هند أبو سليم

يا ملطشة القلوب.. يا جلاب المصايب

الخميس، 24 أكتوبر 2019 04:09 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

سألنى خالى العزيز وأنا فى عمر الصبا هل ادخن السجائر من وراء الاهل؟ اجبته لا... هل اشرب القهوة من وراء امي؟ قلت لا ايضاً.. هل انزل على الاكل كالعاشق الولهان؟ اضفت لأ برضه...هل احب احداً بجنون ؟ (وقتها لم اكن) فأكملت اللأت....

نظر إلى بخيبة و قال: امال عايشة ليه؟ العيشة من غير مزاج ملهاش لازمة....

نسى أن يسألنى على الchocolate ...  كنت اعترفت انى لى مزاجاً سيظل يرافقنى حتى يومى هذا.

 

و رافقنى هذا الحوار فى ذاكرتى .... واقصه دوماً على معارفى الجدد.

فعلاً.. لا يوجد شخص على وجه البسيطة ليس له مزاجاً.... بغض النظر عن نوع المزاج سيء او جيد.... نافعٌ أو ضار..... ( وهنا لن اتطرق للمخدرات و البلبعة... فهم وصموا بكلمة مزاج خطأ.... فهذه الاشياء مدمرات لا ممزجات) لكن دوماً هناك نوع من الإدمان.... لكنى لا أستطيع وصف المزاج الجيد بهذه الكلمة القاتلة.

 

- الأمزجة المتداولة و الأكثر انتشاراً هى كما سألنى خالي.... السجائر و القهوة و عشاق هذان المزاجين.... يتأرجحون بين الادمان و الجنون.... فبلا سجائرهم هم وحوش خضراء تتجول بيننا مستعدة لالتهامنا احياء الى ان يضعوها بين اصابعهم و بين شفاههم.... تماماً كأصحاب مزاج القهوة... شعارهم: لا تحدثنى قبل فنجان قهوتي....إذ اصبح ما بدأ مزاجاً لطيفاً، وقوداً لا يستطيع الانسان منهم العمل دونه ( نيكوتين على كافيين بدل البنزين).

 

- مزاج الطعام لا يعلى عليه.... فمهما حاولنا رصد السعرات الحرارية..... و سيطرة الكميات و الوجبات..... فهذا المزاج له سحر مختلف.... فهو يتلون بألوان المواسم ( بطيخ و مانجا فى الصيف... سحلب و حمص الشام فى الشتا) و يتغير بتغير ساعات اليوم.... الصبح إفطاراً ( فول على طعمية على اومليت على كرواسان) الثانية عشر ظهراً brunch.... من الثالثة للخامسة الغداء ( و ما ادراك ما الغداء بمحشيه و طواجنه و رزه و سلطاته و مشوياته و مقلياته) و  من الساعة السادسة للثامنة ( ساندوتشات خفيفة او snack بيتزا على برجر على فراخ).... ثم العشاء.... و كل واحد و مزاجه. مزاج  الطعام صعب الهروب من حلاوته بصراحه.

 

- مزاج الموسيقى ( المزيكا) ..... و هذا يشبه المخدرات دون اذاها..... فالأغنية صوت و كلمة و لحن.... تدخلك فى حالة لا تعرف كيف..... فهناك لحن يرقص له قلبك دون أن تشعر ( لما شفتها قلبى دق ٣ دقات) و هناك كلمات تحيى آلاماً و ذكرياتٍ قديمة ( غلطة و ندمان عليها) و هناك أصواتٌ دفئها يرمم قلبك ( حميد الشاعرى على  محمد فؤاد) و يمكن سر عمرو دياب أنه وصل أجيال كثيرة ببعضها... و كتسعينية الهوى لم يكن لدينا كم الoptions الآن.... كانت احلى خروجة عبارة عن لفة بالعربية و سماع أغانى جديدة.... لذلك ستجدون أن الموسيقى مزاج مهم جداً جداً جداً لمواليد السبعينات و الثمانينات.... و مزاج الموسيقى الآن لم يعد سمعى فقط.... بل اصبح بصرياً أيضاً بجدارة ( youtube)... لم يخطئ من قال أن الموسيقى غذاء الروح.

 

- مزاج الجيم..... ايوه.... اصبح هناك مزاج الجيم..... اصبح هناك جمهورية لها شعب لا يؤمن أن ممكن مزاجه يتظبط إلا بالذهاب للتريض ..... فمهما كانت أحداث اليوم جيدة أو سيئة... فاليوم لن يكتمل دون حمل الاثقال و الجرى على الأجهزة.... و دفع الادرينالين فى العروق... و للناس فى ما يتمزجون مذاهب

 

- مزاج السفر... اوووف.... مزاج مختلف.. و اصبح ايضاً له مريديه الكثر .... و هنا لا نتحدث عن محبى السفر زيى و زيك... لااا.... هؤلاء يعيشون لكى يسافروا... ليس اجازة او ترفيهاً... بل هو متعة بحد ذاته.... يعملون من أجل يوفروا اموالاً لكى يسافروا.... يشاهدوا اماكن جديدة كلما استطاعوا.... يقابلوا أناس جدد.... يشموا هواءاً مختلفاً.... هؤلاء لديهم من السلام النفسى ما يكفينا جميعاً.... فهم لا يسلسلوا نفسهم بمكانٍ واحد... فلا يعيشوه حتى تظهر مشاكله... فهم هنا اليوم و هناك غداً ( الرايقيين ولاد الَّذينَ)

 

- و لا نستطيع الهروب من الحديث عن مزاج الshopping... الذى لم يصبح مقصوراً على النساء.... بل اصبح مزاجاً لكل الأعمار و لكلا الجنسين... و مع تسهيلات التكنولوجيا... أصبح الشراء اسهل من القيام بعمل فنجان قهوة.... نحن فى عصرٍ يعمل ليشتري... و هو ككل الأمزجة لا ينضب... دوماً هناك جديد... زمان كانت الازياء الجديدة موسمية... صيفاً و شتاءاً... الآن هناك مجموعة ازياء جديدة كل اسبوعين فى العديد من محال الازياء المنتشرة... و ليست الملابس فقط... فالتكنولوجيا لها سوق واسع... و الحقائب و الاحذية و مساحيق التجميل و الخ الخ الخ.... ( كله موجود)

 

- اما اخر الأمزجة فهو مزاج مؤلم و متعب و منغص و صعب... اذ أنه رغم كل التجارب الموجعة و الخيبات و الكسرات لم يتنازل عنه.... انه مزاج القلب ( يا ملطشة القلوب يا جلاب المصايب).. فمن مزاجه قلبه كان الله فى عونه... فهؤلاء المساكين يولدون بهذا العيب الخلقى الذى لا مفر منه.... فحين يجرهم قلبهم للحب... يغلق كل ابواب المنطق و العقل و الاحساس .... يعيشون فقط من اجل قلوبهم ( حاجة توجع) و طبيعة البشر اننا حين نجد احدهم يحبنا بلا شروط و يعطينا بلا مطالب ( نوجع اهل اللى جابوه) ... فيظل اصحاب مزاج القلب يتنقلون من وجعٍ إلى وجع ... و من خيبةٍ إلى خيبة أخرى.... و من انكسار إلى انكسار ( ادعوا لهم بالرحمة) فليس بيدهم شيء.

 

كل الأمزجة كعادة كل ما خلق الخالق... لها وجه مضيء و لها وجه مظلم.... فيا عزيزي... أى الأمزجة مزاجك.... و هل لا زال مزاجاً أم أصبح الأمر الناهى لمسار يومك؟

إلا أنتم يا ذوى مزاج القلب .... فلكم أقول: لله الأمر من قبل و من بعد.

 

أخر الكلام:

هواك فضى الجيوب

وخلى الناس تعايب

يا ملطشة القلوب

يا جلاب المصايب

                              مصطفى شوقى

 










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة