من الصحراء، ولا يمكن أن يتلاءم مع البيئة المصرية.
 
حوار جابر نصار (6)
 
P.5
 

 









الموضوعات المتعلقة


مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة