ليست المرة الأولى ولن تكون الأخيرة التى نتحدث فيها عن أهمية تطوير الإدارة فى الحكومة والمحافظات بالشكل الذى يجعل المسافة بين اتخاذ القرار وتنفيذه قصيرة، لأنه قد لا يكون هناك معنى لإصدار قوانين لا تطبق أو اتخاذ قرارات توضع فى الأدراج، وقد تطرق الرئيس عبدالفتاح السيسى مرات إلى أن الجهاز الإدارى فى بعض الاحيان يتأخر فى تنفيذ القرارات بما يفقدها معناها، وضرب مثلا بتقاعس المحافظات والمحليات فى تحصيل حق الدولة فى المحاجر وتنفيذ قرارات رفع الإشغالات أو التنظيم.
وإذا استعرضنا منظومة الشكاوى الحكومية، التى تم إطلاقها خلال الشهور الأخيرة، وفتح خطوط ومكاتب لتلقى الشكاوى وحلها، نكتشف أن ما يتجاوز ثلاثة أرباع هذه الشكاوى من المواطنين نتيجة عدم قيام المحليات بدورها، وبالتالى فإن المواطن يضطر لتقديم شكوى ولو كانت كل إدارة تقوم بدورها لانتهت هذه المشكلات، وبالتالى تراجعت الشكاوى.
لو ضربنا مثلا بموضوع «التوك توك»، فقد بدأت هذه الظاهرة واتسعت طوال سنوات من دون أن يكون لها قانون واضح ينظمها، والنتيجة مئات الآلاف من المركبات تم استيرادها وتصنيعها من دون أن يكون هناك قانون للتنظيم، والنتيجة أنها تحولت إلى فوضى. وبدلا من أن تكون أداة نقل تسهل الانتقال فى المناطق التى تفتقد للمواصلات تحولت إلى إشغال وتعطيل، وتحت دعوى أنها تقدم فرص عمل أصبحت نموذجا للعشوائية والاستغلال بل والاعتداء على القانون. وتم ترك تنظيم عمل التوك توك للمحليات، فى بعض المحافظات والمدن، بينما أغلب هذه المركبات من دون ءى رقابة أو تنظيم حتى فى القاهرة، الأمر الذى جعلها مشكلة أكثر من أن تكون حلا.
وقد تحول التوك توك إلى عامل إضافى لفوضى الأحياء والشوارع، من حيث إغلاق الطرق ومحاصرة محطات المترو، والسير عكس الاتجاه، وفى الطرق السريعة والدائرية، وكل هذا من دون أى نوع من التنظيم بما حوله مع الوقت إلى عنوان للعشوائية.
وآخر قرارات الحكومة هى إلغاء تراخيص التوك توك من المحليات ومنح المرور سلطة الترخيص، مع الإعلان عن مشروع جديد لاستبدال التوك توك بسيارات «فان» صغيرة، وهذه النوعية من السيارات موجودة وتعمل على بعض خطوط النقل، وهى خطوة تحتاج إلى أن يكون هناك إحصائية بأعداد التوك توك وحاجات المناطق المختلفة من السيارات، حتى لا تتحول هى الأخرى لمشكلة بدلا من أن تكون حلا.
ومثل «التوك توك» تأتى مشكلة الإشغالات وإغلاق الأرصفة والشوارع فى الأحياء، سواء فى القاهرة أو المحافظات، المواطنون ضجوا بالشكوى من حجم الاعتداء على الشوارع والأرصفة، وهى ظاهرة فى كل مكان فى مصر لا فرق بين حى وآخر.
ومنذ أعلنت رئاسة الوزراء عن خطوط ساخنة لتلقى شكاوى المواطنين من القمامة، كان الخط الساخن اعترافا بفشل رؤساء الأحياء خاصة فى القاهرة، وفى المقابل لم نر محاسبة لأى من هؤلاء الفاشلين.
أغلب أحياء القاهرة والجيزة والمحافظات تعانى من استمرار المخالفات والإشغالات، وفوضى المرور وغياب النظافة من دار السلام لعين شمس وشبرا وروض الفرج، ومن المعادى إلى المطرية، ومن حدائق المعادى إلى الزاوية.
وأغلب ما تنشره الصحف ووسائل التواصل يتعلق بالإشغالات وإغلاق الطرق وووسائل النقل الخطرة، وبالتالى فإن حل مشكلة المحليات وأن يقوم رؤساء الأحياء والمدن والقرى بأدوراهم الطبيعية يمكن أن ينهى أغلب، إن لم يكن كل، المشكلات والفوضى التى تسيطر على الشوارع والطرق.
كل ما هو مطلوب تطبيق القانون، وأن يقوم كل مسؤول بدوره لا أكثر ولا أقل.