محمد أحمد طنطاوى

ابحثوا عن سماعة يوسف

الثلاثاء، 08 أكتوبر 2019 10:52 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

نعم ابحثوا عن سماعة يوسف، فتشوا عنها فى كل مكان، اسألوا المعلمين والموظفين، اسألوا العمال والفراشين، اسألوا تلاميذ الفصل، تحدثوا عنها فى طابور الصباح والإذاعة والمدرسية، أرصدوا مكافأة لم يجدها، لأن يوسف لم يعد يستطيع الذهاب إلى المدرسة، ومن غيرها لا يمكنه السمع، فقد اعتاد عليها منذ أربعة سنوات، وصارت صديقته التى لا يمكنه الاستغناء عنها، فيعرف من خلالها العالم الخارجى، وتعلم منها النطق والكلام، ولا يمكنه أن يتعلم أو يذاكر دروسه بدونها.

هذه قصة لطفل فى الصف الأول الابتدائى، لم يتجاوز عامه السادس، تلميذ فى مدرسة أشتوم الجميل الحكومية فى بورسعيد، ولد فاقدا لحاسة السمع، وبعدما اكتشفت الأسرة الأمر سارعت للعلاج، ونجحوا فى إجراء عملية زرع قوقعة للطفل الصغير، كلفتهم 140 ألف جنيه، وهذه العملية لا يمكن للطفل أن يسمع بعدها إلا إذا تمكن من تركيب سماعة خارجية أو جهاز على الأذن يستطيع السمع من خلاله، ثمن هذا الجهاز 85 ألف جنيه.

يوسف ضاحى، لم يشعر بأى مشكلة طول 6 سنوات مضت، بل أمضى فى مدرسة أشتوم الجميل عامين "كى جى 1 و 2 " دون أى مشكلة، فالكل يعرف مشكلته، ويتفاعل معها، إلا أنه بعدما انتقل إلى الصف الأول الابتدائى ظهرت المشكلة، مع مدرسة الفصل، التى اعتقدت أن السماعة التى يلبسها يوسف "لعبة" فخلعتها عنه، ولا يعرف أحد بعدها أين ذهبت السماعة؟!  فالمعلمة تقول إنها وضعتها فى شنطة يوسف، فى حين أن شنطة يوسف خالية، أو ربما سقطت أو تم إلقاؤها هنا أو هناك،  لتظل الأزمة الرئيسية أن يوسف لم يعد يسمع، ولم يستطع حتى أن يتذكر تمتمة المعلمة بعد إذالة السماعة عن أذنه الصغير.

عرفت بالمشكلة من خلال مواقع التواصل الاجتماعى، حيث شاهدت شكوى موجهة إلى وزير التربية والتعليم من السيدة سهير عبد النبي، والدة الطفل يوسف، تشكو ما حدث، وعلى الفور تحدثت معها تلفونيا وسمعت منها القصة التى رويتها فى السطور السابقة.

لا أوجه اللوم إلى أحد، ولا أطالب بإقالة المعلمة التى عزلت يوسف عن العالم، ولكنى أدعو كل مسئول فى هذه الواقعة داخل وزارة التربية والتعليم أو خارجها، بضرورة توفير سماعة لهذا الطفل الصغير، الذى كانت حياته هادئة مستقرة وفجأة لم يعد يسمع، كان شخصا عاديا يقرأ ويتعلم ويتخاطب مع رفاقه ويمزح معهم، وفجأة أصبح لا يفهم من دون الإشارة وقراءة الشفاة، ولذلك لم يذهب إلى المدرسة منذ نحو 10 أيام.

أعيدوا ليوسف ما ضاع منه، وتعاملوا مع الصغار بحب وحكمة، ولا تتصوروا أن الطفل فى الصف الأول الابتدائى قد بلغ سن رشده، أو بات يستطيع تمييز كل شىء، فهؤلاء البراعم الخضراء تحتاج إلى عناية ورعاية لا لقسوة وعنف، حتى يخرجوا أسوياء رحماء.. من فضلكم جميعا ابحثوا عن سماعة هذا الطفل الذى لا أعرفه، وأعيدوا له طفولته مرة أخرى، فهذا البرىء أصغر بكثير من أن يحتمل فكرة أنه لم يعد يسمع من حوله.










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة