وائل السمرى

ليست حديقة الحيوان وحدها

الأربعاء، 09 يناير 2019 12:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
بالأمس كتبت عن أهمية بل وحتمية تطوير حديقة الحيوان بالجيزة، مع أهمية إدخال مفهوم جديد لإدارة هذه الحديقة وإنشاء غيرها من حدائق ليس باعتبارها من منشآت الترفيه، ولكن باعتبارها من مؤسسات التثقيف، وفى الحقيقة فإن هذا الحال المتدهور فى حديقة الحيوان برغم محاولات التطوير لا ينسحب عليها فحسب، بل ينسحب أيضا على عشرات الأماكن الثقافية فى مصر، وسأذكر هنا على سبيل المثال متاحف مصر التى نتعامل معها باعتبارها «قبور».
 
نحن لا نقوم بالدعاية اللازمة لمتاحفنا، ولا نربى أولادنا على زيارتها، ولا نمنحها قيمة تذكر، ولا ندخلها فى حياتنا ولا نشركها فى حل أزماتنا، وكأننا نتنكر إلى ماضينا، أو كأننا نكفنه فى الغبار المتكالب علينا، محتقرين إياها بالنسيان، بينما تعد المتاحف فى الغرب مصدرا للدخل واللمّ ومدرسة للوطنية والانتماء.
 
المتاحف فى كل أنحاء العالم من أول عوامل فخر الدول، ومن أول عوامل الجذب السياحى أيضا، وفى الحقيقة أيضا فإنه لن يهتم أحد بشىء فى بلدك لا تهتم أنت به، ولن يصدق أى سائح ما تقوله عن آثار بلدك وفنونها وهو يراك جاهلا بها، كما أنه لن يعتبر هذه الآثار آثارك أنت، لأنه يرى جهلك وسوء عنايتك بها، وبالتالى نقع بهذا الجهل فريسة لكل جاهل ليدعى علينا ما ليس فينا، فيقول أحدهم إن الفراعنة لم يبنوا الأهرامات، وإن اليهود هم الذين بنوها، بينما يدعى آخر أن الكائنات الفضائية هم الفاعلون، ويدعى ثالث أن الجن هو الفاعل، ولا أخفى عليك أن هذه الأقاويل التافهة تكتسب مصداقية كبيرة ونحن على حالنا هذا من الجهل بآثارنا والتخلف عن أجدادنا، وللأسف تمرير هذه الأقاويل له آلاف الآثار السلبية على المستويين السياسى والاقتصادى، فلا ترسم الحدود إلا بالآثار، ولا تنتعش السياحة إلا بالآثار، ولا يتم ذكرك فى جرائد العالم إلا بالآثار، وإن لم ندرك ما للصورة الذهنية عن البلاد من آثار متشعبة فقل علينا «يا رحمن يا رحيم».
 
كتبت منذ سنوات عن أهمية تحويل متاحفنا إلى متاحف ناطقة، وفرحت حينما أعلن أحد المسؤولين عن اعتزامه تنفيذ هذا المشروع برغم عدم الإشارة إلى صاحب الاقتراح، لكن للأسف اتضح أن هذا الإعلان كان للاستهلاك المحلى، وكتبت عن أهمية إدخال الدراما فى الترويج للمتاحف، حتى لو اضطررنا إلى صنع أفلام مثل «دافنشى كود» وكتبت عن أهمية أحياء الصناعات التى تحتفى بها المتاحف، مثل إقامة مسابقة سنوية لصناع الآلات الموسيقية، لكن مع الأسف نحن نفضل العشوائية على ما عداها، ونفضل استعراض أعداد زوار المتاحف الهزيلة على العمل على زيادة هذه الأعداد أو تفعيلها.









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة