أثارت كنائس المنوفية حالة من الجدل على مواقع التواصل الاجتماعى بعدما ظهر بيان منسوب للأنبا بنيامين مطران المنوفية يمنع فيه إقامة الأفراح بعيدا عن الكنيسة، مع تسديد تأمين يدفعه العريس قبيل صلاة الإكليل للتأكد من الالتزام بتعليمات المطرانية التى تمنع تشغيل الأغانى أو الرقص، سواء فى ليلة الفرح أو الحنة التى تسبقها.
حكاية البيان الغامض الذى أثار الجدل على فيس بوك
البيان الذى ظهر دون ختم أو توقيع الأنبا بنيامين جاء كرد فعل على جروب "المنوفية هتفرح" الذى أسسه عدد من أقباط المنوفية للاحتجاج على لائحة العرس التى يطبقها المطران فى الإيبراشية منذ عام 2003، والتى تلزم العروسين بدفع مبلغ تأمين مالى يحدده الكاهن للتأكد من عدم إقامة فرح أو حنة خارج سور الكنيسة وهى قرارات لا تطبق إلا فى إيبراشية المنوفية فقط دون باقى كنائس الكرازة المرقسية، إذ تمنح السلطة الكنسية للأب الأسقف أو المطران حرية إدارة إيبراشيته بالطريقة التى يريدها طالما اتفقت مع شرائع وأحكام الكنيسة والكتاب المقدس.
شماس يروى حكاية منع فرق شقيقه وحرمان أسرته من الخدمة
مؤسسو جروب "المنوفية هتفرح" يروون حكاية تأسيس الصفحة على فيس بوك إذ يقول ماجد نبيل وهو طبيب بيطرى ومندوب أدوية، وشماس بالكنيسة إن الفكرة جاءت بعدما أراد شقيقه بيشوى أن يقيم عرسًا بمطرانية المنوفية بشبين الكوم بدلًا من كنيسة البتانون التابع لها نظرًا لصغر حجم القاعة وتواضعها، فطلب إذن من الأب الكاهن لكى يسمح له بإقامة الإكليل هناك، فما كان من الكاهن إلا أن رفض ظنا منه أن شقيقى سوف يعقد صلاة الإكليل فى الكنيسة ثم يستأجر قاعة للاحتفال بعدها فى أحد النوادى أو قاعات الأفراح الشهيرة بالمنوفية.
واستكمل ماجد: فى عيد الشهيد الأنبا صرابامون الذى يقام فى كنيستنا بمركز البتنانون تمكن أخى من الحصول على إذن الأنبا بنيامين لإقامة عرسه فى قاعة المطرانية، فطلب من الأب الكاهن الذى نصلى معه (أب الاعتراف) أن يكتب تعهدا يقر فيه بمسئوليته الكاملة عن الفرح، وأن يضمن ألا يرتكب أيا من العروسين أية مخالفة، وفى حال ارتكاب مخالفة سوف يسأل الأب الكاهن عن ذلك ولكن كاهن كنيستنا رفض.
وأضاف ماجد: ظل أخى طوال شهر ونصف يحاول إقناع الآباء الكهنة والمطران بحجز قاعة الكنيسة ولكنهم رفضوا، مما دفعنا لاستئجار قاعة خارجية رغم أنها لم تكن نيتنا فى الأساس، وبعد الفرح أبلغتنا الكنيسة أننا محرومون من التناول بشكل جماعى كعائلة حتى إن الكنيسة طلبت من عمى تسليم عهدته وخدمته ومنعه من الخدمة بعد هذا الموقف.
وقال ماجد إن المطرانية تضم ما يسمى "مجلس العرس" وهو مجلس متخصص فى شئون الأعراس يقر ويوقع العقوبة المناسبة على كل عريس فى حال ارتكاب مخالفات، سواء أكانت العقوبة مادية وهى حرمانه من استرداد مبلغ التأمين أو عقوبة روحية، مثل الحرمان من التناول أو الصلاة وتبريك المنازل.
