أكرم القصاص

ثغرات وعلامات الفساد فى المحليات.. ولا أحد يسأل المرتشى من أين لك هذا؟

الأحد، 06 يناير 2019 07:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
جدد سقوط رئيس حى مصر القديمة بالرشوة طرح موضوع الفساد والرشوة خاصة فى المحليات، حيث يبدو الفساد قاعدة والاستقامة استثناء، مع عدم التعميم.. فقد تم القبض على رئيس حى مصر القديمة متلبسا برشوة أكثر من مليون جنيه، وغالبا قبل الرشوة الأخيرة هناك عشرات الرشاوى مرت، بما يعنى أن رئيس الحى يمكن أن يحصل على عشرات وربما مئات الملايين، والدليل أن محافظ المنوفية المسجون بعد إدانته بالرشوة حقق 50 مليون جنيه فى عام واحد، ومثله رؤساء الأحياء الذين سقط بعضهم بمليون أو أكثر أو أقل، بينما مرت الرشاوى عشرات وربما مئات المرات.
 
ومثل رئيس حى مصر القديمة هناك رؤساء أحياء سابقين تم القبض عليهم بالرشاوى، منهم رؤساء أحياء الهرم والدقى والتجمع الخامس وحى المستثمرين بالرحاب وروض الفرج، وأيضا نائبة محافظ الإسكندرية، ومحافظ المنوفية السابق، والرشاوى أموال وعقارات وسيارات وذهب وهدايا متنوعة.
 
وفى الإسكندرية وكل الأحياء والمدن التى سقط فيها مرتشون، هناك آلاف المخالفات والإشغالات تمثل نصبا تذكاريا للرشوة والفساد العلنى، وفى كل حى ومدينة مخالفات تشير إلى الفساد فى كل ركن، وتخرج لسانها، بل إن المخالفين يحصلون على التراخيص، والملتزمين تتعطل أعمالهم.
 
ويبدو من استمرار الرشوة والفساد أن العقوبات لا تمثل ردعا للفاسد المحتمل. محكمة الجنايات أصدرت حكما بالسجن 10 سنوات على محافظ المنوفية السابق، وغرامة 15 مليون جنيه بعد ثبوت تهمة الرشوة، وبالرغم من شدة العقوبة الظاهرة، فإنها لا تبدو رادعا للفاسدين الجدد والفساد يتواصل ويستمر، مع الأخذ فى الاعتبار أن هذه أقصى عقوبة وغالبا تتراوح الأحكام بين 3 و10 سنوات.
 
محافظ المنوفية السابق بعد القبض عليه، فحض جهاز الكسب غير المشروع ثروته، واكتشف أنه يمتلك 7 شقق بأكثر من 7 ملايين جنيه، و11 سيارة، و25 مليون جنيه أموال سائلة بالبنوك، وكون هذه الثروة خلال عام واحد فقط هو عام 2017، وفى كل رئيس حى يتم ضبطه يكتشف جهاز الكسب أنه حصل على ملايين خلال شهور، وأن القضية التى يتم ضبطها فقط هى التى تظهر، وبعضهم ينجح فى إخفاء المال الفاسد. ولعل هذه الملايين التى يكدسها الفاسدون هى التى تخفف من الشعور بالردع، حيث إن المحافظ حصل على ثروة 50 مليونا فى عام، ومثله موظفو أحياء ومدن، هؤلاء ربما لا تردعهم أحكام بالسجن لعشر سنوات أو أقل، وبالتالى هناك إغراء الملايين السهلة مع ضعف العقوبة نسبيا. فضلا عن أن الضبط غالبا يكون بناء على بلاغ، وهو أمر لا يحدث كثيرا.وأغلب القضايا التى يتم ضبطها إما بناء على بلاغات أو بالمصادفة، ومع عدم إنكار دور الأجهزة الرقابية، لكن هذه الأجهزة لا يمكن أن تضع رقيبا وراء كل موظف حى أو إدارة هندسية، ومن الواضح أن المسؤول الفاسد فى محافظة أو حى أو مدينة يسمح بالفساد لمرؤوسيه، وبالتالى يعم الإهمال والتغاضى عن المخالفات الكبيرة والتمسك بالمخالفات الصغيرة، بل تعطيل مصالح من لا يدفع.
 
ومثل المحافظ هناك رؤساء مدن وأحياء، وتحتهم موظفون ومهندسو إدارات هندسية، وهى بؤر دائمة للفساد، وغالبا لا يتم فحص ثروات هؤلاء بالرغم من تضخمها الظاهر، وغالبا ما يكون الفاسدون معروفين للناس، وغالبا ما تتضخم ثرواتهم أمام الأعين، ومع هذا يستمر بعضهم فى الفساد باحتراف، ولا أحد يسأل الموظف المرتشى فى الحى أو المدينة «من أين لك هذا؟»، ثم إن إعفاء الراشى من المسؤولية الجنائية يجعل الباب مواربًا للفساد، مع الأخذ فى الاعتبار أن هناك راشين يضطرون للدفع من أجل تسيير مصالحهم، وبعضهم يكون ملتزما، لكن الفاسدين قادرون على التلاعب واستخراج أى خطأ بسيط وتحويله إلى مسمار جحا.
 
الفساد فى المحليات يضيع مليارات، وهو الذى يتسبب فى الإشغالات والمخالفات، ويستمر لوجود ثغرات وأبواب تجعل الفساد أحيانا قاعدة، والمرتشون الذين يتساقطون هناك أضعاف عددهم يستمرون ويرتشون وتتضخم ثرواتهم أمام الجميع.









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة