صدر عن أكاديمية الشعر التابعة للجنة إدارة المهرجانات والبرامج الثقافية والتراثية بأبوظبى، وبالتعاون مع جائزة الشيخ زايد للكتاب، معجم الغاف فى الإمارات، من تأليف وإعداد الباحث سلطان العميمي، وهو أول معجم من نوعه يصدر فى المنطقة عن شجرة الغاف التى تم اختيارها رمزاً لعام التسامح فى الإمارات لهذا العام 2019، ويقع المعجم فى مائتين وثمانين صفحة فى قطع من الحجم الكبير.
وقد مهّد المؤلف لمادة المعجم بفصل عن شجرة الغاف وحضورها فى اللغة واللهجة والثقافة المحلية والشعر النبطى فى دولة الإمارات. كما خصص مادة فى ألفصل نفسه عن أهمية شجرة الغاف عند المغفور له بإذنه تعإلى الشيخ زايد بن سلطان وجهوده للمحافظة عليها ووحمايته، ثم عرّج المؤلف إلى الحديث عن فلسفة تسمية أشجار الغاف ومناطقها، وتصنيف هذه المسميات بدلالاتها المعجمية والسيميائية، أما تبويب مادة المعجم، فقد اعتمد المؤلف الترتيب الألف بائى لمواده التى بلغ عددها فى المعجم أكثر من تسعمائة مادة عن هذه الشجرة، منها ما ارتبط بمسمياتها فى مختلف إمارات الدولة، ومنها ما ارتبط بأنواعها ومناطق انتشارها.
ويعتبر معجم الغاف أول عمل أكاديمى يعنى بتوثيق مسميات أشجار الغاف فى مختلف إمارات الدولة وأسباب تسمياتها ومواقعها ومصطلحاتها المتصلة بأماكن نموها وأنواعها وأعدادها وأجزائها ومراحلها العمرية وثمارها وكيفية الاعتناء بها، وتعتبر الأسماء التى أطلقها أهل الإمارات على أشجار الغاف فى الماضى شاهداً على أحداث تاريخية مهمة، مثل عود التوبة فى مدينة العين، الذى ارتبطت تسميته بفترة حكم الشيخ زايد الأول، وغافات زايد فى إمارة دبى، التى ارتبط اسمها بالشيخ زايد الأول، وغافات زآخر التى شهدت حفل زواج الشيخ زايد بن سلطان طيب الله ثراه بالشيخة فاطمة بنت مبارك، وغافة الحصان فى مدينة العين، التى كان الشيخ زايد بن سلطان يربط حصأنه أسفلها عند تفقده أحوال المنطقة عندما كان فيها ممثلاً لحاكم أبوظبى.
واعتمد المؤلف فى جمع مادة المعجم على عدد كبير من المصادر والمراجع، منها الروايات الشفهية التى سجلها عن عدد غير قليل من الرواة فى عدد من إمارات الدولة، إضافة إلى توثيقه ما ورد عن الشجرة نفسها من مسميات ومعلومات فى عدد من المصادر المرئية والسمعية والمراجع المكتوبة المتخصصة فى التراث والثقافة والجغرافيا والتاريخ بدولة الإمارات.
وتعتبر شجرة الغاف رمزاً مهماً فى حياة أهل المنطقة فى الماضي، وتعد مكوّناً مهماً للثقافة الإماراتية فى جوانبها المتصلة بالجغرافيا والبيئة والأطعمة والإبل والطيور والترحال. وجاء اختيارها من قبل حكومة الإمارات رمزاً لعام التسامح عن عمق معرفة وإدراك بأهميتها فى حياة أهل المنطقة، وكذلك من حيث علاقتها بمفهوم التسامح والتعايش، وهى أبعاد لم يدركها بعض من رأوا فى الشجرة وحضورها فى المجتمع الإماراتى مجرد رمز من رموز أصالة المكان.
وذكر المؤلف فى مقدمة كتابه "أن شجرة الغاف كانت حلقة من حلقات الوصل فى حياة أهل الإمارات على امتداد القرون الماضية، لخلق حالة من التوازن بين مختلف عناصر الحياة، فالغافة صديقة للأرض، وصديقة للإنسان المقيم الذى يتغذى على أوراقها ويحتطب منها دون إسراف، وصديقة للمسافر الذى يستريح تحت ظلالها ويقيد ناقتها بقربها أو تحتها، وصديقة للطيور التى تبنى أعشاشها بين أغصأنها، وصديقة للتربة التى تتغلغل جذورها فيها بحثاً عن الماء، وصديقة للحيوانات التى ترعى أوراقها، وصديقة للهواء الذى نتنفسه من خلال الأوكسيجين الناتج عنها، ولا شك أن هذا التعايش يمثل جزءاً من منظومة التسامح، الذى لا يقتصر حضوره على عالم الإنسان فقط، بل ويتصل أيضاً بالطير والحيوان. وهو المنطلق الذى يمكن من خلاله الوقوف على حضور دلالات التسامح والتعايش بين أهل المنطقة وبقية عناصر الحياة، حيث تنتفى أنانية العيش ألفردي، ويحضر فى مقابل ذلك الحرص على توفر فرص متسأوية للحياة والعيش".
وأشار المؤلف فى مقدمة كتابه إلى أن مادة المعجم قابلة للزيادة فى طبعاته القادمة، حيث يتوقع أن يضيف المزيد من المسميات وعناصر المحتوى المرتبطة بشجرة الغاف.