ولفت ماجد إلى أن كل كنائس الكرازة المرقسية لا تطبق تلك التعليمات الصارمة التى تصل إلى حد التهديد بإلغاء تصريح الزواج، بينما دور الكهنة هو الإرشاد الروحى، فإيبراشية المنيا على سبيل المثال حذرت من المخدرات والخمور فى الأفراح وهو أمر مقبول أما منع الفرح برمته فلا أرى فيه أى مبرر.
وتابع: استدعانى المجلس الإكليريكى بالكنيسة باعتبارى شماسا وحقق معى واستمع لمطالبى، ولكنى فوجئت باللائحة التى ظهرت على فيس بوك، وسألت الأنبا بنيامين شخصيا إذا كانت ستطبق أم لا فأرسل لى لائحة أخرى تضم نفس الشروط التى نعانى منها طوال السنوات الماضية.
وقال ماجد إن شباب إيبراشية المنوفية يخططون لتنظيم وقفة احتجاجية سواء أمام المطرانية أو داخلها، للاحتجاج على لائحة الأعراس التى تطبق منذ سنوات فى المنوفية فقط دون غيرها من الإيبراشيات، مشددا على أن ما جرى فى عرس شقيقه أمر شائع فى المنوفية دفعه وجيله من الشباب للتفكير فى طريقة لوقف ذلك مستقبلا .
نعيم حنا: الكهنة يجوبون الأفراح الريفية للتأكد من اقتصارها على الترانيم
أما نعيم حنا، وهو ضابط بالمعاش، فيقول إنه انتقل للعيش فى المنوفية منذ 10 أعوام فقط، قبلها كان يعيش فى شبرا الخيمة وهى إيبراشية تابعة للأنبا مرقس، يروى قصة عرس شقيقة زوجته التى أقامت ليلة "حنة" فى منزلها الريفى بقرية حصة مليج، فما كان من الكاهن إلا أن رفض إعادة مبلغ الثلاثة آلاف جنيه التأمين الذى دفعه العريس لأن "ليلة الحنة" شهدت استماع إلى أغانى وليس ترانيم وهو أمر لا يليق بالسر المقدس مثلما أبلغ الكاهن الأسرة.
وأوضح حنا: نحن أسرة بسيطة وأقمنا حفلا عائليا فى منزلنا ولكننا ممنوعون من الاستماع إلى الأغانى حتى أن كهنة الإيبراشية يجوبون المنازل فى تلك الأفراح الريفية بالقرى يحملون "فلاشة" بالترانيم يشغلونها فى الأفراح، رغم أن مركز قويسنا الذى يبعد عنا 10 كم وهو تابع لإيبراشية الأنبا مكسيموس لا يحدث فيه كل تلك الممارسات، فالأسقف يبارك العروسين ويفتقدهم فى المنازل دون أى عقوبات أو غرامات فى حالة إقامة الأفراح.
واستنكر حنا دفع مبلغ تأمين للكنيسة لا يسترده أىّ من العروسين فى حال إقامة فرح، موضحا أن التأمين يدفع ضد تلفيات قاعة الكنيسة نفسها وليس ضد إقامة فرح، مضيفا: نؤمن أن الإكليل سر مقدس ولكن لا نفهم لماذا تفرض كل هذه القرارات على ليلة الحنة أو على العرس الذى يقام بعد انتهاء صلاة الإكليل فى الكنيسة، مؤكدا أن مثل هذه الطريقة تبعد الشعب عن الكنيسة بدلا من أن تقربه لله.
مينا يوسف: الكنيسة وقعت على غرامة مالية وروحية بعدما أقمت ليلة حنة
أما مينا يوسف جرجس فقد كان يخدم فى الكشافة الكنسية فى كنيسة البتانون حتى ليلة عرسه التى تغير بعدها كل شىء، فيقول: قبل الفرح بأيام استأذنت الأب الكاهن أن أقيم سهرة عائلية لأسرتى وأصدقائى وجيرانى من المسلمين فى بيتى وشغلت دى جى بسيط دون أى تجاوزات، واتفقت مع الكاهن على ذلك حتى لا نثير غضب المطران ونلتزم بتعليماته يوم العرس.
وأضاف: يوم العرس صباحا فوجئت بالكهنة اتصلوا بى وأبلغونى بضرورة دفع ثلاثة آلاف جنيه كتأمين إضافى بعد أن احتفلت بالحنة، وحين رفضت هددوا بعدم إتمام صلاة الإكليل فى الكنيسة وبإلغاء عقد الزواج برمته، وبالفعل سدد جدى ووالد زوجتى هذه الغرامة كاستجابة خوفا من إلغاء الفرح فى نفس اليوم.
وتابع: قبل الفرح حصل الكهنة على ألفى جنيه منى وألفى جنيه من أسرة العروس كتأمين لقاعة الكنيسة وبعد أن أقمت عرسى قرر أصدقائى الاحتفال بى فى قاعة محترمة بالبتانون، فوقعت الكنيسة عقوبات ضدى وحرمتنى من التناول ورفضت إرجاع مبالغ التأمين لى مرة أخرى، وهى كلها وقائع معروفة وتحدث فى المنوفية منذ عام 2003.
فى نفس السياق، حاول "اليوم السابع" التواصل مع الأنبا بنيامين أو القمص بولا يعقوب وكيل الإيبراشية لكنه لم يرد، ولكن فى وقت سابق أجر "اليوم السابع" حوارا مع الأنبا بنيامين أكد فيه الاحتشام فى الأعراس أمر أساسى ووفقا لقوانين الكنيسة، فإن العروس ترتدى الحرملة ويرتدى العريس البورنص، مضيفا: المشكلة فى المدعوين الذين لا يدركون قيمة الزواج كسر مقدس، سر الزواج يحل فيه الروح القدس والله طرف ثالث فيه بين الزوج والزوجة، لأنه هو الذى جمعهم فما جمعه الله لا يفرقه إنسان، ونطلب ارتداء ملابس وقورة تتناسب مع الصلاة والسر، وعلى الناس أن تعرف إنها مدعوة لقداس وليس حفلة، وهناك فرق بين الحفلة والقداس.
وأوضح الأنبا بنيامين أن مسألة إقامة الأعراس تحتاج إلى ضوابط لأن الرقص والأغانى لا تليق بالسر المقدس، مضيفا: نحاول أن نؤسس قاعات جوار الكنائس يأكل فيها المدعوون ويشربون، مع تشغيل ألحان كنسية أو ترانيم دون خلاعة، وتصبح جلسة جميلة ووقورة واحترام للسر والقدس، ونحاول أن نوعى الناس من أجل بركة السر، والزواج بدون عمل الله لا يمكن أن يستمر، لذلك نسبة الطلاق تزيد، واستكمل مطران المنوفية: كانت نسبة الطلاق سنة 1976، نسبة 4 فى الألف، وأصبحت 12% أى زادت أربعين ضعفا، وإن استمرت بهذا المعدل نسبة الفشل ستزيد فى الزواج، وفى رأيى أن عمل الروح القدس والبركة التى يأخذونها فى إكليل الزواج أساس، فلا يصح أن نفعل ما يتعارض مع البركة والوقار، وهناك فرق بين من يغنى ويرقص بعيدا عن السر المقدس، ومن يفعل ذلك احتفالا بالسر.
واختتم: الفكرة ليست حراماً أو حلالاً، بل هى ما يليق وما لا يليق، الزواج عمل إلهى وليس عملا بشريا، الله هو من خلق الرجل والمرأة، لذلك نرفض الزواج المثلى والزواج المدنى لأن الله ليس طرفا فيه، ونرفض كل صور الارتباط خارج دائرة الدين لأن هذا هو البركة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة