بيشوى رمزى

ماكرون يواصل التراجع.. مرونة أم ارتباك؟

الجمعة، 29 نوفمبر 2019 08:18 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

"كانت دعوة للنهوض".. هكذا قال الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون، خلال مؤتمر صحفى مشترك، مع السكرتير العام لحلف الناتو ينس ستولتنبرج، متراجعا عن تصريحه السابق الذى أدلى به فى وقت سابق من هذا الشهر، عندما وصف التحالف بـ"الميت إكلينيكيا"، وهو التصريح الذى أثار ضجة كبيرة، داخل أروقة المعسكر الغربى، فى ظل انتقادات متواترة، تعكس حالة من الانقسام، ليس فقط بين أوروبا والولايات المتحدة، وإنما داخل القارة العجوز نفسها، وهو ما بدا فى الموقف الألمانى الرافض للتصريحات الفرنسية.

 

ولعل التراجع يعد بمثابة السمة الأساسية التى اتصف بها ماكرون منذ بداية حقبته، سواء فى الداخل أو الخارج، فى انعكاس صريح لحالة الارتباك التى يعانيها، وتبدو واضحة فى السياسات التى يتبناها، حيث سبق له وأن تراجع عن قرار بزيادة الضرائب على الوقود، بعد ضغوط المظاهرات الضخمة التى شهدتها شوارع باريس بقيادة "السترات الصفراء"، كما تبنى مواقف دولية مرتبكة، سواء تجاه الولايات المتحدة أو روسيا، أو حتى فيما يتعلق بمحيطه الأوروبى.

 

فعندما تولى ماكرون السلطة فى فرنسا، راهن على استقطاب نظيره الأمريكى دونالد ترامب على حساب ألمانيا، والتى لا تحظى بقبول كبير من جانب الإدارة الحالية، إلا أن الخلافات بينهما، خاصة فيما يتعلق بالموقف من الاتحاد الأوروبى، ربما دفعته إلى الهجوم على واشنطن، والتى اعتبرها الرئيس الفرنسى خصما لأوروبا، فى إطار دعوته إلى تأسيس جيش أوروبى موحد، واضعا إياها فى نفس الكفة مع روسيا والصين، واللذان يمثلان خصوما تاريخيين للغرب.

 

الموقف الفرنسى من روسيا لم يختلف، حيث هاجمها تارة، معتبرا إياها عدو، ثم عاد ليهادنها، مطالبا أوروبا بالاستقلالية عن واشنطن فى مسألة التقارب مع موسكو، وهو ما يحمل فى طياته محاولة للضغط على إدارة ترامب، للتراجع عن مواقفها العدوانية تجاه القارة العجوز.

 

يبدو أن الرئيس الفرنسى دائما ما يسعى إلى الإمساك بالعصا من المنتصف، ربما حتى لا يخسر الكثير، فى ظل طموحاته الكبيرة بالعودة إلى بلاده فى مقعد القيادة الدولية، واستعادة ما يمكننا تسميته بالمجد الإمبراطورى، إلا أن نهجه فى حقيقة الأمر يقوض مصداقيته جراء تراجعه المتكرر عن قراراته أو تصريحاته، حيث حاول كثيرا أن يقدم نفسه بصورة الإصلاحى، فى حين أنه لم يتحمل ضغوط الشارع فى الداخل، بينما حاول الترويج لنفسه باعتباره قائدا لأوروبا واستقلاليتها، فى حين أنه كان أول متسولى التبعية سواء لواشنطن أو موسكو.

 

تراجع ماكرون المتكرر عن تصريحه حول الناتو هو تكرار لمواقف سابقة، كان من الممكن النظر إليها باعتبارها مرونة سياسية إذا كانت قد حدثت لمرة واحدة، إلا أنها تحولت إلى نهج سياسى، ربما دفع قطاع كبير من المتابعين للسياسات الفرنسية إلى عدم الوثوق فى التصريحات الرسمية الصادرة عن باريس، أو حتى قراراتها وخططها فيما يتعلق بمواقفها الدولية فى المستقبل.







مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة