بريطانيا ستخسر أكثر من مليار جنيه استرليني، سنويا، تتلقاها الآن لتمويل البحث والتطوير من الاتحاد الأوروبي، ومع هذا يفضل أغلب الباحثين فى الجامعات البريطانية، الخروج من الاتحاد الأوروبي، رغم أنهم في استفتاء أجري 2016، كانوا يؤيدون البقاء تحت راية الاتحاد.
لكن كل هذا قد يكون عقبة أمام تنفيذ طموحات بريطانيا فى أن تظل قوة عالمية عظمى في العلوم، وخطوة شديدة الخطورة أمام طموحات الملكة التى تحدثت الشهر الماضى عن رفع استثمارات البلاد بالبحث والتطوير إلى 2.4 % من الناتج المحلي الإجمالي (حاليا 1.7 %)، وهى السياسية التى كانت مستمرة للحكومة لأكثر من عامين.
قال السير فينكي راماكريشنان، رئيس الجمعية الملكية "طبيعة التعاون الخارجي والدولي لقطاع الأبحاث والابتكار في بريطانيا تعد عاملا رئيسا في نجاحنا العالمي"، مضيفا :"من الصواب أن نراجع مكاننا على المسرح العالمي لكن علينا أن نتأكد من أن نحمي العناصر التي تعمل بالفعل بشكل جيد".
ميزانية البرنامج الرئيس للبحوث في الاتحاد الأوروبي، المعروف باسم "هورايزن 2020"، تبلغ 74 مليار يورو على مدار سبعة أعوام حتى نهاية 2020.
المفوضية الأوروبية، تريد أن ينفق برنامجها التالي "هورايزن أوروبا"، 100 مليار يورو، للمدة نفسها بدءا من 2021، على الرغم من أنه لا يزال يتعين معرفة ما إذا كان هذا الطموح سينجو من مساومات الموازنة خلال الأشهر القليلة المقبلة.
وذكرت جريدة الاقتصادية ، أن الحكومة البريطانية السابقة، أصرت قبل حملة الانتخابات العامة الحالية على أنها ستسعى للحفاظ على علاقة وثيقة مع الاتحاد الأوروبي في مجال البحث والابتكار، بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
يشمل ذلك الدفع مقابل المشاركة، بصفتها عضوا مشاركا في "هورايزن أوروبا"، الذي سنت قوانينه لتمكين البلدان غير التابعة للاتحاد الأوروبي من الالتحاق بالبرنامج، على أنه لا يزال علينا أن ننتظر لنرى ما إذا كان ذلك ممكنا لبريطانيا، وإذا ما كان ممكنا فكيف سيتم؟
يقول السير فينكي : "محاولة استبدال برنامج هورايزن أوروبا بتدفقات تمويل محلية ذات قيمة مالية مماثلة سيجعلنا في أفضل الأحوال نقف صامدين، ومن المحتمل أن نشهد اتخاذنا خطوة إلى الوراء، مع تراجع كبير في العلاقات مع جيراننا الأوروبيين، الذين كانوا لنا أسرع المتعاونين نموا في الأعوام الأخيرة".
التحليل الذي أجرته الجمعية الملكية، وهي هيئة علمية مرموقة في بريطانيا، يؤكد أدلة متداولة على أن توقع خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي يقلل بالفعل من تدفق التمويل الأوروبي إلى الباحثين البريطانيين، حتى في الوقت الذي لا تزال فيه بريطانيا جزءا من الاتحاد الأوروبي.
حصة البلد من تمويل "هورايزن 2020"، انخفضت من 15.8 في المائة (1.49 مليار يورو) في 2015 إلى 11.3 في المائة (1.06 مليار يورو) في 2018.
في حين ظل معدل نجاح طلبات بريطانيا، ثابتا مقوضا بذلك فكرة أن نتيجة الاستفتاء ربما تكون جعلت مقدمي المنح في الاتحاد الأوروبي متحيزين ضد بريطانيا، إلا أن عدم اليقين بشأن المستقبل قلل عدد الباحثين المتقدمين للحصول على أموال الاتحاد الأوروبي للعمل مع علماء بريطانيين أو في بريطانيا.
سارة ماين، المديرة التنفيذية لحملة العلوم والهندسة، ترى أن ما يبعث الطمأنينة، هو أن أكثر المنح العلمية المرموقة التي منحها مجلس البحوث الأوروبي، تظهر انخفاضا أقل في حصة بريطانيا، من 21 إلى 19 %، إذا نظرنا إلى ما وراء عملية "بريكست" بظلها الكبير، فإن حكومة المحافظين الحالية تدعم بشكل كبير تمويل العلوم والأبحاث.
وتضيف ماين: "هناك حماسة أكبر للعلم في 10 داوننج ستريت، أكثر مما رأيناه لفترة طويلة"، وأضافت : "رئيس الوزراء بوريس جونسون كان حريصا على ربط نفسه بالعلوم في الصفحة الأولى، من خطاب تنصيبه المنمق بإشارات حماسية تجاه العلوم في بريطانيا، تليها إعلانات جريئة بشأن تمويل البحوث والمهارات".
إذا تمت إعادة انتخاب المحافظين الشهر المقبل، فمن المحتمل أن يتم تنفيذ مقترحاتهم المقدمة خلال خطاب الملكة الشهر الماضي، الطموح لرفع استثمارات البلاد في البحث والتطوير إلى 2.4 % من الناتج المحلي الإجمالي (من نحو 1.7 % الآن) كان سياسة حكومية لأكثر من عامين، لكن الالتزام بجعل بريطانيا "قوة عالمية عظمى في العلوم" يظهر تأثير مستشار رئيس الوزراء دومينيك كامينجز، وهو من محبي العلوم والتكنولوجيا.
وعلى وجه التحديد، فإن الاقتراح الداعي إلى إنشاء وكالة تمويل لـ "مجالات العلوم والتكنولوجيا الناشئة" يعكس إعجاب كامينجز بوكالة مشاريع الأبحاث المتقدمة للدفاع الأمريكية "داربا"، التي سيتم "تصميم الوكالة بوجه عام" على شاكلتها.
أليس جاست، المهندسة الكيميائية الأمريكية التي أصبحت رئيسة لجامعة إمبريال كوليدج في لندن 2014، بعد عدة أدوار قيادية لها في التعليم العالي الأمريكي، وهي تتخذ موقفا "إيجابيا بشكل عام" ، بشأن المشهد البريطاني، بما في ذلك الطريقة التي تم بها الجمع بين وكالات التمويل العام المختلفة قبل عامين، تحت مظلة هيئة تسمى هيئة بريطانيا للبحوث والابتكار.
وقالت أليس جاست، "بريطانيا كانت جيدة في دعم البحوث، على الرغم من أننا نحتاج إلى معرفة كيفية الحفاظ على تعاوننا الدولي بعد مغادرة الاتحاد الأوروبي"، ، وتوضح جاست ، أن جامعات بريطانيا يمكنها أن تفعل مزيدا لجلب التمويل من مصادر غير حكومية مثل الجمعيات الخيرية والشركات.
وكما تقول جاست "تمويل الشركات والعلاقات ليس قويا هنا كما في بعض المناطق في الولايات المتحدة"، وتضيف "نحن بحاجة إلى أن نفكر أكثر في كيفية إنشاء بيئة ريادية مواتية للمشاريع الحرة".
وترى البروفيسورة جاست : "هناك كثير من المحسنين الذين سيتمكنون من استخدام نقاط القوة في جامعات بريطانيا، لإحداث تأثير هائل في جميع أنحاء العالم".
الاستثمار الخيري يساعد جامعة إمبريال أن تبني حرمها الجديد في غرب لندن، بعد تبرع بقيمة 40 مليون جنيه استرليني من شركة مايكل يورن لصناعة الأسمنت، لإنشاء مركز هندسة طبية بيولوجية هناك، أسهمت عمليتا تبرع أخيرتان بقيمة 25 مليون جنيه استرليني لكل منهما في إنشاء مدرسة جديدة للصحة العامة في منطقة وايت سيتي.
التبرع الأول من ماريت مون، التي جاءت ثروتها من أعمال الهندسة البحرية النرويجية لعائلتها، إذ منحت 25 مليون جنيه استرليني لإنشاء مركز لصحة الأطفال ورفاهيتهم، ثم أعلنت جامعة إمبريال الشهر الماضي تبرعا مماثلا من شركة خليجية ستمول معهدا لتحليل الأمراض والطوارئ.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة