تحتفل مصر ومحافظة أسوان، يوم غد الثلاثاء 22 أكتوبر الجارى، بظاهرة تعامد الشمس على وجه رمسيس الثانى بمعبده الكبير بمدينة أبو سمبل، وهى الظاهرة الفرعونية الفريدة التى جسدها القدماء المصريون منذ آلاف السنين، والتى تعد واحدة من أهم الظواهر الفلكية .
ومعبد أبو سمبل هو أكبر معبد منحوت في الصخر فى العالم، ويعتبر آية فى العمارة والهندسة القديمة، فقد نحت فى قطعة صخرية على الضفة الغربية للنيل فى موضع غاية في الجمال، وهناك أدلة على أن أصل الفكرة فى تشييده كانت لسيتي الأول وجزءاً كبيراً من الداخل كان قد نحت قبل أن يعتلى رمسيس الثانى العرش .
موعد تعامد الشمس على وجه رمسيس الثانى
وكشف معمل أبحاث الشمس بالمعهد القومى للبحوث الفلكية، أن تعامد الشمس على وجه رمسيس الثانى، يحدث فى يومى 22 أكتوبر و22 فبراير من كل عام وهما يوما مولده ويوم تتويجه ملكًا على مصر، وتأتى هذه الظاهرة لتعلن بداية موسم الفيضان والزراعة فى مصر القديمة، وتعتبر واحدة ضمن 4500 ظاهرة فلكية عرفتها مصر الفرعونية عبر عصورها المختلفة.
ويستند "تعامد الشمس" إلى حقيقة علمية اكتشفها قدماء المصريين وهى أن لشروق الشمس من نقطة الشرق تماما وغروبها من نقطة الغرب تماما فى يوم الحادى والعشرين من شهر مارس ثم تتغير نقطة الشروق بمقدار ربع درجة تقريبًا كل يوم إلى ناحية الشمال، حيث تصل فى شروقها إلى نقطة تبعد بمقدار 23 درجة و27 دقيقة شمال الشرق فى الثانى والعشرين من شهر يونيو، واستند القدماء المصريين فى اكتشافهم إلى أن الشمس تمر على كل نقطة فى أثناء شروقها وغروبها مرتين فى كل عام، وأن المسافة الزمنية بينهما تختلف تبعا لبعد كل نقطة عن نقطة الشرق تمامًا.
مدينة أبو سمبل ومعابدها
ومدينة أبوسمبل، بها معبدان تم نحتهما في الصخر ويطلان على نهر النيل، وقد شيدهما الملك رمسيس الثاني، وهما المعبد الكبير، الذي تزين واجهته أربعة تماثيل ضخمة، للملك رمسيس الثاني، وقد كرس هذا المعبد لعبادة رع حور أختي، إله الشمس، أما المعبد الصغير، فتزين واجهته ستة تماثيل ضخمة، وأقامه رمسيس الثاني تكريما لزوجته المحببة إلى قلبه الملكة نفرتارى، وقد كرس المعبد لعبادة الإله حتحور.
وتم نقل المعبدين لحمايتهما من الغرق، أثناء إقامة السد العالى، جنوبى مصر فى ستينيات القرن الماضي، وأقيما فى موقع يبعد قرابة 200 متر عن موقعهما الأصلى، فيما يعرف بأكبر وأشهر مشروع لإنقاذ موقع أثرى فى العالم، وقد احتفظ المعبدان بذات الشكل الهندسى الذى أقيما عليه، بما يسمح باستمرار ظاهرة تعامد الشمس على المعبد الكبير.
نقل المعبد وتغير موعد ظاهرة التعامد
وكانت ظاهرة تعامد الشمس على قدس أقداس هذا المعبد كانت تحدث يومي 21 أكتوبر 21 فبراير من كل عام قبل نقل المعبد إلى مكانه الحالى بسبب بناء السد العالى، لكن عملية النقل تسببت في تأخير الظاهرة يوما كاملا لتكون يومى 22 أكتوبر 22 فبراير من كل عام .
وكشف معهد الفلك أن أشعة الشمس تتعامد على قدس الأقداس بمعابد أبوسمبل مرتين كل عام 22 فبراير و22 أكتوبر، حيث تخترق أشعة الشمس الممر الأمامى لمدخل معبد رمسيس الثانى بطول 200 متراً حتى تصل إلى قدس الأقداس، لافته إلى أن قدس الأقداس يتكون من منصة تضم تمثال الملك رمسيس الثانى جالسا وبجواره تمثال الإله رع حور أخته والإله آمون وتمثال رابع للإله بتاح، والطريف أن الشمس لا تتعامد على وجه تمثال "بتاح" الذى كان يعتبره القدماء إله الظلام
تفسير ظاهرة التعامد
وأشار معهد الفلك إلى أن ظاهرة تعامد الشمس تستغرق 20 دقيقة فقط فى ذلك اليوم، لافتة إلى أن هناك روايتان لسبب تعامد الشمس، الأولى: هى أن المصريين القدماء صمموا المعبد بناء على حركة الفلك لتحديد بدء الموسم الزراعى وتخصيبه، والرواية الثانية: هى أن هذين اليومين يتزامنان مع يوم مولد الملك رمسيس الثانى ويوم جلوسه على العرش.
وكشف الدكتور جاد القاضى رئيس المعهد القومى للبحوث الفلكية، أنه من منطلق الدور القومى للمعهد فى اثراء الثقافة العلمية لدى المجتمع وتشجيعا للسياحة فانه يتم الاعداد لاحتفالية علمية لهذا الحدث بالتعاون مع وزارة الأثار ممثلة فى متحف النوبة ومنطقة اثار أسوان وأبوسمبل ووزارة الرى ممثلة فى متحف النيل حيث أقيمت محاضرات عامة لهذه الاحتفالية فى كلا من متحف النوبة ومتحف النيل.
البحوث الفلكية واستعدادات رصد الظاهرة
وأشار رئيس المعهد القومى للبحوث الفلكية، فى تصريحات خاصة لليوم السابع، إلى أن المعهد استعد بفريق علمى لرصد الظاهرة والقيام بالقياسات العلمية الفلكية فى منطقة أبو سمبل صباح يوم الثلاثاء 22 أكتوبر الجارى باستخدام أحدث الأجهزة المتخصصة فى ذلك المجال.
ومن جانبه أوضح الدكتور أشرف تادرس رئيس قسم الفلك سابقا وأستاذ الفلك بالمعهد القومى للبحوث الفلكية، أن أشعة الشمس تتعامدعلى وجه رمسيس الثاني بمعبد أبو سمبل مرتين كل عام مرة في 22 أكتوبر ومرة في 22 فبراير.
وأشار تادرس إلى أنه يرجع سبب تعامد أشعة الشمس على أى مكان على سطح الأرض إلى حقيقة فلكية هامة ، وهى أن الأرض أثناء مسارها حول الشمس خلال العام الواحد تجعل أشعة الشمس تتعامد على أى مكان بعينه مرتين، الأولى أثناء رحلتها حول الشمس من أقصى المدار (ذروة الشتاء فى 21 ديسمبر) إلى أقصى المدار (ذروة الصيف فى 21 يونيو) مرورا بالاعتدال الربيعي ذهابا في 21 مارس.
وتابع تادرس: والثانية مثلها أثناء عودتها من أقصى المدار (ذروة الصيف في 21 يونيو) الى أقصى المدار (ذروة الشتاء في 21 ديسمبر) مرورا بالاعتدال الخريفي إيابا في 21 سبتمبر ، علما بان المسافة القوسية بين نقطة شروق الشمس وهى فى اقصى المدار (شتاءا او صيفا) تبعد عن نقطة الشروق الأصلية بمقدار 23.5 درجة وهي ميل محور دوران الأرض.