"الشرق شرق والغرب غرب ولن يلتقيا أبدًا"، هكذا بدأ كلاوديو لو ياكونو، رئيس معهد الدراسات الشرقية بروما حديثه في اللقاء الفكري بالقاعة الرئيسية بمعرض الكتاب.
البروفيسور الإيطالي أكد ان الدراسات الاستشراقية والمعرفية، بدأت من القرن الثاني عشر عندما أدرك الغرب ضرورة التقارب المعرفي بين الشرق للغرب، فكانت البداية مصاحبة لصحوة الغرب حين أدرك الأهمية الكبيرة للكتب العربية في الفلك والرياضيات، ولا ننسى أبدًا العالم الفلكي ابن جابر والخوارزمي في الرياضيات الذين قدموا خدمات جليلة للإنسانية والثقافة، فلازالت إيطاليا تستخدم الأرقام العربية الهندية، وهناك أيضًا نقطة مهمة وهي وجود الفاتيكان الذي يهتم بالداراسات الإسلامية والقرآن، وحفز الفاتيكان نفسه على إقامة مراكز لدراسة اللغة العربية في جامعات أوروبية وعن طريق المراكز البابوية تمت ترجمة القرآن الكريم، وكذلك ترجمة العديد من كتب التراث الإسلامية، ولا يخفى على أحد الأقسام العربية في الجامعات العريقة في إيطاليا، إذ عرفت إيطاليا العالم والإسلامي والعربي قبل تاريخ 1979".
ترجم الحوار من الإيطالية إلى العربية الدكتورة نجلاء والي أستاذة اللغة العربية وتقنيات الترجمة بجامعة تورينو.
قالت الدكتورة نجلاء والي، أن الضيف يعمل أستاذًا للتاريخ الإسلامي بجامعة نابولي في 1976 حتى 2011، له العديد من المؤلفات منها؛ "بعث العالم العربي في الفترة 1970-1988"، وتاريخ العالم الإسلامي وآخر كتبه "محمد خاتم الأنبياء"عام 2011، ويشغل حاليًا رئيس معهد الدراسات الشرقية بروما.
والمعهد دشن ثلاث سلاسل لترجمة الأدب العربي والأعمال الكلاسيكية، وتاريخ الأدب العربي بالتعاون مع الهيئة المصرية للكتاب.
وحول أشهر أربعة مستشرقين إيطاليين درسوا الأدب العربي في القاهرة، ودرس على أيديهم عميد الأدب العربي طه حسين، قال "العلاقات بين مصر وإيطاليا قوية منذ العصر المملوكي زادت هذه الروابط في عهد محمد علي باشا الذي بنى مصر الحديثة، فقد عُرف بسياسته الانفتاحية ما شجع العديد من الإيطاليين للسفر إلى مصر، وخاصة بعد إنشاء الجامعة المصرية الخديوية في عام 1908".
وذكر المستشرق الإيطالي موقفًا يؤكد اهتمام المصريين بالعلم والعلماء الأجانب، وقال "كان جويدي ضعيف الصوت ولم يكن هناك ميكرفونات، فعينت له الجامعة المصرية، أحد المصريين ليردد بصوت جهوري ما يقوله الأستاذ ويعيد الدرس على الطلاب"، مشيرًا إلى أن الحفاوة التي وجدها (جويدي) وحسن الاستقبال العظيم في مصر شجعه على دعوة زملاء آخرين له كان منهم؛ الفونسو نالينو (أستاذ طه حسين)، وجيرادو ميلوني، اينيستتو جويدي، ودافيد سالتيلانا، درس على أيدي هؤلاء الأربعة المستشرقين، طه حسين عميد الأدب العربي، والكاتب الكبير أحمد أمين.
وأكد المستشرق الإيطالي أن تاريخ الشرق والغرب ليس مليئًا بالحروب والصراعات فحسب، وهناك ثمة صفحات بيضاء في تاريخ الحضارتين، وقال "من خلال دراستي وجدت أنه على الرغم من كثرة الحروب تاريخيًا إلا أن ثمة تبادل ثقافي والتجار في زمن الخلافة الفاطمية وكان هناك 4 مراكز رئيسية في إيطاليا والتي كانت تعج بالتبادل التجاري مع مصر وبلدان شمال أفريقيا وذلك قبل ألف عام".
وتحدث عن "معهد الدراسات الشرقية"، وقال "هو بيتي الأول فقد دخلته عام 1964 ولم أخرج منه حتى الآن، فهو تأسيس عبقري ففي عام 2021 سنحتفل بمئوية هذه المعهد وفكرة إنشائه كانت محاولة للاقتراب من العالم العربي ليس على أساس أنها ثقاقة مسلية أو غريبة، ولكن باعتبار أن الحضارتين يشكلان حلقة وصل مهمة".
وأشار إلى أن المعهد من مميزاته أنه يضم دار نشر ومجلة "الشرق الحديث"، وهذه المجلة تعتمد في نشراتها على التواصل المباشر مع المصادر الإعلامية المصرية والعربية من خلال الجرائد والمجلات التي تصدر في العالم العربي وترجمتها، موضحا: أن المعهد لديه مكتبة عظيمة تضم 30 ألف مجلد فقط عن العصر الأدبى الحديث، و15 ألف مجلد عن كتب التراث والأدب القديم.
وحول اهتمامات المستشرقين الإيطاليين بعد حصول نجيب محفوظ على جائزة نوبل، قال "بالطبع ساهم فوز نجيب محفوظ بنوبل على التركيز أكثر على إبداعه والأدب العربي عمومًا، لكن في الوقت نفسه، إيطاليا ترجمت لنجيب محفوظ الكرنك وتحت المظلة قبل فوزه بنوبل".
وعن معرض القاهرة الدولى للكتاب في مقره الجديد، قال "ذُهلت عندما زرت معرض القاهرة في مقره الجديد بالتجمع الخامس، فقد زرت معرض الكتاب في مقره القديم أربعة مرات، ولكن للوهلة الأولى شعرت بالحيرة والإعجاب الشديد".
ورأى المستشرق الإيطالي أن المعرض بهذا الشكل أكثر تنظيما ومريح للعين، كذلك من ناحية العرض والمساحات الواسعة، وتعدد دور النشر والفعاليات الثقافية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة