هند أبو سليم

لا تكن طائر عنقاء.. خليك سفنجة

الخميس، 28 نوفمبر 2019 01:50 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
حين كانت أمى تريد أن تشد على أزرى لأخرج من كربٍ يمر بي، كانت تقول: خليكى زى طائر الفينيق/ العنقاء.. يخلق من رماد.. طائر تغنت به قصصنا العربية وأساطيرنا القديمة (سندباد وألف ليلة وليلة).. وفى أفلام الخيال العلمى والسحر( Harry Potter) كان طائر الفينيق / العنقاء رمزاً للقوة و العودة للحياة.. إنه طائر النار يموت ويحترق وعند انطفاء جمره يبعث من جديد.
 
رسم خيال أجدادنا هذه الاسطورة بحثاً عن الأمل بعد الآلم... بحثاً عن البرد و السلام بعد الاحتراق.. عن القوة بعد الضعف...عن صيحة العودة بعد صرخة الوجع ...عن النور بعد الظلام... عن الشهيق بعد الاختناق.. بحثاً عن الحياة بعد الموت.. 
 
جميعنا مر بألمٍ أو أكثر على مر السنين.. جميعنا ارتدى أقنعة النسيان و وشاحات القوة و أجنحة طائر الفينيق محاولين التحليق بعيداً عن الثقوب السوداء التى تفشت فى أرواحنا.. و لكن:
 على قوة خيالنا إلا أن عظمة الخالق تتجلى فى أبسط أبسط مخلوقاته، حيوان الإسفنج.
 
حيوان الاسفنج يتعرض لأشد وأعتى أنواع التمزق على وجه البسيطة.. فموج البحر بقوته التسونامية يهتك ويفتك بالاسفنج.. ويعود الاسفنج للنمو رغم كل الضربات والقوة. وكما ذكر الرائع بروعة الحياة الدكتور المرحوم مصطفى محمود رحمة الله عليه فى كتابه لغز الحياة ومنه اقتبس:
"البروفسور ويلسون.. أستاذ علم الحيوان قام بإجراء تجربة بديعة.. مزق فيها الإسفنج فتافيت صغيرة بإبرة ثم طرقه بشدة بمطرقة ثم طحنه وهرسه وعصره فى قماش دقيق الثقوب.. ثقوبه أدق من ثقوب المنخل.. ومن النخالة التى سقطت بعد هذا التمزق والهرس والطحن الرهيب استطاع الإسفنج أن يتخلق من جديد .. من كل نقطة .. ومن كل ذرة .. وينمو إلى صورته السوية .. وكأن لا شيء حدث". 
 
عزيزي: لا تكن طائر عنقاء.. خليك سفنجة!
 
-  فستمر عليك أيامٌ تطرق على روحك بمطرقة من جهنم تشق روحك دون هوادة بضربات كل مفادها ان تنهيك.. تمسحك من الوجود.. تذكر: حيوان الاسفنج
 
-  سيمر عليك أناسٌ سيطحنوا آمالك و طموحاتك وأمنياتك مهما كانت بسيطة.. سيضعوا كل امانيك المخبأة فى أعمق سراديب قلبك بين جانبى الرحى.. وستشهد بأم عينك تحولها إلى دقيق تتناثره الرياح.. تذكر: حيوان الاسفنج.
-  ستمر عليك هزائم و انكسارات تهرسك كما كانت جداتنا تهرس لنا الطعام و نحن صغار.. هرساً لا رحمة فيه حتى لا تقف فى حلق أحد احفادها اى قطعة متماسكة (مع فرق نوايا الهرس) تذكر: حيوان الاسفنج.
 
-  سيمر عليك عهدٌ يعصرك.. تشعر بألمه فى كل خلية من جسدك.. عهدٌ يوسمك بالفشل فى كل خطوة.. يونبئُك بالنهايات فقط.. يطبق الظلمة على انفاسك: تذكر دائماً: حيوان الاسفنج.
 
- لا تكن طائر عنقاء.. خيالاً لا وجود لك.. خليك سفنجة.
- لا تكن طائر عنقاء تستطيع ان تنهض من مصيبة واحدة ( الحرق).. خليك سفنجة.
- لا تكن أسداً ملك غابة... فيأتى يوماً و تشيخ و يأكلك ابناءك.. خليك سفنجة.
- لا تكن حوتاً ازرق، اضخم كائنات الارض و عند النهاية يأكل جسدك ملح البحر.. خليك سفنجة.
- لا تكن صقراً يمتلك السموات بفرد جناحيه و يرى الدنيا من أعلى ببصرٍ من حديد...و عند النهايات ينتحر.. خليك سفنجة.
- لا تكن بشراً تتأكله الصراعات و تسرقه ماكينات الحضارة و غرفها المعلبة.. خليك سفنجة.
 
فلتصرخ ملئ رئتيك غضباً و رفضاً...
و لتبكى ملئ عينيك حزنا و ألماً...
ولتتنهد أنفاسك اهاةً و اوجاعاً...
و لتقيم حفلَ وداعٍ على من مضوا و ذهبوا ورحلوا ...
تخلص من كل حمول روحك المرهقة و عد للحياة كما يعود الاسفنج... مزهرا ... قائماً بذاته... متعايشاً فى كل انواع المياه و الظروف المحيطة.
 
مرة أخيرة ( علشان عاجباني) لا تكن طائر عنقاء.. خليك سفنجة.
شكراً
 
آخر الكلام:
 
قادرين يا دنيا نعيش وأحلامنا 
يوم بعد يوم نلاقيها قدامنا
صابرين اوى وراضيين 
ماشيين ومش خايفين
نتعب و ماله مهما يوم شفنا 
ولا مستحيل ولا صعب هيحوشنا
 
مدحت صالح
 
 
 









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة