لم تكن السنتات على خدمة واتس اب وأي خدمة صوتية أخرى والضرائب هي السبب الأول في خروج اللبنانيين إلى الشوارع للإحتجاج منذ الخميس الماضى، بل كانت الشرارة التي أشعلت لهيب حراك الشارع اللبناني، مطالبيين حكومة سعد الحريرى التي عجزت عن تخفيض عجز الموازنة وتحقيق إصلاحات اقتصادية، بالاستقالة ليظهر الأخير ويلقى بالكرة في ملعب شركائه في السلطة، ويبعد شبح الإقالة عن حكومته، ويمهلهم 72 ساعة لإيجاد حلول للوضع الراهن.
وتنتهى مهلة رئيس الحكومة اللبناني يوم الاثنين المقبل، وفى ساعات الحسم يبقى مصير لبنان عالقا بين 3 أيام، لإيجاد خيارات وحلول لمطالب المحتجين التي اتسمت بالطابع الاقتصادي في المقام الأول، وسط ملفات عالقة في الداخل اللبناني في مقدمتها آلية توزيع الحصص والتعيينات الإدارية، وخفض العجز، وصولاً إلى ملف العلاقة مع سوريا، مع إصرار التيار الوطني الحر الذي يتزعمه الرئيس اللبناني ميشال عون وحليفه حزب الله على الانفتاح على دمشق، ومعارضة رئيس الحكومة سعد الحريري وفرقاء آخرين لذلك.
التردى الاقتصادى وضع البلاد على حافة الإفلاس حيث يصل الدين العام إلى 86 مليار، بينما شارفت الحكومة الانتهاء من مناقشة موازنة عام 2020 كى لا تتعثر لأشهر مثل موازنة 2019، في ظل تفاقم مشكلة القمامة منذ عام 2015، ومعاناة اللبنانيين في قطع الكهرباء جعلت المواطن اللبناني يدفع فاتورتين، واحدة للدولة وأخرى مرتفعة لأصحاب مولدات الكهرباء الخاصة.
وتراجع القطاع الاقتصادى مسجلاً نمواً بالكاد بلغ 0,2 بالمئة عام 2018، بحسب صندوق النقد الدولي، وفشلت الحكومات المتعاقبة في إجراء إصلاحات بنيوية في البلد الصغير الذي يعاني من الديون والفساد، وارتفع مؤخرا سعر صرف الليرة في السوق السوداء إلى 1600 مقابل الدولار، ولجأت المصارف ومكاتب الصرافة إلى الحد من بيع الدولار، حتى أنه بات من شبه المستحيل الحصول عليه.
وبات لبنان الآن بين خيارين إما استقالة الحكومة أو إجراءات عاجلة وجريئة في القرارات بحسب تعبير الأمين العام لحزب الله اللبناني حسن نصر الله، الذى تزامنت كلمته مع احتجاجات اليوم الثالث، وقال أنه لا يؤيد استقالة الحكومة الحالية، وأن لبنان يواجه خطران كبيران هما الانهيار الاقتصادي والانفجار الشعبي نتيجة المعالجات الخاطئة.
حزب الله نفسه غير برئ من الإتهامات فى تأجيج الشارع اللبنانى وإدارة الحراك او الدفع اليه، للانقضاض على اتفاق الطائف، بحسب رئيس الوزراء اللبناني الأسبق، فؤاد السنيورة، الذى قال إن الأزمة التي يشهدها لبنان تأتي بسبب سيطرة حزب الله على البلاد، مشيرا إلى أن القبضة القوية التي يمارسها الحزب على الحكومة اللبنانية، أدت إلى الإخلال بالدستور واتفاق الطائف.
لكن فى الوقت نفسه يسعى حزب الله كأى فصيل سياسى تقديم مقترحات للخروج من الأزمة، وقال نصر الله، "ليس صحيحا أنه لا خيار أمام الحكومة لمنع الانهيار الاقتصادي سوى فرض ضرائب جديدة فهناك خيارات كثيرة بديلة لكن تحتاج لجرأة في القرارات. وأضاف "على الجميع في لبنان من هم في السلطة أو خارجها تحمل المسؤولية أمام الوضع الخطير الذي يواجه البلد"، متابعا "الوضع المالي والاقتصادي ليس وليد الساعة ولا الحكومة الحالية وإنما نتيجة تراكم عشرات السنين".وقال "اللبنانيون لم يعودوا قادرين على تحمل ضرائب جديدة والرسالة هذين اليومين مهمة جدا ويجب أن يستوعبها كل المسؤولين"، لافتا إلى أن "خطران كبيران يواجهان لبنان وهما الانهيار الاقتصادي والانفجار الشعبي نتيجة المعالجات الخاطئة".
ولم يجد اللبنانيين في كلمة السياسيين ما يشفى غليل صدورهم رغم تراجع الحكومة عن رسوم واتس آب أمس، وميدانيا يواصلون تحركاتهم الاحتجاجية لليوم الثالث على التوالي وتوافد كثيرون الى ساحة رياض الصلح والشوارع المحيطة، حاملين الاعلام اللبنانية حيث بدأت الساحات تمتلئ بهم، فيما قالت صحيفة النهار اللبناني أن عدد من المحتجين قطعوا طريق مفرق القصر الجمهوري وسط انتشار كثيف للقوى الأمنية، وقطع الطريق أيضا على ساحة ساسين والمحتجّون ينصبون خيمة وسط الساحة.
ولمدة 3 أيام فإن لبنان أمام اختبار حاسم، ذو خيارات محدودة متشعبة السيناريوهات، وسط إجراءات للتهدئة من السلطات التى أفرجت اليوم عن عدد من المحتجين الذين اعتقلوا خلال المواجهات مساء أمس، بعد أن أعلنت في وقت سابق عن توقيف "70 شخصا خلال قيامهم بأعمال تخريب وإشعال حرائق وسرقة في وسط بيروت"، ويبقى مصير لبنان بين وضع شركاء الحكومة حلول للوضع أو اجراءات عاجلة، الساعات المقبلة ستوضح أى سكة ستسلك بلاد الأرز.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة