- تركيا تحول حياة اللاجئين السوريين إلى جحيم
- أنقرة تواصل حملات الاعتقال والترحيل القسرى وسرقة أعضاء اللاجئين
تعد قضية اللاجئين أحد أكثر شواغل الدول العربية والأوروبية بعد ارتفاع أعداد طالبى اللجوء لتلك الدول، الذين خرجوا بالملايين من بلادهم بعد احتدام الصراع العسكرى فى البلاد.
ويتوزع اللاجئون فى عدد من الدول العربية التى فتحت أبوابها للاجئين وخاصة مصر التى تحتضن ما يجرى من 5 ملايين لاجئ، وتمتاز الدولة المصرية بكونها الوحيدة التى لا تتعامل معهم على أنهم لاجئون، بل يلقون نفس المعاملة التى يلقاها المواطن المصرى.
تتعامل الدولة المصرية مع قضية اللاجئين من منظور إنسانى وترفض أى حلول قائمة على إيداع المهاجرين واللاجئين فى معسكرات أو مراكز تجميع وعزلهم عن المجتمع، بل وتحرص على دمجهم فى المجتمع بشكل كامل بما فى ذلك مشاركتهم مع المواطنين فى كافة الخدمات العامة التى توفرها الدولة لاسيما بقطاعي التعليم والصحة، رغم ما يرتبه ذلك من أعباء اقتصادية، وهو ما يحتاج لدعم الدولة المصرية فى جهودها لتوفير الخدمات الأساسية للاجئين وطالبى اللجوء.
وتولى مصر أهمية كبيرة لقضية اللاجئين فى إطار رئاستها الحالية للاتحاد الأفريقى، لاسيما مع إعلان الاتحاد عام 2019 كعام للاجئين والعائدين والنازحين داخليا فى أفريقيا.
ورغم الدعم المحدود الذى تتلقاه الدولة المصرية والأعباء الاقتصادية التى تتحملها بسبب تواجد عدد كبير من اللاجئين فى البلاد إلا أن الدولة المصرية تقدم خدمات وجهود كبيرة للاجئ وتوفر لها الحماية اللازمة، بالإضافة لسماحها لهم بتدشين مشروعات خاصة بهم دون قيد أو شرط وتقديم التسهيلات اللازمة لذلك.
اللاجئون السوريون بين نار تركيا وعنصرية أوروبا
فرضت الحرب السورية على اللاجئين السوريين الانتقال إلى تركيا بسبب ارتباطها بحدود واسعة مع سوريا، وهو ما أدى لدخول ملايين السوريين إلى مختلف المدن والبلدات السورية، وفضل البعض الانتقال إلى القارة الأوروبية بسبب عنصرية الأتراك ضد العرب.
وتعد ألمانيا أحد أبرز الدول التى يتطلع أى لاجئ سورى للوصول إليها بسبب الامتيازات التى تقدمها برلين إلى اللاجئين لكن تبقى الحكومة الألمانية على معاملتهم كلاجئين ووضعهم فى معسكرات دون أن تسمح لهم بالاندماج داخل المجتمع.
وفى تركيا، تواصل أنقرة حملتها لطرد اللاجئين السوريين وسط مشاهد من الإذلال البشع لهم، حيث عمد النظام التركى إلى تكبيل أيديهم ووضعهم فى حافلات عامة بشكل غير لائق قبل أن تقوم بترحيلهم، فى صورة تحاكى حال المجرمين أو الإرهابيين عند اعتقالهم.
استفاد النظام التركى كثيرا من اللاجئين السوريين بمنح الجنسية للمفكرين السوريين والمتميزين رياضيا أو علميا، وهو ما وصفته دمشق فى وقت سابق بمحاولة أنقرة لسرقة "أدمغة" سوريا ومستقبلها لصالح خدمة المشروع الأردوغانى.
لم يتوقف أردوغان يوما عن تسييس ورقة اللاجئين والمقامرة بها للحصول على دعم مالى ومساعدات من دول الاتحاد الأوروبى والولايات المتحدة الأمريكية، فضلا عن تجنيس الآلاف منهم ليشكلوا كتلة تصويتية داعمة لحزب العدالة والتنمية الإخوانى بأية انتخابات تجرى فى البلاد.
ويفتقر اللاجئون السوريون لأبسط حقوقهم المقررة فى أغلب دول العالم، حيث يعيش أكثرهم فى مخيمات برعاية صحية متدنية جداً، ويقوم على رعايتهم فى أغلب الحالات اختصاصى تمريض وليس أطباء.
كانت صحيفة "دويتشه فيله" الألمانية قد كشفت عن تعرّض الكثير من الجرحى السوريين لعمليات سرقة الأعضاء، كما تداول نشطاء عبر مواقع التواصل الاجتماعى الكثير من قصص انقطاع الإعانات التى تقدمها المنظمات الأممية للاجئين، وسرقتها فى بعض الحالات.
وتورطت تركيا فى قتل المئات من الهاربين السوريين من الحرب على حدودها، وتشير إحصاءات لمنظمات دولية وحقوقية إلى مقتل 436 مدنياً سورياً، وتعرض 370 إلى الإصابة والاعتداء الجسدى على أيدى الجنود الأتراك، بالإضافة إلى قتل أكثر من 450 مدنياً خلال قصف الطائرات والمدفعية التركية خلال غزو السلطات التركية لمدينة عفرين، كما قتل عدد آخر فى حوادث مشبوهة فى تركيا نفسها.
وكشفت صحيفة نيويورك تايمز فى تحقيق لها منذ أشهر عن أوضاع اللاجئين السوريين المتردية فى تركيا، وكيفية نقل العديد منهم إلى الحدود مع سوريا عبر حافلات بيضاء ترافقها سيارات للشرطة فى مشهد مهين للسوريين.
ويتخذ الرئيس التركى رجب طيب أردوغان من ملف اللاجئين السوريين ذريعة للجرائم التى يرتكبها فى سوريا، ويروج أردوغان إلى أن الغزو العسكرى التركى إلى الشمال السورى يهدف لإعادة توطين اللاجئين فى المنطقة الآمنة دون توفير إجراءات ثقة للسوريين وحمايتهم فى ظل الأوضاع المتردية التى تعيشها البلاد، وانتشار جماعات متطرفة ترعاها أنقرة فى عدد من مدن الشمال السورى وخاصة فى إدلب.
وغير الرئيس التركى فكرته عن المنطقة العازلة على طول الحدود التركية مع سوريا، بحيث تصبح المنطقة ملجأ للسوريين الفارين من الحرب، بعدما كانت لإبعاد الأكراد عن الحدود التركية، فضلا عن تلويحه بفتح الأبواب إلى اللاجئين للدخول لأوروبا، وذلك فى إطار الابتزاز الذى يمارسه أردوغان ضد الدولة الأوروبية التى يسعى للحصول على مليارات الدولارات منها بذريعة تحسين الظروف المعيشية للاجئين السوريين.
كان الاتحاد الأوروبى قد منح تركيا حوالى 6.7 مليار دولار منذ عام 2015 للمساعدة فى السيطرة على تدفق المهاجرين لكن تركيا، إلا أنقرة لم تنفق من هذه الأموال إلا القليل، وبات السوريون يعملون لما يقرب من 14 ساعة فى تركيا لتوفير أبسط احتياجاتهم من الطعام والشراب.
يذكر أن السلطات التركية قد تفننت فى ملاحقة اللاجئين السوريين وابتزازهم ماليا عبر إصدار عدد من القوانين منها قانون يلزم السوريين بإزالة الحروف العربية من لافتات متاجرهم أو مواجهة غرامة.
امتثل السوريون للقرارات التركية وقاموا بإزالة اللافتات باللغة العربية، كما قاموا بتعليق الأعلام التركية تضامناً، لكن البعض قالوا إنهم غاضبون لأن ذلك سيحملهم تكلفة، وذلك بسبب التضييق الكبير الذى تمارسه أنقرة ضد اللاجئين السوريين الذين يعانون الأمرين من معاملة الأتراك لهم.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة