أكرم القصاص - علا الشافعي

فى ذكرى العدوان الثلاثى.. محمد مهران فدائى يكشف كواليس حصرية عن المقاومة

السبت، 02 نوفمبر 2019 03:00 ص
فى ذكرى العدوان الثلاثى.. محمد مهران فدائى يكشف كواليس حصرية عن المقاومة محافظ بورسعيد يطمئن على البطل محمد مهران خلال مرضه
بورسعيد – السيد فلاح – محمد فرج

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

يقدّم الفدائيون ثمنًا غاليًا فى سبيل الاحتفاظ بلقب مشرّف ضمن قائمة الأبطال، فقرر محمد مهران أن يجعل من نظره قربانًا لحماية الوطن، عندما رفض إعطاء قوات الاحتلال معلومات عن حصن بورسعيد فأثره الإنجليز واقتلعوا عينيه.

البطل الفدائى محمد مهران، قائد المقاومة الشعبية ببورسعيد، والذى كان ضمن قوات الحرس الوطنى ببورسعيد، وقائدًا للسرية الثانية من الكتيبة الأولى، كانت مهمته الدفاع عن مدخل مدينة بورسعيد الغربى، ومطار بورسعيد، ومنطقة الجميل.

سقط على يدى مهران الكثير من جنود الاحتلال، حيث انضم إلى الكتيبة الأولى للحرس الوطنى، بعد أن صدرت له أوامر فى التاسع من أكتوبر 1956 باعتباره قائد الكتيبة الثانية "حرس وطنى" بأن يتوجه شمال غرب بورسعيد، فى منطقة "الجميل" تحديدًا، للدفاع عن مدخل المدينة الغربى، والمطار، وكوبرى الجميل.

يقول البطل الفدائى محمد مهران، فى تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع"، وهو واحد من الذين حملوا أرواحهم على أكفهم من أجل مدينته الباسلة بورسعيد، إنه كان يتم الاحتفال بعيد النصر فى بورسعيد، والاستعداد له قبلها بأكثر من شهر، خاصة فى الفترة من 23 ديسمبر 1957 وحتى 23 ديسمبر 1966، وكان هذا اليوم يشهد مهرجانًا كبيرًا وكان يحضره الزعيم الراحل جمال عبد الناصر والحكومة كلها كانت تحضر هذا الاحتفال وكانت هناك عروض عسكرية وكلمة لرئيس الجمهورية وكانت القرارات المهمة يصدرها الرئيس عبد الناصر وهو فى بورسعيد فى خطابه بعيد النصر، وفى هذا اليوم كانت الإذاعة المصرية تقول فى تقديم برامجها "إذاعة الجمهورية العربية المتحدة من بورسعيد" أو"صوت العرب من بورسعيد" وكان عبد الناصر يهتم بأبطال بورسعيد ويحرص على اللقاء بهم.

ويعود مهران بالذاكرة إلى الأيام التى كان الأطفال والشباب ومنهم "مهران" يتسللون داخل معسكرات الانجليز خاصة معسكر "جولف كامب" بشارع محمد على وبعد كل غارة على هذا المعسكر كان الإنجليز ينتشرون بالشارع بمدافعهم ودباباتهم على الجانب الشرقى من الشارع ونحن كمصريين على الجانب الغربى من نفس الشارع وهم يفتحون علينا أسلحتهم وكنا وقتها لا نملك سوى قذفهم بالحجارة والزجاجات الفارغة والكور المشتعلة، وبعد قيام الثورة أصبح العمل الفدائى مشروعًا ومدعمًا من النظام الحاكم حتى أن القوات المسلحة افتتحت معسكرًا فى بورسعيد للتدريب على العمل الفدائى تحت اسم "فدائية حرس وطنى بورسعيد".

وأضاف: انضممنا نحن كشباب بورسعيد لهذا المعسكر وتلقينا التدريبات على العمل الفدائى، وكنا نطارد القوات البريطانية فى الشوارع والطرقات وداخل معسكراتهم وفى هذا الوقت كان وجود البريطانيين من بورسعيد للإسماعيلية جنوبًا ولم يكن لهم وجود فى أى مكان فى مصر إلا فى هذه المنطقة ونتيجة للعمليات الفدائية ولعوامل أخرى وقعت اتفاقية فى 19 أكتوبر عام 1954 سميت اتفاقية الجلاء وتم جلاء آخر جنود بريطانيا من ميناء بورسعيد فى أوائل يونيو عام 1956 وفى 18 يونيو 1956، أعلنت بريطانيا الجلاء عن مصر وكان على رأس المحتفلين بالجلاء فى بورسعيد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر وعند وصوله وقتها إلى الميناء كنا نلتف حوله وكان العلم البريطانى مرفوعًا داخل الميناء طوال 74 عامًا يدنس سماء مصر، ولكن بيد الرئيس عبد الناصر تم إنزال العلم البريطانى، وقمنا كفدائيين وقتها بالتقاط العلم من يده ومزقناه وبيد عبد الناصر أيضًا ارتفع علم مصر عاليًا خفاقًا داخل ميناء بورسعيد ليعلن للعالم استقلال مصر وفى مساء الخميس 26 يوليو 1956 ونحن نحتفل بأعياد الثورة أعلن عبد الناصر فى خطاب الثورة من الإسكندرية قرار تأميم قناة السويس المصرية.

ويضيف البطل الفدائى مهران، أن قرار التأميم وقيام بريطانيا وفرنسا بالإعداد للعدوان على مصر بمشاركة الصهاينة وفى 27 يوليو 1956 تم استدعاء فدائيى بورسعيد، وفى اليوم نفسه شكلت الكتيبة الأولى لفدائيى حرس وطنى بورسعيد وكان لى عظيم الشرف أن أكون قائدًا للسرية الثانية من الكتيبة الأولى، وكلفت أنا وسريتى بالدفاع عن مطار الجميل وانتقلنا إلى هناك وبدأنا نتلقى التدريبات على أرض المعركة المنتظرة حتى يوم 29 أكتوبر 1956، مشيرًا إلى أن الغارات الوحشية على بورسعيد بدأت يوم الإثنين 5 نوفمبر عام 1956 وفى هذه الفترة أحرقت القوات البريطانية حى المناخ بأكمله بـ"النابالم" وكان ثلث بورسعيد كلها.

وفى حى العرب دمروا بالطائرات منطقة الجمرك القديمة وبعض العمارات السكنية وفى الإنزال البحرى فى 6 نوفمبر دمروا شاطئ بورسعيد بأكمله.

وأكد البطل الفدائى مهران، أن الملحمة الوطنية بدأت وأنا عندى 18 سنة، منذ صدور قرار من قيادة الحرس الوطنى بصفتى قائد الكتيبة الثانية للحرس يقضى بالتوجه فورًا للانضمام للكتيبة الأولى غرب بورسعيد، للدفاع عن مدخل المدينة الغربى والمطار وكوبرى الجميل، مشيرًا إلى أنه فى 5 نوفمبر واصلت الطائرات المعتدية كعادتها ضرب منطقة الجميل وبعض المناطق السكنية فى بورسعيد وحوالى الساعة السابعة والنصف صباحًا كان الإنزال الأول للمظلات البريطانية فى الجميل.

واستطعت أنا وسريتى القضاء على الدفعة الأولى للمظلات البريطانية فى الجميل ثم عادت الطائرات المعتدية تضرب الجميل بشكل لم يسبق له مثيل وفى الظهر توقف القصف الجوى ووجدت طائرة "هليوكوبتر" فى حراسة 3 طائرات مقاتلة وهبط منها بريطانيين مسلحين ومزودين بأجهزة لاسلكية والطائرة ارتفعت وتبعتهم المقاتلات يحلقون فوقها وعرفت أنهم وحدة استطلاع بريطانية وصلوا لاستطلاع المنطقة تركناهم يستطلعون المنطقة وجاءت الطائرة ثم قاموا بعملية مسح فى المنطقة بمدافع "الفيكرز" استمرت ثلث ساعة تقريبًا وبعد انتهائهم من المسح كانت سماء المعركة مليئة بالطائرات حاملات الجنود وكان الإنزال الثانى للمظلات البريطانية بالنسبة للجميل والرئيسى بالنسبة لبورسعيد.

وبدأ القتال الفعلى بين الفدائيين والمظلات البريطانية حتى استطعنا قتل أعداد كبيرة منهم لكنهم وصلوا للأرض لكثرة عددهم وأمرت زملائى أن يكثفوا الضرب وفوجئت بزميل معى فى نفس الحفرة البطل زكريا محمد أحمد يرفع الغطاء من فوق الحفرة ويسرع داخل صفوف المعتدين ويشتبك معهم بسنكى البندقية ولكنه أصيب بدفعة رشاش فى ظهره وسقط جريحًا فاضطرت أن أرمى قنبلتين يدويتين متتاليتين على تجمع المعتدين وأسرعت إلى الخلف وهبطت فى حفرة أخرى.

وكان المعتدون ينتشرون وحاصروا الحفرة ونحن نتبادل إطلاق النار فأصبت برصاصة فى رأسى وسحبونى من الحفرة وجردونى من السلاح، وفتشونى تفتيشًا ذاتيًا وحصلوا من جيوبى على الكارنيه الذى يثبت شخصيتى الفدائية وقيادتى للسرية ويوميات السرية وعرفوا كل حاجة عنى وعندما أفقت من الإغماء وجدتهم احتلوا مطار بورسعيد ومنطقة الجميل ودار حوار بينى وبين جنود المعتدين.

وتابع: حاولوا الحصول منى على معلومات تخص فدائيى بورسعيد فرفضت إجابتهم لطلبهم مما أوعز صدورهم فحكموا على باقتلاع عينى وإهدائها إلى الضابط البريطانى الذى أصيب بنيران مدفعه وذلك لترقيع عينية وقام البريطانيون بنقلى من بورسعيد بطائرة إلى مطار "لارنكا" بقبرص بعد جهاد طويل ومقاومة للاحتلال فى المدينة الباسلة حيث تم نقلى إلى مستشفى القوات البريطانية، ورغم أننى كنت أسيرًا ومصابًا إلا أن البريطانيين لم يترددوا فى تعذيبى جسديًا إلى أن حضر الطبيب البريطانى المكلف بإجراء العملية وساومنى فى شان ترك إحدى عينى مقابل الإدلاء بالمعلومات التى يريدونها، هذا بالإضافة إلى إعطائهم حديثًا بصوتى عن السياسة المصرية الفاشلة وعن الاحتفاء الرائع الذى استقبل به شعب بورسعيد القوات البريطانية وأمهلنى قليلًا لأفكر.

وأحضر الطبيب جهازًا ما ووضعه أمامى وطلب منى أن أتكلم فقلت، "من هنا أطلب من الله النصر لقادتنا المصريين على أعداء مصر، فبادر الطبيب برفع الجهاز من أمامى ولطمنى على وجهى عدة لطمات ونقلنى إلى غرفة العمليات وفعلا تم قلع عينيى الإثنين وإعطاؤهما للضابط الإنجليزى ثم أعادونى إلى بورسعيد مرة أخرى وقالوا لى أخذنا عينيك حتى تكون عبرة لأمثالك فى مصر وعند وجودى فى بورسعيد، قام كمال الدين رفعت، عضو مجلس الثورة بخطفى ونقلى للمستشفى العسكرى بالقاهرة وبمجرد علم الرئيس عبد الناصر بوصولى أسرع لزيارتى ومع المشير عبد الحكيم عامر، وبعض رجال الثورة وطلب منى الرئيس أن أروى ما حدث.

وعندما وصلت للجزء الذى قالوا فيه حتى تكون عبرة لا مثالك فى مصر قال لى الرئيس عبد الناصر: الإنجليز اخطأوا خطأً كبيرًا يا مهران لأنهم أخذوا بعينيك ليس لتكون عبرة لأمثالك من المصريين مثلما وصفوك ولكن لتكون قدوة لأى مصرى، وأى حر فى العالم سوف يشاهد وحشية الاحتلال الذى يقوم بنزع عينى إنسان يدافع عن بلده، ولا يمكن لأى مصرى أو حر فى العالم أن يسمح لأى جندى يحتل أرض بلده حتى ولو كان الثمن حياة هؤلاء الأحرار، ولذلك أقول لك أنك حرمت جنود الاحتلال من مميزات كثيرة فى العالم.

 

البطل-الفدائى-محمد-مهران-(1)
 
البطل-الفدائى-محمد-مهران-(1)
 
البطل-الفدائى-محمد-مهران-(3)
 

 

البطل-الفدائى-محمد-مهران-(4)
 
البطل-الفدائى-محمد-مهران-(5)
 
محافظ-بورسعيد-يطمئن-على-البطل-محمد-مهران--خلال-مرضه-(3)
 
محافظ-بورسعيد-يطمئن-على-البطل-محمد-مهران--خلال-مرضه-(4)
 
محافظ-بورسعيد-يطمئن-على-البطل-محمد-مهران--خلال-مرضه-(5)
 
محافظ-بورسعيد-يطمئن-على-البطل-محمد-مهران--خلال-مرضه-(6)
 

 

 










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة