التاريخ المصرى وعبر عصوره المختلفة له صرخات كاشفة عن أحداث تكررت فى الماضى، ومنذرة بالتكرار فى الحاضر والمستقبل وبنفس التفاصيل، مع اختلاف الأبطال، ومنها أن محاولة إسقاط القاهرة يبدأ بإسقاط بغداد ثم دمشق، ورأينا ذلك فى الزحف التتارى «المغول»، الذى بدأ باحتلال بغداد عنوةً عام 65 هـجرية، وقتلوا الخليفةَ العباسى رغم أنهم منحوه الأمان.
وبعد إسقاط العراق، بدأ الزحف نحو سوريا ودخلوا دمشق، ثم بدأت خطوات غزو مصر واحتلالها، وتحرك الجيش المصرى بقيادة «قطز» لمواجهة التتار عند «عين جالوت»، ولقن الجيش المصرى نظيره الجيش «التتارى»، الذى كان يقوده حينذاك «كتبغا» درسًا قويًا فى فنون المعارك الحربية، وانتصر عليه وأوقف زحفه.
ولم تتوقف الأطماع الاستعمارية لاحتلال مصر والأوطان العربية، عند حد التتار، وإنما بدأت الحملات الصليبية للاستيلاء على بيت المقدس وهزيمة كل الجيوش العربية والإسلامية المدافعة عنها، وعلى رأسها الجيش المصرى.
وشكلت أوروبا 9 حملات صليبية، متتالية، كلما فشلت حملة، أعقبتها بالثانية، وبدأت الحملة الأولى فى أغسطس عام 1096 ميلادية، بناء على مطالب الفقراء وجمهور قليل من الفرسان، حيث كان الوعد الكنسى لهم بالخلاص والفوز بالغنائم وتحرير القدس، وكان قوام الحملة 25 ألف فارس من فرسان جيوش أوروبا، وتمكنت من احتلال القدس عام 1099 بالإضافة إلى عدّة مناطق أخرى، فى بلاد «الشام».
وحديثا، بدأ المخطط لاحتلال القاهرة، عندما قاد نابليون بونابرت بنفسه الحملة الفرنسية، ثم فشلت، فقررت بريطانيا احتلال مصر، ثم العدوان الثلاثى 1956 ثم حرب يونيو 1967 أعقبها رد الجيش المصرى بانتصار عظيم وإعادة تحرير أرضه وفرض كبريائه فى أكتوبر 1973.
ولم تقف المخططات الرامية للسيطرة على المنطقة وفى القلب منها القاهرة، عند ذلك الحد، فقررت الولايات المتحدة الأمريكية فى عهد بوش الابن احتلال العراق، وإسقاط بغداد عام 2003 بزعم وجود أسلحة محرمة، وتصدير الديمقراطية من فوق الدبابة، وسقطت بغداد، وطوال 16 عاما كاملة لم تعرف الاستقرار، وما يحدث الآن من أحداث، بتحريك أصابع خارجية تعبث بملفات الطائفية، ودفع هذا الوطن العربى الكبير، للانهيار والسقوط فى مستنقع الفوضى، بحيث لا تقوم له قائمة من جديد.
وفى 2011 تصاعدت المخططات للنيل من مصر وسوريا وليبيا وتونس واليمن، ثم دول الخليج، إلا أن مصر نجت بفضل شعبها، وجيشها القوى، من براثن هذا المخطط الفوضوى الكارثى، وأحبطت المخطط برمته فى 30 يونيو 2013، إلا أن المخطط مازال مستمرا، ويأخذ أشكالا مختلفة، فدمر سوريا وليبيا واليمن، وانتقل للسودان والجزائر، ومنذ أيام بدا التصعيد فى مصر، وبغداد، وأحبط الشعب المصرى من جديد المخطط، وخرج الجمعة قبل الماضى، داعما ومؤيدا من أمام المنصة فى حشود هائلة.
بينما بدأ المخطط الوقح يأخذ طريقه إلى بغداد، أول مرتكز من مرتكزات الأمن القومى المصرى، وفقا للمقولة التاريخية وأيضا وفقا للمعطيات العسكرية على الأرض، وهى أنه إذا أردت الإيقاع بالقاهرة، ابدأ ببغددا ثم دمشق..!!
ورغم استعار الأوضاع فى العراق وسوريا وليبيا والجزائر والسودان وغيرها من الدول العربية، بجانب عبث جماعة الإخوان الإرهابية، وأتباعها من أعضاء الحركات الفوضوية، فى مصر، ومحاولة إثارة الفوضى، تعيش إسرائيل أزهى عصور الاستقرار، والأمن والأمان، منذ تأسيسها، والسبب أن العرب متفرغون لهدم أوطانهم، بأنفسهم، فتحولوا من أعداء لإسرائيل، إلى مخربين ومدمرين لأوطانهم.. وأى سيناريو كانت تحلم به تل أبيب يوما، أن تجد أعداءها ينقرضون من فوق الخريطة الجغرافية، بأيديهم، بينما هى تجلس على الآرائك تشاهد المشهد بإعجاب يصل إلى حد الانبهار..!!
ما أروع أن تجد عدوك يدمر نفسه بنفسه، ويزيح عن كاهلك عناء قتاله واستنزاف جهدك، وإرهاق عقلك، بحثا عن خطط الانتقام منه، وخطط تأمين نفسك من شره، وهو ما يحدث فى سوريا، وليبيا، واليمن، وانضم إليهم، الجزائر والسودان، وحاليا العراق، وسبقهم جميعا مصر، ولولا عناية الله، وجيش مصر، ووعى المصريين، فى إحباط مخطط إثارة الفوضى الذى دشنته جماعة الإخوان الإرهابية، لكان وضعنا أسوأ من الوضع السورى..!!
ونسأل هؤلاء الذين يتخذون من مواقع التواصل الاجتماعى، وشاشات قطر وتركيا، منصات لإطلاق قذائفهم الغادرة ضد مصر، وسوريا وليبيا واليمن والجزائر والسودان والصومال والعراق، وضد الذين يدافعون عن وطنهم، ومؤسساته، نسألهم: هل راضون عن أنفسكم وأنتم تشاهدون انهيار الدول العربية والإسلامية، بينما إسرائيل تنعم بالأمن والأمان والتقدم والازدهار؟
أترك الإجابة لحضراتكم...!!
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة