قالت مجلة الإيكونوميست البريطانية ، إن إعلان وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، مؤخرا عن شرعية المستوطنات الإسرائيلية لم يأتِ في إطار جدول زمني محدد، لكنه في الوقت ذاته لم يكن أمرا مُستبعدا.
ونبهت الإيكونوميست، إلى أن هذا الإعلان هو الأخير في سلسلة من الإيماءات التي اتخذتها إدارة الرئيس ترامب، على مدار العامين الماضيين، والتي كان بينها الاعتراف بالقدس عاصمةً لإسرائيل، وقبول سيادتها على مرتفعات الجولان المحتلة.
وبنظرة أكثر شمولا، رأت المجلة أن هذا التغيّر في السياسة الأمريكية يأتي متساوقا تماما مع ميل ترامب إلى الخروج على الأعراف الدبلوماسية المعمول بها.
ورغم بعض الأصوات المعارِضة، فإن ثمة إجماعا دوليا منذ عقود على أن المستوطنات الإسرائيلية في الأراضي التي احتلتها إسرائيل في حرب عام 1967 هي غير قانونية، وأنها تأتي بالمخالفة لما نصت عليه اتفاقية جنيف الرابعة، والتي جاء فيها أنه "لا يحق لقوى الاحتلال ترحيل أو نقل شرائح من سُكانها المدنيين إلى الأراضي التي تحتلها".
وأكدت الإيكونوميست أنه وعلى مدى أكثر من أربعين سنة، كانت هذه هي الصورة حتى في أعين حلفاء إسرائيل، ومن بينهم الإدارة الأمريكية ،
لكن إسرائيل، التي لم تجد رادعا، تشبثت بتفسيرها هي للقانون الدولي؛ وعلى مدى الـ 52 عاما الماضية، أقامت إسرائيل مئات المستوطنات، في القدس الشرقية (التي ضمتها إسرائيل رسميا عام 1967، وفي أجزاء أكبر من الضفة الغربية (التي تسميها إسرائيل يهودا والسامرة) ، أما الفلسطينيون، ومعظم دول العالم، فيرون هذه المستوطنات ومعها قطاع غزة أجزاءً من دولة فلسطين المستقبلية.
ونوهت المجلة البريطانية عن أن المستوطنات أُقيمت وتوسعت على مدى الخمسين عاما الماضية تحت كل الحكومات الإسرائيلية، أيا كان الحزب الحاكم؛ وكان حزب العمل يساوم بورقة الأراضي المحتلة في صفقات السلام المستقبلية مع الأردن والفلسطينيين، أما حزب الليكود -الذي يتزعمه بنيامين نتنياهو- فيرى الضفة الغربية وطنا يهوديا قديما لا يمكن التخلي عنه.
ورأت الإيكونوميست أن توقيت الإعلان الأمريكي ربما أشرف على تحديده مناصرون في إدارة ترامب للمستوطنات الإسرائيلية. ويمكن من بين هؤلاء تمييز ديفيد فريدمان، محام ترامب السابق وسفيره الحالي في إسرائيل، والذي كان يدفع صوب تغيير على هذا الشكل في السياسة الأمريكية ، هذا الدفع من جانب فريدمان أتى في جزء منه ردًا على حُكم أصدرته محكمة العدل الأوروبية في الثاني عشر من نوفمبر الجاري يعزز إرشادات الاتحاد الأوروبي بأن الصادرات الواردة من مستوطنات الضفة الغربية لا ينبغي أن توسَم بعبارة "صُنع في إسرائيل"، ويشدد على أن عملية التصنيع تمت على الأراضي المحتلة.
وقالت المجلة البريطانية إن إعلان بومبيو من غير المحتمل أن يكون له أي أثر فوري على الأرض؛ فالعملية الاستيطانية تتوسع بخطى ثابتة ومستقرة على أية حال، كما أن الثلاث السنوات الماضية في ظل ترامب شهدت وصول نحو 30 ألف مستوطن جديد ، وإذا كانت حكومة نتنياهو لم تُضف بشكل رسمي في هذه الفترة سوى مستوطنة جديدة واحدة، فإن المستوطنين اليهود وبشكل مستقل، افتتحوا 26 بؤرة استيطانية جديدة بينما حكومتهم تغض الطرف عما يفعلون.
وبالمثل، بالنسبة للفلسطينيين، الذين سارع قادتهم إلى إدانة الخطوة الأمريكية، فإن واقع الأمر لن يتغير أيضا على الأرض؛ فعلاقاتهم بإدارة ترامب مقطوعة بالفعل.
واستبعدت المجلة أن يسفر الإعلان الأمريكي، على المدى القصير، عن طفرة في العنف من جانب الفلسطينيين ، لكن على المدى البعيد، يمكن لهذه الخطوة أن تسفر عن أضرار؛ فقد تتشجع أية حكومة إسرائيلية مستقبلية بموجب هذا الإعلان الأمريكي على تحقيق وعْدٍ كان نتنياهو قد قطعه على نفسه بضم أجزاء من الضفة الغربية رسميا إلى إسرائيل لكنْ لم تُسعفه نتائج الانتخابات.
وتُشكل المستوطنات، لا سيما تلك المأهولة بيهود متعصبين في قلب الضفة الغربية، عبئا اقتصاديا وأمنيا على دولة إسرائيل؛ وعليه، فإن ضم الضفة الغربية في ضوء ذلك يعني جُملة من المشاكل على كاهل تلك الدولة ، ومن زاوية أخرى، إذا أُلبِس الفلسطينيون ثوب المواطَنة الإسرائيلي، فإن عددهم سرعان ما سيتجاوز عدد شركائهم في الدولة من اليهود، وإذا لم يتمتع الفلسطينيون بالحقوق نفسها، فإن إسرائيل ستغدو دولة فصلٍ عنصري.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة