زيارة تاريخية تنتظرها الإمارات، حيث تستقبل مطلع الشهر المقبل كلاً من قداسة البابا فرانسيس بابا الفاتيكان، وفضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر فى الفترة ما بين 3 لـ5 فبراير، فى زيارة تجسد الدور الرائد الذى تؤديه الإمارات المتحدة كدولة رائدة فى التسامح والأخوة الإنسانية.
وفى إطار الاستعداد للزيارة تم أمس إطلاق الشعار الرسمى للقاء الذى سيجمع القطبين الدينيين الكبيرين على أرض الإمارات باسم "لقاء الأخوة الإنسانية"، ليعكس الشعار قيم التآخى والمحبة والسلام والتعايش السلمى بين الشعوب.
وعن هذا الحدث، أكد جيمس وات سفير بريطانيا السابق فى مصر والأردن أن زيارة قداسة البابا فرنسيس، بابا الكنيسة الكاثوليكية، المقبلة إلى دولة الإمارات العربية المتحدة استمراراً لتاريخ راسخ من قيم التسامح والتعايش أرساها قادة الإمارات، وحافظت عليها الدولة مع تمسكها بمتطلبات الحداثة الفائقة.
وأضاف وات فى مقال له بجريدة "البيان الاماراتية" أن الزيارة تعد استمراراً لتاريخ راسخ من قيم التسامح والتعايش أرساها قادة الإمارات، وحافظت عليها الدولة مع تمسكها بمتطلبات الحداثة الفائقة.
وتابع بقوله "قبل تأسيس دولة الإمارات العربية المتحدة في عام 1971، وضع الحكام في أبوظبي ودبي آنذاك سياسة قائمة على الاحترام والترحيب بالعمال المسيحيين المغتربين الذين كانوا قد بدأوا في الوصول بأعداد كبيرة في أعقاب اكتشاف النفط.
وقد منح الراحل الشيخ شخبوط بن سلطان آل نهيان، حاكم أبوظبى آنذاك، أرضاً فى عام 1965 لبناء كنيسة كاثوليكية لما أصبح الكورنيش فيما بعد. وتبرع من بعده المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، بمساحة أكبر فى منطقة مشرف، حيث أقيمت كنيسة أكبر، بل كاتدرائية فى الحقيقة، حيث كانت هناك حاجة إليها لاستيعاب الأعداد المتزايدة من المسيحيين الكاثوليك. والعديد منهم من الهند والفلبين وأفريقيا. وافتتحت الكنيسة أبوابها عام 1983، وأتذكر حضورى حفل الافتتاح بصفتى دبلوماسياً شاباً فى أبوظبى. وفى دبى، منح بدوره المغفور له بإذن الله الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم أرضاً لأول كنيسة فى منطقة بر دبى، تم افتتاحها عام 1967.
كانت تلك الخطوات متسقة تماماً مع المواقف المنفتحة للحكام التى تتسم بالكرم. لقد وضعوا السكة على المسار الذى سيصبح واحداً من الأسباب الأساسية لنجاح الإمارات كمجتمع متسامح منفتح. لم يكن محتماً أن تجرى الأمور بهذه الطريقة.
قرار معاملة المسيحيين باحترام اكتسب المزيد من الأهمية مع الوقت، بالنسبة إلى دولة الإمارات العربية المتحدة، أصبح التسامح الموضوع الرئيسى المحدد لما تطمح إليه البلاد، والقيم التى ترغب فى عرضها أمام العالم. فى عام 2016، تم استحداث منصب وزير دولة للتسامح يتولاه معالى الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان. كما تم إعلان عام 2019 عاماً للتسامح.
زيارة قداسة البابا فرنسيس، بابا الكنيسة الكاثوليكية، تنسجم مع ذلك تماماً. فقد جعل مناصرة الفقراء موضوع بابوتيه، ليس هذا فحسب، بل أيضاً الدفاع عن الفهم والانسجام الحقيقى بين المسيحية والإسلام. وعندما أثار سلفه، البابا بنديكت السادس عشر، غضباً عارماً فى العالم الإسلامى بخطابه السيئ فى ريجنسبرغ عام 2006، تحدث البابا فرنسيس من بلده الأرجنتين فى ذلك الوقت ضد الخطاب.
وتجاهل التوبيخ الذى أصدره الفاتيكان وأقام مجلساً بين الأديان مستقدماً المسيحيين والمسلمين واليهود معاً. ومنذ تولّيه البابوية عمل دون كلل من أجل تحقيق الاحترام والوئام، معلناً أن الإسلام هو دين السلام. وعلى خلفية فظائع المتطرفين الأخيرة التى ارتكبت عن خطأ باسم الإسلام، والاستياء المتزايد من هذه الظاهرة، فقد حملت رسالة قداسة البابا فرنسيس أهمية خاصة.
ليست تلك الرسالة فحسب التى تجعله يحظى بجاذبية لكل المسلمين ذوى التفكير المتعمق المنفتح، بل طريقة حياته نفسها، بالتشديد على البساطة والطبيعية وحبّ الإنسانية التى تشكل روابط قوية.
وأكد قداسة البابا فرنسيس دائماً على الوقائع أكثر من الأفكار. ويدرك الكثير من المسلمين القصة المرتبطة باسمه، سانت فرنسيس الأسيزى، الذى عاش حياة من البساطة والتقوى، والذى زار مصر فى عام 1219 للقاء السلطان والتشاور معه خلال فترة من المواجهة العسكرية المطولة بين القوى المسلمة والمسيحية. وقد بشر بالسلام والتفاهم والاحترام للإسلام عند عودته إلى إيطاليا.
لقد أظهر قادة الإمارات التزاما أكبر وأكبر بالتفاهم والتناغم بين الأديان. ويبدو من الصائب أن يجرى الاعتراف بجهودهم لما سيشكل زيارة رائعة. هناك عدد قليل جداً من الأصوات التى تطرح للتفاهم الدينى، على الرغم من الحاجة الملحة لها فى العالم المعاصر، هذه المناسبة تستحق أن تُفهم بكل ما تحمله من أهمية، ووعد بمستقبل أفضل".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة