تواصلت الاحتجاجات فى تشيلى لرفض عدم المساواة الاقتصادية والتى فجرتها فرض رسوم جديدة على الطرق، فيما حاول المحتجون التوجه إلى مبنى المجلس التشريعى للبلاد مع اتساع حركة الاحتجاج بعد أسبوع من بدئها.
وقالت صحيفة الجارديان البريطانية إن مبنى الكونجرس فى تشيلى قد تم إخلاؤه بعدما حاول المحتجون شق طريقهم إلى المبنى فى تحد جديد للحكومة التى تكافح لاحتواء الاضطرابات القاتلة.
محتجو تشيلى فى محيط مبنى الكونجرس
وأطلقت الشرطة الغاز المسيل للدموع، الجمعة، لصد المئات من المتظاهرين فى محيط المنطقة، فيما هرع عدد من المشرعين والعاملين الإداريين للخروج من المبنى التشريعى الذى يقع فى مدية فالباريسو الساحلية.
وفى العاصمة سنتياجو، تظاهر نحو مليون شخص فى أكبر مظاهرة يشهدها البلد الواقع فى أمريكا الجنوبية منذ بداية الاحتجاجات التى جاءت للتعبير عن رفض التفاوت وعدم المساواة المتأصلة فى البلاد.
ولوح المتظاهرون بالأعلام الوطنية كانوا يقرعون أبواق السيارات ويطلقون الصافرات ويحملون لافتات تدعو إلى التغيير السياسى والاجتماعى، وطاف المحتجون الشوارع وساروا لأميال من جميع أنحاء العاصمة للالتقاء فى ساحلة بلازا إيطاليا.
وتكرر المشهد فى عدة مدن حول البلاد، حيث تعرثت حركة المرور من قبل ساقى سيارات الأجرة والشاحنات الذين احتجوا على الرسوم المفروضة على الطرق، الأمر الذى أدى إلى إغلاق الطرق وتوقف وسائل النقل العام فى وقت مبكر قبل المسيرات التى كانت مقررة فى فترة ما بعد الظهر.
وقالت حاكمة سنتياجو كارلا روبيلار إن حوالى مليون شخص ساروا نحو العاصمة، وهو ما يمثل أكثر من 5% من سكان البلاد. ورأت الجارديان أن هذه التظاهرات كانت علامة على أن التنازلات الاقتصادية التى قدمها الرئيس سابستيان بينيرا قد فشلت فى تخفيف حدة الغضب الشعبى.
وكان رئيس تشيلى سيباستيان بينيرا قد قال فى وقت سابق إن الحكومة ستمد حالة الطوارئ إلى مدن فى شمال وجنوب البلاد بعد مقتل ما لا يقل عن 10 أشخاص خلال اشتباكات عنيفة وإشعال متعمد للحرائق، وقال بنيرا فى بيان بثه التلفزيون من مقر قيادة الجيش فى سانتياجو " إننا فى حرب ضد عدو قوى مستعد لاستخدام العنف دون أى حدود"، فيما تحدث وزير الداخلية أندريس تشادويك عن وقوع 70 "حادث عنف خطير" من بينها نهب 40 سوبرماركت وشركات أخرى، وقال تشادويك إن هناك 10500 جندى وشرطى فى سانتياجو وسيتم تعزيز هذا العدد إذا دعت الحاجة لذلك.
ولقى نحو 19 شخصا مصرعهم فى الاضطرابات التى عمت تشيلى بدءا من الأحد الماضى بعد احتجاج على زيادة بنسبة 4% على رسوم المترو وسرعان ما تحول إلى حركة أكبر ضد عدم المساواة، مما اسفر عن وقوع أعمال سلب ونهب.
وقالت مارتا لاجوس، رئيس مجموعة لاتينو باروميترو غير الربحية لإجراء الاستطلاعات فى تشيلى، إن غياب القادة ووجود قائمة من المطالب الواضحة فى حركة الاحتجاج أظهر قصور الأحزاب السياسية التى تفتقر للثقة وللشعبية. وأكدت لاجوس أن هناك فشلا فى نظام الأحزاب السياسية وقدرتها على تمثيل المجتمع. وأعربت عن توقعها بأن تصبح الاحتجاجات أكثر تنظيما، لكنها استبعدت أن يستقيل الرئيس بينيرا الذى تولى المنصب العام الماضى.
وتقول لاجوس إن الاحتجاجات أكبر من تلك التى وقعت خلال حكم الديكتاتور اأجستو بينوشيه قبل عقود أو فى ظل الحكومات الديمقراطية التى أعقبته.
وانضم بعض التشيليين فى السيارات وعلى الدراجات البخارية للاحتجاجات وطالبوا بإنهاء رسوم الطرق الخاصة. ويدفع أغلب سائقى السيارات شهريا ما بين 35 إلى 130 دولار من أجل استخدام الطرق السريعة حول سنتياجو ويعتمد ذلك على الوقت الذى يستغرقونه على الطرق. بينما تدفع الشاحنات أكثر بكثير بسبب المسافات الطويلة التى تقطعها.
ويجنى أغلب التشيليين ما بين 560 إلى 760 دولار شهريا، مما يجعل من الصعب عليهم تلبية احتياجاتهم الرئيسية ناهيك عن رسوم الطرق السريعة.
وتقول مجلة تايم الأمريكية إنه فى ظل الاضطرابات التى عصفت بدول أمريكا الجنوبية فى الآونة الأخيرة، لاسيما البرازيل وفنزويلا، كانت تشيلى أحد النقاط الإيجابية للقارة فى ظل ما تتمتع به من استقرار مستقر. حيث يصف البنك الدولى اقتصاد البلاد بأنه ضمن الأسرع نموا فى القارة منذ عقود.
إلا أن تشيلى بها أعلى معدل من عدم المساواة فى الدخل بين مجموعة من 35 من دول العالم الأكثر ثراء. وتعانى البلاد من فجوة كبيرة فى الأجور بين الرجال والنساء، وضعف العمالة بين النساء والشباب وأصحاب المهارات البسيطة، وفقا للتقارير الاقتصادية. ويتركز أكبر معدل من عدم المساواة الاقتصادية فى العاصمة سنتياجو، حيث تقع الشقق الفاخرة والمدارس والمستشفيات الخاصة بجوار المدارس المزدحمة والدارس العامة التى تفتقر للتمويل.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة