فى خطاب له يوم الإثنين الماضى، أسقط الرئيس التركى رجب طيب أردوغان كل أقنعته التى كان يضعها على وجهه، وأظهر بوضوح مخططاته وأطماعه فى سوريا وليبيا ومصر والخليج، وذلك أمام منتدى «تى أر تى وورلد» والذى عقد فى إسطنبول، عندما قال: «الأتراك يتواجدون فى ليبيا وسوريا، من أجل حقهم، وحق إخوانهم فى المستقبل».. ثم أردف قائلا: «الأتراك اليوم يتواجدون فى جغرافيتهم احتراما لإرث الأجداد، فهم من نسل «يونس أمره» فى إشارة إلى القاضى العثمانى الشهير.
ولم يكتف أردوغان بهذا الطرح الواضح وضوح الشمس فى كبد السماء، وإنما قرر التجويد فى الشرح، وإظهار مواهبه وإبداعاته حيث قال: «تركيا وريث الإمبراطورية العثمانية»، مشيرا إلى سعيه لإحياء ما وصفه بالمجد القديم للأتراك، وهو بذلك يكشف عن النوايا الحقيقية من وراء الدعم الذى تقدمه أنقرة إلى حكومة الوفاق والجماعات الإسلامية المنتشرة فى الغرب الليبى. هذه التصريحات، أزالت كل لبس، وفضحت كل من يحاول تبرير مواقف أردوغان، وتصويره باعتباره منقذ الأمة الإسلامية وداعى للحرية والديمقراطية والمدافع عن إرادة الشعوب العربية، دون مصالح أو أهداف سياسية، وهى التبريرات التى يروج لها ويؤصلها جماعة الإخوان الإرهابية، وأتباعها.
كما تكشف أيضا أن عبثه بمقدرات الأمة العربية، فاق الوصف، وتجاوز كل الخطوط الحمراء، وظهرت أطماعه، فى البحث عن إعادة إرث العثمانيين عن طريق احتلال الدول العربية، وتحديدا العراق ومصر وسوريا والخليج، مستثمرا حالة الحراك التى دشنتها ثورات «الخراب» فى 2011 لتنفيذ مخططه لذلك بنى قصرا شبيها بقصور السلاطين أجداده، واستعان بحرس يرتدى نفس الزى الذى كان يرتديه حراس أجداده، ولولا الملامة، لكان ارتدى هو نفسه زى السلطان العثمانى!!
وعاش أردوغان الحلم، واستيقظ يوم 30 يونيو 2013 على كابوس، بطله المصريون، عندما خرجوا عن بكرة أبيهم وطردوا الإخوان من المشهد العام برمته، وأحبطوا مخططات الأطماع والتقسيم، فبدأ فى تكثيف جهوده للسيطرة على ثروات ومقدرات سوريا وليبيا والعراق، وانتهك سيادة أراضيهم، وأعطى لنفسه الحق فى أن يكون طرفا أصيلا فى معادلة المصير السورى السياسى، ويتدخل لدعم التنظيمات الإرهابية فى ليبيا، ويعبث فى منطقة القرن الأفريقى لخنق مصر، ثم والأخطر، انتهز فرصة تمرد وخيانة نظام الحمدين لأبناء عمومته فى الخليج بشكل خاص، وأمته العربية بشكل عام، واستطاع أن يضع أقدامه فى الدوحة، «ويستعمرها» لعل يأتى اليوم الذى يتمدد فيه ليسيطر على باقى الجزيرة العربية!!
واعتقد أن اليوم قد جاء، عندما وقع حادث مقتل الكاتب الإخوانى «جمال خاشقجى» فى القنصلية السعودية بإسطنبول، حيث بذل أردوغان وحزبه، بجانب نظام الحمدين، الوقح، جهودا مضنية لتوظيف الحادث، والإيقاع بالمملكة العربية السعودية فى فخ الفوضى، مثلما وظفوا «بوعزيزى» فى تونس و«خالد سعيد» فى مصر، وعندما فشلت الخطة أمام تماسك الشعب السعودى والتفافه حول قياداته، والاستفادة القصوى مما حدث من فوضى وخراب فى الدول التى اندلعت فيها ثورات الخراب العربى، بدأ أردوغان فى ممارسة الابتزاز الرخيص والسمج، للحصول على كعكة، مليارات دعم أو استثمارات لإنقاذ الاقتصاد التركى الإخوانى المنهار، وباءت الخطة بالفشل أيضا!!
ما يفعله أردوغان فى سوريا والعراق وقطر وحمايته لكل التنظيمات الإرهابية، ودعمه اللامحدود لجماعة الإخوان، مجرد خطة من خطط إحياء مشروعه أجداده الرامى للسيطرة على الدول العربية، مدشنا مصطلح استعادة «جغرافيتنا القديمة»..!!
الوضع خطير، وتجاوز كل الخطوط الحمراء، وأصبح أردوغان يمثل التهديد الحديث للأمة العربية بأكملها، فى محاولة حثيثة لإعادة إرث أجداده، وأن يصبح خليفة المسلمين، وهو ما أعلنه صراحة فى خطابه يوم الإثنين الماضى بأن تدخله فى سوريا، وتواجده فى ليبيا دفاعا عن «جغرافية بلاده القديمة»..!!
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة