بالرغم من أن مصر ليست معتادة على السيول والأمطار الكثيفة، فإن السنوات الأخيرة شهدت تغيرات مناخية فى العالم كله، ومنها الشرق الأوسط وأفريقيا، وضعت مصر ضمن حيز السيول والمطر الكثيف المفاجئ، وآخر هذه الأمطار كان فى إبريل 2018، والتى تسببت فى إغلاق طرق وتكدس المياه فى الشوارع والانفاق وانتقلت إلى المدن الجديدة.
ثم كانت أمطار أمس الأول، والتى جددت التذكير بأزمات المحليات وغياب الاستعدادات فى بعض المناطق. بالرغم من أن هيئة الأرصاد اعلنت قبل ايام توقعاتها بسقوط أمطار، وسيول فى بعض المناطق. وكان الطبيعى أن تسارع الأحياء والمدن بتنظيف البالوعات، لاستقبال الأمطار، وحتى لو جاءت هذه الأمطار بشكل يتجاوز التوقعات، كانت هناك فترة زمنية يفترض أن تستعد خلالها الجهات المحلية. وقد تحركت بالفعل بعض الجهات، وظهر جهد من رجال المرور والداخلية فى بعض المناطق، لتسهيل المرور بقدر المستطاع، وبالرغم من أنه ليس دور المرور، فقد حاول عدد منهم العمل تحت المطر.
وطبيعى أن نفرق بين أمرين، الأول هو السيول والأمطار الكثيفة غير المتوقعة، التى يمكن أن تسبب أضرارا مهما كانت الاستعدادات، والأمر الثانى الاستعدادات الطبيعية لدى الأجهزة المحلية، بالشكل الذى يمكنه تقليل الأضرار، والأهم هو التعامل مع الأمر من دون تهوين أو تهويل، وأن نفرق بين كون الأمطار مفاجئة وكمياتها أكثر من المتوقع، وبين اكتشاف أن الأحياء والمحليات لم تستعد لمواجهة هجمات الأمطار والتكدسات فى الأنفاق ومنازل الكبارى، يضاف إلى ذلك وجود أسلاك وأعمدة كهرباء مكشوفة أدت لمصرع طفلة وسيدة، وهو خطأ يستحق أن يحاسب عليه المسؤولون، لأنها ظاهرة تشير إلى إهمال متكرر، يتسبب فى كوارث، خاصة مع المطر، مثلما جرى فى حادثين أو أكثر.
وهناك حاجة لإعادة النظر فى شبكات الصرف بالشكل الذى يستوعب الهجمات المفاجئة للأمطار، وعلى الرغم من أن المطر كان متوقعا، رأينا شللا تاما فى الشوارع الرئيسية والفرعية، ومداخل ومخارج ومطالع ومنازل الدائرى والكبارى والأنفاق التى شهدت تكدسا للمياه.
النتيجة التى رأيناها بسبب الأمطار شلل فى بعض شوارع القاهرة والمحافظات، تشير إلى عجز المحليات، وغياب رؤساء الأحياء عن أداء دورهم الطبيعى، والاستعداد لمثل هذه الأمطار وغيرها، وهى معادلة معروفة منذ سنوات، وتتكرر فى كل مطر، وحتى فى غياب الأمطار فإن أحياء القاهرة تعانى من الإشغالات والتكدس والمرور المرتبك، وفوضى التوك توك واحتلال الشوارع وإغلاق الأرصفة.
نحن نلف وندور ونتحرك ونتجادل وهناك نقطة واضحة تبدأ عندها المشكلات وتنتهي، المحليات.. الأحياء.. أجهزة المدن، وهؤلاء يضيعون أى جهد، ومهما كانت البنية الأساسية، لن تصمد من دون صيانة ومتابعة، وأن يقوم كل رئيس حى بدوره ومعه الفنيين، لا فرق هنا بين حى عين شمس أو دار السلام بالقاهرة، ولا بين مدينة فى الدلتا وقرية فى الصعيد وحى بالإسكندرية، ولا المدن الجديدة.
وهذه التفاصيل موجودة ومعروفة للمحافظين وللحكومة، هذا الإهمال يضيع الكثير من جهود البناء والبنية الأساسية والطرق والكبارى والمدن، ومع الأخذ فى الاعتبار أن المطر بشكله وحجمه الحالى قد يفوق المتوقع، لكن هناك أهمية لأن تتحرك كل أجهزة المحليات للصيانة والمواجهة، والاستعداد للتقلبات الجوية.