لا يمكن اعتبار مقتل أبو بكر البغدادى خليفة داعش نهاية للتنظيم، بل ربما يكون بداية لتحولات فى شكل التنظيمات الإرهابية، التى قد تتجه تحت ضغط الهزائم إلى عمليات متناثرة، أو تعيد بقايا التنظيمات تحالفات جديدة تحميها من التفكك. وقد اتجه بعض مقاتلى داعش بالفعل إلى غرب أفريقيا أو إلى بعض مناطق آسيا، وهذه القيادات خرجت وتوطنت بالتنسيق من قبل بعض الدول التى تسهل لها الإقامة وتوفر لها ملاذات آمنة.
المؤكد أن عملية قتل زعيم داعش تحمل الكثير من التفاصيل المثيرة، فضلًا عما يمكن أن يكون متوفرًا من أوراق يمكن أن تزيل بعض الغموض عن نشأة التنظيم والجهات التى ارتبط بها. فقد أعلن الرئيس الأمريكى ترامب، أن القوات التى قتلت البغدادى حصلت على أوراق مهمة حول التنظيم، لكن مصير هذه الأوراق يظل محكومًا بمدى إمكانية إعلانها أو نشرها بموافقة أجهزة الاستخبارات الأمريكية التى لا شك سوف تبحثها، فضلًا عن أن مثل هذه الأوراق عادة ما يتم توظيفها بطرق مختلفة. خاصة أن قيام تنظيم داعش مايزال محاطا بالكثير من الغموض والتشابكات، ويرتبط بعدد من أجهزة المخابرات، فضلًا عن دول كانت وربما ما تزال توظف التنظيم لأغراضها السياسية.
وهناك إشارات إلى أن تنظيم داعش طوال الوقت كان مخترقا من بعض أجهزة المخابرات الغربية والإقليمية، ويظهر ذلك فى إشارات متعددة إلى أن مساعدى البغدادى وعددا من قيادات التنظيم كانوا وراء تسريب معلومات عن مكانه، يضاف إلى ذلك أن الأوراق الأساسية لداعش والتى تتعلق بالشؤون المالية والعلاقات المعقدة للتنظيم، من الصعب أن تكون من بين الأوراق التى عثر عليها فى وكر البغدادى، والذى كان يعلم أنه يمكن أن يسقط فى أى وقت، وبالتالى فإن الأوراق ما تزال بعيدة عن أيدى كثيرين، خاصة تلك الأوراق التى تتعلق بالتجنيد والعلاقات التى يقيمها داعش مع جهات إقليمية متعددة. وتوقع بعض المحللين أن الكثير من أوراق داعش ربما تكون فى حوزة قيادات تم تهريبها من سوريا والعراق، وقد عثرت المخابرات الروسية والألمانية من قبل على بعض الوثائق الخاصة بالتمويل والتجنيد، وتم نشر بعضها، لكن تبقى الأسرار الأساسية للتنظيم تحت أيدى دول ساعدت فى قيام وتمويل التنظيم. وقد أعلن الرئيس التركى رجب طيب أروغان، فى بداية تلقى داعش للهزيمة، أن مقاتلى التنظيم سوف يتجهون إلى ليبيا وإلى سيناء.
وفى يوليو الماضى، حذر معهد دراسات الحرب، فى واشنطن، من أن داعش لم يُهزم نهائيًا، ويستعد للعودة مجددًا، على نحوٍ «أشد خطورة»، رغم خسارته أراضى «دولة الخلافة» المزعومة، فى سوريا والعراق، حيث يمثل أكثر من 30 ألف مقاتل خطرا محتملا وإمكانية للعودة، استغلالا لثغرات أمنية أو تنشيط الخلايا النائمة.
وهناك تقارير رصدت توجه مقاتلى داعش إلى غرب أفريقيا، حيث تسعى جماعة بوكو حرام التى تنشط فى غرب أفريقيا إلى تجنيد أطفال، وكشفت الأمم المتحدة عن تجنيد تلك الجماعة التى بايعت تنظيم داعش، نحو 8 آلاف طفل على الأقل فى وسط أفريقيا. يضاف إلى ذلك 12 ألف امرأة أجنبية وطفل، بحسب ما أعلن مسؤول فى قوات سوريا الديموقراطية والذى يحتجز أكثر من 8 آلاف مقاتل يقدر عدد الأوروبيين والأجانب بينهم بأكثر من 3 آلاف.
واستعادت دول قليلة منها فرنسا وروسيا والشيشان عددا قليلا من مواطنيهم أغلبهم من النساء والأطفال والأيتام، إلا أن أغلب الدول لا تريد استعادة مواطنيها من المقاتلين الذين انضموا لداعش، ولذلك فإن هؤلاء عالقين بلا دولة وبلا أرض مستقرة. وهناك احتمالات لهروب بعضهم بعد الغزو التركى لشمال شرق سوريا، فضلًا عن عدد من القيادات استقروا فى تركيا بالفعل بعد هروبهم من سوريا والعراق. وحسب تقرير لـ«نيويورك تايمز» فإن الدواعش المطاردين قد يتحولون إلى خطر وقنابل قابلة للانفجار فى أى لحظة وأى مكان.
كل هذه التفاصيل تجعل احتمالات التحول والتغير فى شكل التنظيمات الإرهابية واردًا حتى قبل مقتل أبو بكر البغدادى.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة