من المؤسف أننا لا نتعامل فى مصر مع الطبيعة باعتبارها من «الثقافة»، والأشد أسفا أننا لا نتعامل مع الثقافة أصلا أو نكاد.
كان لدينا وعى فيما مضى، لكنه مضى، كان لدينا مشروع فيما مضى، لكنه أيضا مضى، كان لدينا وقت لصناعة التاريخ، وإدراك بما نصنعه، لكننا بددنا وقتنا الحاضر، فضاع الماضى فيما ضاع، ومن العبث أن نسأل هنا عن مستقبل.
تعال هنا، والتقط معى صورة «سيلفى» لمصر، وإن صعب عليك الأمر لاتساع المساحة وعدم استطالة يديك بالقدر الكافى، فاكتف بصورة لحديقة الحيوان بالجيزة، اسمها هكذا، حديقة الحيوان بالجيزة، عرفناها بهذا الاسم وكانت علامة على المحافظة بأسرها، وكانت المحافظة علامة عليها، وكما يقول المطيباتية فى جلسات تجويد القرآن «عظيم على عظيم يا سيدنا»، فكانت الحديقة عظيمة، وكانت المحافظة عظيمة، وكانت مصر، والله، عظيمة.
بحكم القانون أصبحت حديقة الحيوان بالجيزة أثرا مصريا، فقد افتتحت فى العام 1891 أى مر على إنشائها 128 سنة، لكن للأسف لا نتعامل مع حديقة الحيوان باعتبارها أثرا، ولا حتى باعتبارها «ثقافة»، ولا أنكر هنا ما تقوم به إدارة الحديقة الحالية من محاولات جادة للتطوير، لكنى أتحدث هنا عن مفهومنا الخاطئ عن حدائق الحيوان التى فكر العالم فيها لتكون منبعا من منابع الثقافة والعلوم والترفيه أيضا.
لا موقع إلكترونيا محدث يوضح أهمية الزيارة، ولا خطتها، لا عروض فنية تجذب الأطفال بشكل دورى، والمؤسف أن الأمان صار عزيزا ولا أريد أن أقول مفتقدا، لدينا نية للتطوير، وغاية ما أتمنى أن نتخطى مرحلة «النية» إلى مرحلة «الخطة»، وأول ما يجب أن يوضع فى الحسبان هنا هو رسم خارطة الزيارة لأى زائر، وتوزيع خرائط توضيحية على الزائرين، والعمل على أن تكون حديقة الحيوان مادة ثرية للكاميرا، وربط الحديقة بالمناهج التعليمية، والتعاون مع وزارة الثقافة لتقديم عروض ترفيهية للأطفال، وعمل مسابقة أدبية سنوية لمسرح الطفل بشرط أن تكون الحيوانات هى الأبطال، على أن تكون جائزة المسابقة هى شراء حقوق عرض هذه المسرحية لتقام فى حديقة الحيوان، ناهيك عن حتمية الاهتمام بالحديقة على وسائل التواصل الاجتماعى التى أصبحت من أهم عوامل التسويق.