أظهر إعلان الولايات المتحدة الأمريكية نقل مركز سلاح الجو الأمريكي وقيادة الشرق الأوسط من قطر إلى ساوث كارولينا، مخاوف قطرية، لاسيما وأن أمير قطر تميم بن حمد آل ثانى أنفق نحو 8 مليار دولار من أموال القطريين لتوسيع قاعدة العديد الأمريكية المتواجدة فى الدوحة لحماية أسرة آل ثانى، الأمر الذى شكل تهديدا على وجود الأسرة الحاكمة فى ظل حالة استياء شعبى متصاعدة ضدهم.
وشكل إعلان الولايات المتحدة مفاجأة من العيار الثقيل لقطر، لاسيما وأن الولايات المتحدة وقطر اتفقا خلال الجولة الثانية من "مؤتمر الحوار الاستراتيجي" التي انعقدت في بداية العام 2019 على قيام قطر بتوسيع قاعدة العديد التي تضم 11 ألف جندي أمريكي.
صحف أمريكية تناولت القضية، وقالت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية، إن الولايات المتحدة نقلت التحكم فى قيادة القوات الجوية بالخليج، من قاعدة العديد القطرية، إلى ولاية ثاوث كارولينا، هذا الأسبوع، خطوة مقلقة على نحو خاص لقطر، التى تستضيف القاعدة.
وأوضحت الصحيفة، أنه على مدار 13 عاما، استخدمت الولايات المتحدة مبنى واحد فى قطر لقيادة الطائرات المقاتلة والدرون والقاذفات وغيرها من أصول القوات الجوية فى المنطقة الممتدة من شمال شرق أفريقيا والشرق الأوسط وحتى جنوب آسيا.
لكن يوم السبت الماضى، وبينما كانت 300 طائرة تحلق فى الجو فى مناطق رئيسية مثل سوريا وأفغانستان والخليج، فإن المئات من المقاعد فى مركز العمليات الجوية والفضائية فى قاعدة العديد الجوية فى قطر كانت خاوية.
وبدلا من ذلك، فإن القوة الجوية للولايات المتحدة وحلفائها كان يتم التحكم بها من قبل فرق قاعدة شاو الجوية فى ثاوث كارولينا على بعد أكثر من 7 آلاف ميل، ورغم أن هذه الخطوة كانت مؤقتة واستمرت ليوم واحد، إلا أن الصحيفة تقول إنها تمثل تحولا تكتيكيا كبيرا.
العملية التى لم يتم الإعلان عنها، والتى دُعيت واشنطن بوست لمراقبتها، كانت المرة الأولى التى يتم فيها نقل القيادة والتحكم الأمريكى خارج المنطقة منذ تأسيس المركز فى السعودية خلال حرب الخليج الثانية عام 1991.
وفى حين أن قادة القوات الجوية يقولون إن نقل المهام إلى قاعدة مختلفة كان طموحا قديما ساعده على تحقيقه التكنولوجيا الجديدة، إلا أنه يأتى فى ظل التوترات فى المنطقة.
وأشارت واشنطن بوست، إلى أن هذه الخطوة قد تكون مقلقة على نحو خاص لقطر التى أنفقت الكثير من الأموال على العديد فى السنوات الأخيرة، بلغت حوالى 1.8 مليار دولار، لتجديد القاعدة الأكبر فى المنطقة، والتى يمكن أن تستضيف أكثر من 10 آلاف من القوات الأمريكية.
تاريخ قاعدة العديد
قاعدة العديد الأمريكية تم تأسيسها فى قطر عام 2005 حينما كانت الولايات المتحدة تبحث عن قاعدة بديلة في المنطقة بعد أن طلب منهم السعودية مغادرة المملكة إثر هجمات11 سبتمبر 2011، وتماشيا مع السياسيات القطرية التى تشذ دوما عن المنظومة الخليجية احتضنت الدوحة القاعدة الأمريكية من أجل توفير لها الحماية من أعمال عدائية قد يقدم عليها خصومها في المنطقة.
ووصلت تكلفة إنشائها إلى مليار دولار، تحملت أمريكا نسبة 60%، بينما تحملت قطر 400 مليون دولار من تكلفة الإنشاء، ما دفع المراقبين بوصف قطر بالـ"مستعمرة الأمريكية"، والعديد ليست الأولى فيوجد في هذا البلد أيضا قاعدة أمريكية أخرى هي "السيلية" التي تستخدمها القيادة المركزية الأمريكية مقرا للتحضير للعمليات العسكرية.
وتوصف العديد بالقاعدة العسكرية الجوية، ويتمركز فيها أفراد من القوات المسلحة الأمريكية، غالبيتهم من سلاح الجو، وتقع على بعد أكثر من 30 كيلومترا جنوب غربي العاصمة القطرية الدوحة، وتعرف أيضا باسم مطار أبو نخلة.
لكن تاريخ إقامة قواعد عسكرية أمريكة على الأراضى القطرية قديم ففى عام 2000 وضعت قطر العديد تحت تصرف الولايات المتحدة من دون توقيع أي اتفاق في حينه، أدارتها القوات المسلحة الأمريكية عام 2001، وفي ديسمبر 2002 وقعت الدوحة وواشنطن اتفاقا يعطي غطاء رسميا للوجود العسكري الأمريكي فى قطر، وفي أبريل 2003 انتقلت القيادة المركزية للقوات الجوية الأمريكية إلى العديد بشكل رسمى.
وينتشر أكثر من 11 آلاف عسكرى أمريكى في قاعدة العديد، وتضم القاعدة المقرات الرئيسية لكل من القيادة المركزية للقوات الجوية الأمريكية والمركز المشترك للعمليات الجوية والفضائية والجناح الـ 379 للبعثات الجوية.
وتعد القاعدة مقرا للمجموعة 319 الاستكشافية الجوية التي تضم قاذفات ومقاتلات وطائرات استطلاعية، إضافة لعدد من الدبابات ووحدات الدعم العسكري وكميات كافية من العتاد والآلات العسكرية المتقدمة، ما جعل بعض العسكريين يصنفونها أكبر مخزن استراتيجي للأسلحة الأمريكية في المنطقة.