لم تتوقف حروب التجسس بين روسيا والصين من جهة، وأوروبا والولايات المتحدة من جهة أخرى، بالرغم من أنها تراجعت عن الواجهة بعد انتهاء الحرب الباردة بين الاتحاد السوفيتى والولايات المتحدة منتصف التسعينيات. لكن هذه الحرب تجددت بقوة خلال العام الماضى، ويبدو أنها سوف تستمر خلال العام الجديد.
موسكو أعلنت عن اعتقال الأمريكى بول ويلان بتهمة التجسس، وقال جهاز الأمن الفيدرالى الروسى، إنه تم توقيف الأمريكى ويلان وهو جندى سابق بالبحرية الأمريكية، زار موسكو قبل عشر سنوات وارتبط بعلاقات صداقة مع جنود روس. وأن الجاسوس متهم بارتكاب أعمال تجسس وإقامة علاقات داخل موسكو طوال سنوات.
الإدارة الأمريكية نفت أن يكون ويلان جاسوسًا، وقالت إن القضية جاءت ردًا روسيًا على محاكمة واشنطن للعميلة الروسية ماريا بوتينا.على خلفية اتهامات أجهزة الاستخبارات الأمريكية لروسيا بالتجسس والتدخل الإلكترونى فى الانتخابات الأمريكية.
بريطانيا تصر على اتهام موسكو بمحاولة اغتيال الجاسوس الروسى السابق والمقيم فى بريطانيا سيرجى سكريبال، وابنته يوليا، بالغاز وهى التهمة التى تنكرها روسيا.
اللافت للنظر أن الأمريكيين الذين كانوا دائمًا متهمين بالتجسس والتدخل فى السياسات والانتخابات الروسية، هم من صعدوا من الاتهامات للروس بالتجسس والتلاعب فى مواقع التواصل وتوجيه الرأى العام الأمريكى. وفى نفس الوقت اتهمت المستشارة الألمانية آنجيلا ميركل موسكو بالتدخل فى الانتخابات الأوروبية. وهى اتهامات كانت محجوزة للمخابرات المركزية الأمريكية منذ نهاية الحرب العالمية الثانية.
لكن الاتهامات لموسكو بالتجسس امتدت لتشمل الصين، وهناك تقارير غربية وأمريكية تحذر من تدخلات صينية فى السياسات الغربية.واتهمت بلدان أوروبا بكين بممارسة سرية للضغوط السياسية، وتجنيد عملاء لمصلحتها. ووصل الأمر إلى اتهام الصين بالتدخل فى السياسة الداخلية لأستراليا، هو السبب فى إعداد قانون جديد فى البلد ضد التجسس. وعقد البرلمان الأسترالى جلسات استماع شهدت اتهامات للصين بمحاولة خلق شبكة نفوذ سرية فى البلاد من السياسيين ورجال الأعمال المحليين وإقناع السلطات باتخاذ قرارات مفيدة لبكين. وتزامنت هذه الاتهامات التى أطلقت بداية العام الماضى مع اتهامات مماثلة ضد الصين من نيوزيلندا والولايات المتحدة.
وفى جميع الحالات، نفت الحكومة الصينية أى محاولات للتأثير على سياسات الدول الأخرى أو مراقبة مواطنيها الذين يعيشون أو يدرسون فى الخارج.
وسخر باحث روسى فى مركز موسكو الحكومى للدراسات الشرقية، هو إيجور دينيسوف من اتهامات الغرب للصين، قائلا «إن البحث عن جواسيس صينيين يشبه على نحو متزايد البحث عن قراصنة روس، وطبيعى أن الصين، مثل أى دولة كبرى أخرى، تقوم بأنشطة استخباراتية». لكن هذا النفى لم يمنع من تواصل القلق الأمريكى والغربى من أنشطة الصين. بينما ترد بكين بأنها مثل أى دولة فى العالم تسعى لمتابعة مصالحها وحمايتها والبحث عن استثمارتها. أما الاتهامات بالتجسس فى محاولة لإخفاء العداء الغربى للنمو الاقتصادى الصينى.
ويظل الصراع المعلوماتى مرتبطًا بالاقتصاد وليس فقط بالتجسس السياسى، خاصة أن أوروبا وأمريكا تتهم الصين بسرقة المعلومات الصناعية. وترد الصين بأن أمريكا كانت أكثر الدول إطلاقًا لعمليات التجسس الشاملة التى تتعلق بالصناعة وأيضًا بالسياسة والتسلح والمعلومات العسكرية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة