أسابيع من التوتر يعيشها العراق فى ظل مواجهات دموية عنيفة بين المتظاهرين وقوات الجيش والشرطة، جاءت فى إطار المظاهرات المطالبة باستقالة الحكومة العراقية الحالية، وتوفير حياة معيشية كريمة، حيث بلغ عدد ضحايا الاشتباكات 408 قتيل على الأقل معظمهم من المتظاهرين، وفقًا لآخر إحصائيات نقلتها وكالة رويترز للأنباء عن مصادر من الشرطة ومصادر طبية.
المظاهرات العراقية التى انطلقت قبل شهرين فى بغداد لتمتد إلى بقية محافظات جنوب العراق احتجاجًا على سوء الأوضاع الاقتصادية فى البلاد، وانتشار الفساد الإدارى والبطالة، لم تخلو من المشاهد الإنسانية التى تفطر القلوب حزنًا على المأساة التى يعيشها العراق خلال المرحلة الحالية، ومن بين تلك المشاهد، انتشار منشور على مواقع التواصل الاجتماعى يبحث من خلاله شخص عن أى أحد يدله على عائلة شاب قتل فى النجف أثناء المظاهرات، حتى جائه الرد الصادم الذى لم يتوقعه أحد.
أب عراقى يتعرف على جثة ابنه عبر صفحة "فيس بوك"
يوضح تقرير لـ"العربية"، أنه من بين حصيلة القتلى التى وقعت، أمس الخميس، فى النجف، برصاص قوات الأمن، قتل شاب عند "مجسرات ثورة العشرين" فى المدينة، وعند تفتيشه لم يجد المتظاهرين بحوزته بطاقة هوية تدل على شخصيته، أو هاتف محمول، أو عنوانًا أو أى أوراق تعرف به، فما كان ممن حوله إلا أن التقطوا له صورًا نشروها على مواقع التواصل الاجتماعى.
الصور التى نشرها المتظاهرين للشاب المقتول أثناء الاحتجاجات، كانت الأمل الأخير لهم للوصول إلى عائلته، لكن حدث ما لم يكن فى الحسبان، حيث كتب شخص تعليقًا مؤلمًا تحت الصورة قال فيه: "هذا ابنى مهدى"، فى إشارة منه إلى أن القتيل الذى فى الصورة ابنه واسمه مهدى، ليتحول هذا المنشور إلى مأساة تتجسد من خلالها حقيقة الأوضاع فى العراق منذ بداية الاحتجاجات الدامية وحتى يومنا هذا.
أم عراقية تصرخ مفجوعة فوق جثة ولدها: ارجع يا يمه
وفى مشهد آخر لا يقل مأساوية عن سابقه، أظهر مقطع فيديو فاجعة أم بوفاة ابنها فى مواجهات مع الأمن العراقى وسط ذى قار جنوب البلاد، حيث انهارت الأم فوق جثة ولدها وهى تصرخ وتبكى بحرقة قائلة "ارجع يا يمه".
هذا وشهد العراق، مساء الخميس، يومًا داميًا لاسيما فى محافظات الجنوب، حيث قتل حوالى 47 متظاهرًا خلال مواجهات بين المحتجين وقوات الأمن العراقية، فى يوم هو من الأكثر دموية فى التظاهرات المستمرة منذ شهرين.
وخرجت، الجمعة، مسيرات تشييع وتأبين وتعزية فى الناصرية والنجف، فيما أعلن مجلس القضاء الأعلى فى العراق تشكيل هيئة تحقيقية من نواب رئيس محكمة استئناف ذى قار بشأن عمليات قتل المتظاهرين.
شاهد.. صرخات أم عراقية مفجوعة بمقتل ابنها وتناديه "ارجع يا يمة"
— العربية (@AlArabiya) November 29, 2019
https://t.co/uRfEIfK4fA #العراق pic.twitter.com/RpJrPIhu2a
وقال المتحدث باسم القضاء عبد الستار بيرقدار - فى بيان أوردته قناة (السومرية نيوز) - إن المجلس يشكل هيئة تحقيقية من 3 نواب رئيس محكمة استئناف ذى قار للتحقيق العاجل فى عمليات قتل المتظاهرين خلال اليومين الماضية، حيث شهدت محافظة ذى قار، فجر اليوم، صدامات بين المتظاهرين المعتصمين والقوات الأمنية؛ أدت إلى سقوط عدد من الشهداء والجرحى.
وسبق أن وجه رئيس الوزراء العراقى عادل عبد المهدى، بتشكيل لجنة برئاسة المستشار العسكرى للتحقيق فى الأحداث التى حدثت أمس فى محافظتى ذى قار والنجف الأشرف، ومن جانبها، دعت رئاسة مجلس النواب العراقى، لعقد جلسة خاصة الأحد المقبل تتناول تطورات الأوضاع فى محافظة ذى قار، فيما أعلن محافظ ذى قار عادل الدخيلي، مساء أمس، استقالته من منصبه على خلفية تصاعد العنف فى المحافظة، الذى أسفر عن سقوط عدد من القتلى.
وفى السياق ذاته، نقلت فضائية سكاى نيوز، عن مصادر، مقتل 5 متظاهرين برصاص ميليشيات مسلحة فى محافظة النجف جنوبى العراق، وعلى خلفية التطورات الحالية، أعلن رئيس الوزراء عادل عبد المهدى، اليوم الجمعة، أنه سيقدم كتابا رسميا إلى مجلس النواب بطلب استقالته.
وقال عبد المهدى، فى بيان تلقت "السومرية نيوز" نسخة منه، إن "استمعت بحرص كبير الى خطبة المرجعية الدينية العليا يوم 29/11/2019 وذكرها أنه: بالنظر للظروف العصيبة التى يمر بها البلد، وما بدا من عجز واضح فى تعامل الجهات المعنية مع مستجدات الشهرين الاخيرين بما يحفظ الحقوق ويحقن الدماء فإن مجلس النواب الذى انبثقت منه الحكومة الراهنة مدعو إلى أن يعيد النظر فى خياراته بهذا الشأن ويتصرف بما تمليه مصلحة العراق والمحافظة على دماء ابنائه، وتفادى انزلاقه الى دوامة العنف والفوضى والخراب".
وأضاف رئيس وزراء العراق "استجابة لهذه الدعوة وتسهيلًا وتسريعًا لإنجازها بأسرع وقت، سارفع الى مجلس النواب الموقر الكتاب الرسمى بطلب الاستقالة من رئاسة الحكومة الحالية ليتسنى للمجلس اعادة النظر فى خياراته"، مشيراً الى أن "الدانى والقاصى يعلم باننى سبق وان طرحت هذا الخيار علناً وفى المذكرات الرسمية، وبما يحقق مصلحة الشعب والبلاد".
وعلى جانب آخر، أعرب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش، الجمعة، عن قلقه العميق إزاء استمرار استخدام الذخيرة الحية ضد المتظاهرين فى العراق، مما أدى إلى ارتفاع عدد الوفيات والإصابات.
وحث جوتيريش، فى بيان أوردته قناة "السومرية نيوز" العراقية، جميع الجهات الفاعلة على الامتناع عن العنف والدخول فى حوار سلمى ذى معنى لصالح العراق والشعب العراقى، ودعا الأمين العام، السلطات العراقية إلى ممارسة أقصى درجات ضبط النفس وحماية أرواح المتظاهرين واحترام الحق فى حرية التعبير والتجمع والتحقيق بسرعة فى جميع أعمال العنف.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة