تمر اليوم ذكرى ميلاد مكرم عبيد، إذ ولد فى مثل هذا اليوم من عام 1889، والذى شغل مناصب سياسية عديدة آخرها وزيرًا للتموين، وشارك في الوزارات الثلاثة التي تشكلت برئاسة كل من أحمد ماهر والنقراشي في عام 1946م، وبعد خلافات اشتعلت داخل حزب الوفد قرر الانفصال وتأسيس الكتلة الوفدية وقدم مكرم عريضة تضم مخالفات مالية فى مجلس النواب تعرف بـ الكتاب الأسود فى العهد الأسود، والذى أشعل الحرب بينه وبين النحاس باشا.
وكان تربط بين مكرم عبيد والنحاس باشا علاقة صداقة قوية، قاربت لمبلغ الإخاء، وهو ما أكده مكرم عبيد فى كتابه حيث قال "وبعلهم وقد أعيتهم الحيلة فى تصوير الخلاف للناس على النحو الذى ترتضيه لهم المصلحة أو الذله، أو فى القليل يشفى الغلة، راحو يتلمسون له علة خلا ما يعرفون عن العلة!، فهل يصورون الخلاف على أن مصدره عداء شخصى بين النحاس ومكرم؟ كلا، فمن يصدق مثل هذا العداء المفاجئ من غير ما سبب جدى يدعو إلى مجرد الجفاء، فما بالك بالعداء بين شخصين صمدت صداقتهما لمختلف التجارب وقاومت كل أسباب العداء طوال بضع وعشرين من السنين، حتى بلغت مبلغ الإخاء.
وستعرض مكرم عبيد من خلال كتابه سيناريوهات الخلاف التى يشعلها الأخرين فيقول "هل يصورونه خروجًا على مبدأ من مبادئ الوفد أو خلافًا على نظام الحكم نفسه؟ كلا، فأين هو المبدأ المختلف عليه؟، وكيف يخرج على الوفد من أدخل الناس فيه وكانت له اليد الطولى فى اختيار وتأييد الزعامة عليه؟ إذن فليصوروه تنازعًا شخصيًا على السطلة فى الحكم، وما دام الخلاف قد وقع بين الاثنين وهما فى الحكم فلعل فى مظهر الأمر ما يغنى عن نبش الحقائق، والتحرى الدقيق للدقائق!.
ويشير مكرم عبيد، إلى أن هذه السيناريوهات هى ما صورره الناس للتضليل، وقليل من الناس من لا يصل إليه، أو يسهل عليه التضليل!.
وجاء رد مكرم عبيد على سيناريو الثقة والسلطة، موضحًا ولكن هل أنا حقا قد جردت من كل سلطان أو بعض السلطان فى الوزارة الأخيرة فلهذا غضبت وحنقت؟، لعل الرد البسيط على هذه السخافة أنى إذا كنت قد غضبت لنفسى أو لسلطتى لخرجت من الوزارة أو أصررت على خروجى منها فى كل مرة اتيح تلى فيها الاستقالة وقدمتها فعلا، أو لخرجت من الوزارة بعد تعيين وزير آخر للتموين احتجاجا على انتقاص سلطتى، ولكن المر كان على النقيض من ذلك.
وأكد مكرم عبيد أن النحاس باشا هو الذى أخرجه من الوزارة بعد أن أرتضى العدول عن الاستقالة عقب ازمة الاستثناءات، وقبل بالبقاء فى اولزارة طوعا، ولكن النحاس رفض، قائلا : أراد أن يتخلص منى ليخلو له الجو فيستغل الحكم كما يشاء أو يرخص كما يشاء ويستثنى كما يشاء، موضحا أن النحاس باشا كان أعطى له سلطات واسعة ـأكبر من أى سلطات أخرى.
ويكشف مكرم عبيد عبر كتابه" الكتاب الأسود"، أنه بدأ لأهل النحاس باشا وأنسبائه أن يغتنموها فرصة لطلب الثراء، على يدى صديق النحاس فى الضراء فكيف بالسراء!، فجاءنى بعض هؤلاء النسباء يطلبون لأنفسهم بالاشتراك مع ألصق الناس بالنحاس باشا الإذن بتصدير كمية هائلة من الزيت والجلود يكسبون من وراء تصديرها اكثر من نصف مليون من الجنيهات، وأيد النحاس باشا نفسه هذا الطلب وألح فيه، ولكننى انتهيت بعد بحث إلى رفض الترخيص لهم بالتصدير، بل وإلغاء الرخص القائمة التى منحت فى عهد سابق لمعامل الزيت وتجاره، ثم تلت هذه المحاولة محاولات أخرى كان النحاس باشا نفسه يشترك فيها محاولا إعطاءهم السكر والأرز، من وراء ظهرى، بالإضافة إلى منعى من السير فى تحقيق جنحة تهريب الغزل ضد بعض أنسبائه.
واستكمل مكرم عبيد حديثه، بدأ النحاس باشا فى فكرة الدس فى الصحافة ضدى، ثم تلتها فكرة التخلص منى كوزير للتومين، واستقر الرأى بالفعل على إخراجى من الوزارة أصلا.
وترتب على ما جاء فى الكتاب فُصِلَ مكرم عبيد من المجلس بعد ثلاثة أيام فقط من طَرْح ذلك الاستجواب واعتقل بعد ذلك على إثره، إلا أن هذا الكتاب كان بمثابة المعول الذي هز أركان الفساد السياسي، ومهد بعد ذلك للتطهير الشامل وبداية عهد جديد.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة