صفعات متتالية.. كيف أصبح منتجع "سوتشى" كلمة السر فى إذلال أردوغان؟.. بوتين نجح فى تقويض الدور التركى فى سوريا مرتين.. ودعم ترامب للاتفاق يعكس توافقا مرحليا مع موسكو فى إعادة ترتيب الأوراق حول سوريا

الأربعاء، 23 أكتوبر 2019 11:00 م
صفعات متتالية.. كيف أصبح منتجع "سوتشى" كلمة السر فى إذلال أردوغان؟.. بوتين نجح فى تقويض الدور التركى فى سوريا مرتين.. ودعم ترامب للاتفاق يعكس توافقا مرحليا مع موسكو فى إعادة ترتيب الأوراق حول سوريا ترامب - بوتين - اردوغان
تحليل يكتبه: بيشوى رمزى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

فى الوقت الذى يحاول فيه الرئيس التركى رجب طيب أردوغان، الترويج للاتفاق الذى توصل إليه فى منتجع سوتشى، خلال القمة التى عقدها مع نظيره الروسى فلاديمير بوتين، يبدو أنه يسعى للتغطية على الصفعات المتتالية التى تلقاها فى سوريا، وعلى رأسها فشله الذريع فى المشاركة فى رسم مستقبل سوريا، فى مرحلة ما بعد الأزمة، خاصة بعد نجاح موسكو المنقطع النظير فى الاستئثار بالنفوذ فى سوريا، فى ضوء المستجدات الأخيرة التى تشهدها الساحة السورية، وعلى رأسها الانسحاب الأمريكى من منطقة الشمال السورى، وهو ما ساهم بصورة كبيرة فى إخلاء الساحة تماما للدب الروسى، المسيطر عسكريا على الأرض، وبالتالى تمكين نظام الرئيس السورى بشار الأسد من مقاليد الأمور فى تلك المنطقة، بعدما تمكن مسبقا من السيطرة على كافة الأراضى السورية التى كانت تحت سيطرة الميليشيات الإرهابية المدعومة من أنقرة.

العدوان التركى يخترق السيادة السورية

 

ولعل التداعيات المترتبة على الاتفاق الذى عقده بوتين مع أردوغان، أمس الثلاثاء، لا يمكن قراءتها بعيدا عن الكثير من التطورات الإقليمية التى تشهدها الساحة السورية ليس فقط منذ العدوان التركى على منطقة الشمال السورى، ولكن أيضا منذ ما قبل ذلك، وتحديدا منذ اتفاق سوتشى، والذى عقد فى العام الماضى، عندما فرض بوتين على أنقرة طرد الميليشيات المسلحة الموالية لها من إدلب، وإلا فعلى الأخيرة أن تتحمل عواقب هجوم عسكرى كاسح، للجيش السورى المدعوم من موسكو، وهو الاتفاق الذى وصفه قطاع كبير من المتابعين والمحللين وقتها بأنه بمثابة صفعة قوية من القيصر للديكتاتور العثمانى المزعوم.

تحولات عديدة.. بوتين أمعن فى إذلال أردوغان

فلو نظرنا إلى النهج الذى اتبعه الرئيس الروسى فى التعامل مع أردوغان، منذ بداية الأزمة السورية، نجد أنه مر بالعديد من التحولات، حيث كانت البداية متوترة للغاية، عندما قامت تركيا بإسقاط طائرة روسية بالقرب من حدودها، فى حين زادت توترا باغتيال السفير الروسى فى أنقرة، حيث قامت موسكو إثر ذلك بحظر الصادرات التركية لتضيق الخناق الاقتصادى على النظام الحاكم فى تركيا، لتدفع الرئيس التركى إلى الاعتذار علنا لموسكو، لتبدأ مرحلة جديدة، قامت فى الأساس على إخضاعه، عبر تجريده من حلفائه الغربيين، وعلى رأسهم الولايات المتحدة، من خلال ضمه إلى منصة "أستانا"، التى ترعاها روسيا، فى صفعة قوية للغرب، كانت اللبنة الأولى فى انتهاء دور المعسكر الغربى فى الأزمة السورية.

يبدو أن بوتين أمعن فى إذلال أردوغان، بعدما جرده تماما من حلفائه الغربيين، بعدما أعلن دعمه لعملية عسكرية يقوم بها الجيش السورى فى إدلب، للقضاء على الميليشيات المسلحة الموالية لأنقرة، ليضع "الخليفة" المزعوم فى موقف لا يحسد عليه، حيث أصبح لزاما عليه الالتزام صاغرا بالمطالب الروسية، بترحيل الجماعات المتطرفة، التى طالما أسمتها تركيا بـ"المعارضة"، عبر تأسيس منطقة منزوعة السلاح هناك، وبالتالى نزع أسلحتهم لتفتح الباب أمام سيطرة النظام السورى على المنطقة التى كانت تسيطر عليها الجماعات الإرهابية.

رأس الأفعى.. روسيا جردت أنقرة من حلفائها وأذرعها

وهنا يمكننا القول بأن نهج بوتين فى التعامل مع أردوغان قام فى الأساس على تجريده من حلفائه الدوليين، وعلى رأسهم واشنطن، خاصة بعدما أصبح بمثابة "رأس الأفعى"، الذى اعتمدت عليه إدارة الرئيس الأمريكى الأسبق باراك أوباما، لتنفيذ مخطط إعادة تقسيم منطقة الشرق الأوسط، عبر تفتيت دولها، وتمكين الميليشيات المتطرفة، ودعمها بالسلاح لإثارة الفوضى فى دولها، ليتجه بعد ذلك نحو تجريدها من أذرعها المسلحة، عبر القضاء عليهم عسكريا فى مختلف المدن السورية منذ بداية التدخل الروسى فى عام 2015،، أو نزع السلاح من فلولهم، على غرار ما حدث فى العام الماضى، فيما سمى آنذاك بـ"اتفاق سوتشى"

وبالتالى لم يكن أمام أردوغان أى مجال للمناورة فى سوريا، حيث أصبحت كافة المدن السورية تحت سيطرة نظام الرئيس بشار الأسد، بدعم موسكو، ماعدا منطقة الشمال السورى، والتى سيطر عليها الأكراد، والذين خاضوا معركة أخرى ضروس ضد تنظيم داعش الإرهابى، والمعروف بموالاته للنظام التركى، بدعم من قوات التحالف الجوى، الذى تقوده واشنطن، وبالتالى كان التلويح الأمريكى بالانسحاب من سوريا بارقة أمل جديدة لأردوغان للعودة إلى المشهد السورى، ليس فقط بالحرب على خصومه الأكراد، ولكن من خلال تحرير سجناء داعش فى تلك المنطقة، لإعادة إحياء التنظيم من جديد، وبالتالى استخدامه لتحقيق أهدافه، وهو الأمر الذى قوضه الرئيس الأمريكى دونالد ترامب بإجباره على وقف إطلاق النار فى سوريا، وإلا سيواجه مأساة العقوبات.

المنتجع الرئاسي الروسى

منتجع الصفعات.. ترامب يدعم الاتفاق

ولعل الموقف الأمريكى الحاسم من العدوان التركى على سوريا لم يساهم فقط فى وقف إطلاق النار، ولكن أيضا كان المدخل أمام الاتفاق بين بوتين وأردوغان، خاصة وأنه يساهم بصورة كبيرة فى حماية الأكراد، حلفاء واشنطن، من بطش أنقرة، بالإضافة إلى سيطرة الحكومة المركزية فى دمشق بدعم من موسكو على زمام الأمور فى شمال سوريا، فى انعكاس صريح للتقارب بين واشنطن وموسكو، على الأقل مرحليا، على المستجدات التى تشهدها الساحة السورية، فى الوقت الذى سوف تقوم به القوات التركية بالمشاركة، فى دوريات مشتركة مع روسيا بالقرب من حدودها، وذلك لغلق الباب أمام الديكتاتور للتذرع بأى أسباب أمنية للقيام بأية انتهاكات فى المستقبل.

يبدو أن سوتشى أصبحت بمثابة منتجع الصفعات لأنقرة، حيث كانت شاهدا على اتفاق إخلاء إدلب من الدواعش، فى العام الماضى، بينما شهدت مؤخرا اتفاقا جديدا سوف يفتح الطريق أمام كتابة كلمة النهاية أمام أى دور، أو بالأحرى تهديد، تركى فى المرحلة الحالية، لزعزعة استقرار سوريا فى المستقبل القريب.

صفعة جددية لأردوغان










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة