بدأت المعارك شاملة من الجيشين المصرى والسورى ضد إسرائيل منذ الصباح الباكر، فى مثل هذا اليوم «7 أكتوبر 1973» وهو اليوم الثانى لبداية الحرب، ووفقا لمذكرات المشير محمد عبد الغنى الجمسى، رئيس هيئة العمليات بالقوات المسلحة أثناء الحرب ووزير الدفاع فيما بعد: «فى هذا الصباح خاضت قواتنا سلسلة من المعارك، فقد قامت قوات الجيشين الثانى والثالث بصد هجمات العدو المضادة، وبدأت معركة القنطرة شرق لتحرير المدينة، ودارت المعارك الجوية على أشدها، وكانت قوات الصاعقة تشعل النيران فى آبار ومنشآت البترول على الشاطئ الشرقى لخليج قناة السويس.
فى قصة إشعال النيران فى آبار ومنشآت البترول التى يشير إليها «الجمسى» فى مذكراته، يطل فيه اسم الشهيد العميد إبراهيم الرفاعى، قائد «المجموعة 39 قتال» التى أسسها اللواء محمد أحمد صادق، قائد المخابرات الحربية يوم 24 يوليو 1969، أى قبل أن يشغل «صادق» منصب وزير الحربية «من 15 مايو 1971 إلى 15 أكتوبر 1972»، وكانت المجموعة «39 قتال» تتبع فرع العمليات الخاصة بإدارة المخابرات، حسب تأكيد محمد الشافعى فى كتابه «حكاية المجموعة 39 قتال».
فى سجل البطولات الهائلة لمجموعة 39 قتال منذ أن بدأت عملها أثناء حرب الاستنزاف، نجد عملياتها الخاصة أثناء حرب 6 أكتوبر 1973، وفيها تدمير المنشآت البترولية فى بلاعيم.. يوضح «الشافعى» أن منطقة بلاعيم كانت تتسم بأنها المركز الرئيسى للمنشآت البترولية التى أقامها العدو الصهيونى لسرقة واستنزاف بترول مصر فى حقل بلاعيم الضخم، وطوال حرب الاستنزاف كانت فكرة تدمير هذه المنشآت مطروحة بقوة حتى لا يستفيد العدو من بترول مصر».. يؤكد الشافعى: «عند التخطيط لحرب أكتوبر كان لا بد أن تكون هذه المنشآت ضمن خطة الحرب حتى تقلل من الوقود الذى يستخدمه العدو لمعداته المشاركة فى الحرب».
احتاج تدمير هذه المنشآت البترولية إلى مشاركة كل الأسلحة وخاصة القوات الجوية والبحرية والصاعقة.. يذكر الشافعى أن «الرفاعى» قام قبل عشرة أيام من بداية الحرب باستدعاء النقيب محمد فؤاد مراد، وأخبره بأنه سيكون معه فى عملية ستتم فى عمق مواقع العدو، وطلب تجهيز بعض المعدات، وأخبر المساعد على حسن أبو الحسن، والرقيب أول مصطفى إبراهيم بأنهما سيشتركان فى العملية، وفى صباح السادس من أكتوبر طلب العقيد «عالى نصر» من النقيب محمد فؤاد تجهيز المعدات التى طلبها الرفاعى من قبل، وأبلغ العريف أحمد مطاوع إبراهيم باشتراكه فى العملية».
يؤكد الشافعى: «فى مطار ألماظة الحربى، كان هناك ثلاث طائرات هليكوبتر بطواقمها ينتظرون الرفاعى ورجاله، الطائرة الأولى يقودها المقدم جلال النادى وركب معه الرفاعى والرقيب أول مصطفى إبراهيم، وقاد الطائرة الثانية المقدم سيد زهران وركب معه النقيب محمد فؤاد مراد، والعريف أحمد مطاوع، وقاد الطائرة الثالثة النقيب محسن، وركب معه العقيد عالى نصر والمساعد أبو الحسن، وتحركت الطائرات الثلاث فى الساعة الخامسة وأربعين دقيقة مساء، أى بعد بداية الحرب بثلاث ساعات وأربعين دقيقة، وهبطت فى «بير عريضة» للتزود بالوقود فى الساعة السابعة إلا عشر دقائق، ثم أقلعت مرة أخرى فى الثامنة والنصف مساء متجهة إلى بلاعيم».
بدأت الطائرات عملية قصف المنشآت البترولية فى العاشرة إلا الربع تماما بالصواريخ وإلقاء براميل النابالم عليها لزيادة حدة الاشتعال، وحسب الشافعى فإن قوات العدو نجحت هى الأخرى فى إصابة الطائرات الثلاث، وجاءت إصابة الطائرة التى يقودها المقدم سيد زهران قوية ومؤثرة فى خزان الوقود فسقطت ليستشهد طاقمها ومعهم العريف أحمد مطاوع، وليتم أسر النقيب محمد فؤاد مراد بعد إصابته، بينما استطاعت الطائراتان الأخريان أن تواصلا الطيران لتصلا إلى «بير عريضة» فى الحادية عشر مساء لإصلاح ما بهما من تلفيات، واستطاعت الطائرتان التحليق مرة أخرى فى السادسة والربع صباحا لتصلا إلى مطار ألماظة فى الساعة السابعة وعشر دقائق صباحا بعد نجاح العملية.
واصلت قوات الاحتلال الإسرائيلى جهودها الهائلة لإطفاء الحريق، ونجح فى تشغيل حقل بلاعيم بشكل جزئى، فكان لابد من تدخل الضفادع البشرية لنسف «الرصيف البحرى» و«الخزان الرئيسى».. فى يوم 9 أكتوبر خرج 14 ضابطا على متن قاربين، واحد يقوده الضابط محمد سعيد ومعه سبعة أبطال، والثانى يقوده على عزمى ومعه الباقى، وقاموا بوضع 12 لغما فى «الرصيف البحرى» انفجرت جميعها بعد ساعة ونصف ليتم القضاء تماما عليه، وممن شاركوا فى هذه العملية الضباط، نبيل عبد الوهاب، رامى عبد العزيز، عمر عز الدين، عمرو البتانوني، عادل السحراوي، سعيد عامر، عبد الرؤوف سالم، حسين جاويش، محمود سعد، وهؤلاء الأبطال هم الذين شاركوا فى عملية الهجوم على ميناء إيلات.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة