قررت المحكمة الدستورية العليا، برئاسة المستشار الدكتور حنفى على جبالى، رفض الدعوى التي أقيمت طعنًا على نص المادة (8) من قانون تنظيم بعض أوضاع وإجراءات التقاضى فى مسائل الأحوال الشخصية الصادر بالقانون رقم 1 لسنة 2000 والتي تنص على أن " لا تُقبل دعوى الوقف أو شروطه أو الإقرار به أو الاستحقاق فيه أو التصرفات الواردة عليه ما لم يكن الوقف ثابتًا بإشهاد مشهر وفقًا لأحكام القانون.
ولا تُقبل دعوى الوقف أو الإرث عند الإنكار متى رفعت بعد مضى ثلاث وثلاثين سنة من وقت ثبوت الحق فيه، إلا إذا قام عذر حال دون ذلك، وإذا حُكم بعزل ناظر الوقف أو ضم ناظر آخر إليه، تعين المحكمة فى الحالتين بحكم واجب النفاذ ناظرًا بصفة مؤقتة إلى أن يُفصل فى الدعوى بحكم نهائى".
وأقامت المحكمة حكمها، على سند من أن ما ينعاه المدعى بصفته على النص المطعون فيه من إخلاله بمبدأ المساواة تأسيسًا على أنه قد مايز بين المسجد والكنيسة فى شأن وجوب شهر الإشهاد على الوقف فاشترطه بالنسبة للكنيسة دون المسجد، على الرغم من أن كليهما من دور العبادة، التى يتعين التماثل فيما بينهما من حيث الأحكام المطبقة على كل منهما، فمردود بما جرى عليه قضاء هذه المحكمة من أن الدساتير المصرية المتعاقبة بدءًا بدستور 1923، وانتهاء بالدستور القائم، رددت جميعها مبدأ المساواة أمام القانون، وكفلت تطبيقه على المواطنين كافة، باعتباره أساس العدل والحرية والسلام الاجتماعى، وعلى تقدير أن الغاية التى يستهدفها تتمثل أصلاً فى صون حقوق المواطنين وحرياتهم، فى مواجهة صور التمييز التى تنال منها أو تقيد ممارستها.
وأشارت المحكمة: وأضحى هذا المبدأ - فى جوهره - وسيلة لتقرير الحماية القانونية المتكافئة، التى لا يقتصر نطاق تطبيقها على الحقوق والحريات المنصوص عليها فى الدستور، بل ينسحب مجال إعمالها كذلك إلى الحقوق التى يكفلها المشرع للمواطنين فى حدود سلطته التقديرية، وعلى ضوء ما يرتئيه محققًا للمصلحة العامة. وأن مبدأ المساواة أمام القانون يفترض عملاً يخل بالحماية القانونية المتكافئة، إذا كان منسوبًا إلى الدولة سواء من خــــلال سلطتها التشريعية أم عن طريق سلطتها التنفيذية، بما مؤداه أن أيًّا من هاتين السلطتين لا يجوز أن تفرض تغايرًا فى المعاملة، ما لم يكن مبررًا بفروق منطقية يمكن ربطها عقلاً بالأغراض التى يتوخاها العمل التشريعى الصادر عنهما. وليس بصحيح القول بأن كل تقسيم تشريعى يعتبر تصنيفًا منافيًا لمبدأ المساواة، بل يتعين دومًا أن يُنظر إلى النصوص القانونية باعتبارها وسائل حـددها المشرع لتحقيق أغراض يبتغيهــا، فلا يستقيم إعمال مبدأ المساواة أمام القانون إلا على ضوء مشروعيتها، واتصال هذه الوسائل منطقيًا بها.
وأضافت المحكمة: ولا يُتصور بالتالى أن يكون تقييم التقسيم التشريعى منفصلاً عن الأغراض التى يتغياها، بل يرتبط جواز هذا التقسيم بالقيود التى يفرضها الدستور على هذه الأغراض، وبوجود حد أدنى من التوفيق بينها وبين طرائق تحقيقها. متى كان ذلك، وكان النص المطعون فيه قد جاء بقاعدة عامة مجردة، ولم يتضمن أية مغايرة فى أحكام الوقف بين المسجد والكنيسة، من حيث وجوب شهر الإشهاد على التصرف بالوقف على أى منها، ولا يقيم تمييزًا بينهما، بل ساوى بينهما فى هذا المجال، ومن ثم يبرأ من قالة الإخلال بمبدأ المساواة المنصوص عليه فى المادة (53) من الدستور، وحيث إن النص المطعون فيه لا يتعارض مع أى حكم آخر فى الدستور.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة