" هنا الضد بالضد داب واستبد
ما تعرف مرارنا هزار ولا جد
و ده نهار عمل ولا جمعة وحد
ولا خد خد باله من أى حد "
و بكلمات الراحل العبقرى سيد حجاب وغناء المبدع على الحجار أستهل مقال اليوم ، فبها من معانٍ عميقة ما يلخص حالة المجتمع بما يسيطر عليه من تناقضات غريبة تجعلنا نقف جميعاً فى حيرة من أمرنا أمام عدد لا بأس به من علامات الإستفهام ؟؟؟
فقد تحول غالبية المصريين إلى مجرد أبواق تردد الشائعات دون أن تترك لأنفسها قليلاً من الوقت لعقل الأمور والتحقق من صحتها والغرض من إطلاقها ومن هو المستفيد من إثارة هذا الضجيج وما هو القصد من وراءه !
و من أبرز الأمثلة التى تؤكد دون شك أن قوة وسرعة انتشار الخبر أو الفكرة المراد نشرها عبر وسائل التواصل سواءً كانت طيبة وحقيقية فى قليل من الأحيان أو خبيثة يراد بها سوء فى معظم الأحوال، كالتالى :
أولاً /
فى النموذج الحقيقى الغير مزيف الذى كانت وسائل التواصل سبباً فى نشره على أوسع نطاق، فيديو النائب البرلمانى الكردى الذى قصف جبهة أردوغان المحتل القاتل فى جلسة عامة للنواب، لم يستطع أحدهم إيقافه رغم التهديدات والتوعدات بالسجن من قِبل رئيس النواب الذى بدأ بخمس سنوات ثم تطور إلى عشر بعد تصاعد حدة كلماته التى كانت أقوى من رصاصات المدافع فى وجه الحضور من أعضاء البرلمان التركى والذى تعالت أصوات بعض أعضائه من المنتمين لحزب العدالة والتنمية دون شك بضرورة إعدامه على الفور دون انتظار عقوبة القانون !
و لكن ؛ ما قامت به السوشيال ميديا فى مثل هذه الواقعة التى كان من المفترض أن يُعتقل صاحبها فى صمت دون أن تصل كلماته التى قد يدفع حياته مقابلاً لها، من توثيق وانتشار ربما يردع هؤلاء المجرمين عن قتل هذا النائب الشجاع .
ثانياً /
فى النموذج الشائع الخبيث ذو الغرض،
نجد مثال يتجلى فى هذا العميل المأجور المدعو محمد على ومن على شاكلته وما يشبه ذلك من أخبار وفيديوهات مسمومة موجهة ذات أغراض وأهداف محددة تنفيذاً لخطة معينة كما أعلم وتعلمون .
"عزيزى المواطن المصرى ":
هل بات مصدر معارفك الأول والأخير هو وسائل التواصل الإجتماعى ؟
للأسف : نعم ، فقد أصبحت أسهل وأسرع وسيلة لنشر المعلومات التى عادة ما يكون أكثر من نصفها مجرد شائعات يتم بثها بشكل منظم أو غير منظم ، مقصود أو حتى دون ذلك،
و لكن فى النهاية تكون النتيجة واحدة، وهى انجراف الغالبية العظمى من رواد تلك الوسائل الذين هم ُكُثر لتصديق هذه الأخبار أو تلك الشائعات
فيطمئن قلب من أطلقها لغرضٍ فى نفسه أنها ستنتشر كالنار فى الهشيم بفضل آلاف عمليات المشاركة التى لا تكلف المتصفح الشغوف أكثر من ثانيتين بضغطة زر واحدة ، لينشر ويؤكد ويوثق الخبر الذى لا يعلم مدى صحته أحد !
فإن كنا نعانى اليوم فى ظل المنظومة الإعلامية الحديثة من فقدان بعض الثقة فيما نتلقى من مواد وأخبار وصور وغيرها عن طريق الجرائد ومواقع الأخبار الشهيرة والتى تسلل إلى أروقتها العتيدة بعض الأخطاء الفردية والتى سرعان ما يتم الإعتذار عنها وتكذيبها إن كانت مؤسسة ذات ثقة ومصداقية، فما بالك إن كان الخبر مصدرة أحدى وسائل التواصل التى يتحكم ويعبث بها شخصيات افتراضية وهمية فى أغلب الأحوال !
-"فيا أيها المستغرق فى السوشيال ميديا" :
إحذر فإنه فخ عميق لا يجب عليك أن تقع به، فهذه الفخاخ ليست وليدة الصدفة ولا سليمة القصد ولكنها فى أحوال كثيرة تكون خطة منظمة ضمن مجموعة من الخطط لإستراتيجية كبيرة ذات أهداف محددة فى حرب شرسة لا تقل شراستها عن الحروب بالأسلحة الثقيلة فى ميادين الحروب !
فالآن وفى ظل هذا التطور التكنولوجى العظيم قد نشأت أنواع جديدة من الحروب وأشكال مختلفة للغزو الثقافى والإحتلال الفكرى لنشر أفكار معينة والترويج لها فى إطار سياسى معين بأسهل وأقصر وسائل السيطرة والإنتشار السريع عن طريق وسائل التواصل !
-"هل تعلم أيها المصرى الطيب ":
أن هناك عدو بألف وجه يتربص بك هو وقبيله ويراك من حيث لا تراه ليشحنك ويوجهك ويحمسك ويحبطك ويسود الدنيا بعينيك أحياناً من وراء الكيبورد العجيب والشاشة الذكية ؟
فلِم تترك له هذه الفرصة العظيمة ليغتنمها ويلتقمك لقمة سائغة ليضرب بك الوطن ويزعزع استقراره ويعرقل خطواته التى بالكاد يخطوها للأمام ، فتتحول أنت بإرادتك إلى سلاح قاتل لوطنك يصوبه بصدره وقتما يشاء ووفقاً للخطة الموضوعة !
نهاية :
أعلم جيداً أننا جميعاً لا غنى لنا عن مواكبة العصر بكل تطوراته وإجادة التعامل بها بل وإتقانها، ولكن شريطة أن يكون زمام الأمور دائماً وأبداً بأيدينا وفى عقولنا
فلا نترك أنفسنا فرائس سهلة تتلاعب بها أيادى الخبثاء لتحركنا وتوجهنا كيفما تشاء، فعلينا جميعاً الحذر ثم الحذر والتعقل والتدبر والتحقق فنأخذ منها ما ينفعنا وننترك ما يضرنا، ولا ننساق وراء المشاركات السريعة التى تجعل منا وقوداً للنار التى يود أعدائنا إشعالها بنا وبأوطاننا.