لو كانت هناك نصيحة للشباب الذين تم تعيينهم نوابا للمحافظين والوزراء، لكانت أن يتحلوا بالصبر والهدوء ويحاولوا التعلم ومزج الدراسة والتدريب بالخبرة المباشرة أمام المحافظين، فإن عليهم دورا مهما، ومن خلال حركة التغيير فى المحافظين عندما يتم تغيير 16 محافظا من بين 28 فهذا يعنى أننا أمام مشكلة فى الإدارة، تحتاج إلى إعادة نظر.
غالبا ما يبدأ بعض المحافظين عملهم بتحركات تليفزيونية يلتقطون فيها الصور، أو زيارات ميدانية يقال إنها مفاجئة، مع أنها تكون مرتبة أو يتم تسريبها، ومع الوقت يتوقف المحافظ عن الزيارات، ويكتفى بالتحركات المصورة، ثم يدخل فى حالة من الملل، ولا يمكن لمحافظ أن يعمل من دون رؤساء أحياء ومدن وقرى أصحاب كفاءة، مع وجود جهاز معلومات أو طريقة توظيف التكنولوجيا فى المتابعة والرقابة، وهو أمر ربما يحتاج إلى تغيير شامل فى نظام الإدارة يناسب العصر، ويطور الخدمات والتراخيص ومتابعة المستشفيات والطرق والمرور والإشغالات، وإلا تتحول مجالس المدن والأحياء إلى أوكار للتعطيل والبيروقراطية والتواطؤ، حيث يتم تعطيل أعمال ومصالح المواطن الملتزم، وتسهيل مصالح من يفتح «مخه وجيبه«.
هذه هى نقطة المركز فى كل أزمات المحليات، وكانت هناك مطالب بإبعاد العنصر البشرى عن التراخيص والخدمات وتطويرها بقواعد معلومات وعن طريق الحاسب والتطبيقات المختلفة، وإذا كانت الحكومة نجحت فى تحويل رواتب الموظفين إلى ماكينات الصراف، فمن الممكن تحويل الخدمات إلى آلية بعيدا عن عناصر التعطيل والفساد.
وفى مؤتمر الشباب الأخير قال الرئيس: «إن حجم التعدى على الأراضى الزراعية وأراضى الدولة يعكس الدور الخطير والمهم للمحليات، هناك غياب كامل للمحليات والنتائج صعبة جدًا»، وتساءل: هل ما نراه فى مصر يعكس دورا وأداء جيدا ومنضبطا وكفئا؟.. وأجاب: «لا طبعا، إحنا شايفين حجم التجاوز.. أى مبنى يتم بناؤه خارج الإطار من شغل المحليات، وأى تعديات هو شغل محليات، عندنا فى مصر مشكلة كبيرة فى هذا الأمر«.
وأكثر من مرة لفت الرئيس السيسى نظر المحافظين والمحليات إلى أهمية أن يقوموا بدورهم لإزالة المخالفات وفرض القانون، ورفع الاعتداء على أرضى الدولة، دون أن تحدث استجابات، والنتيجة أنه تم تغيير أكثر من نصف المحافظين، وهناك عدد ممن استمروا يفترض تان يشملهم التغيير القادم، لان اغلب المحافظين ورؤساء الأحياء والمدن لم ينجحوا فى أهم قضيتين النظافة والخدمات ورفع الإشغالات.
وربما يكون تعيين نواب من الشباب الحاصل على تدريبات إدارية خطوة لخلف صفوف ثانية وثالثة، وبالطبع ربما لا ينجح كل الشباب الذين شغلوا مناصب النواب فى أن يكونوا محافظين أو وزراء، وسوف تظهر التجربة نتيجة هذا الاختيار.
ومن خلال استطلاع الأداء العام فإن للمحافظين ورؤساء الأحياء والمدن والقرى، نكتشف أن المسؤول التنفيذى وحده ربما لا يكون قادرا على إدارة المدينة أو الحى، وأن المجالس الشعبية، فى حال تم انتخاب أعضائها بشكل جيد ربما تكون عاملا مساعدا فى تطوير المحليات التى تعانى من مشكلات مزمنة تجعل المحليات كأنها منعزلة عن تحرك الدولة، خاصة أن أغلب، إن لم يكن كل شكاوى المواطنين وعدم رضاهم يأتى فشل المحليات فى أداء دورها وتطبيق القانون بشكل حاسم ومن دون أى تفرقة.
وإذا كانت هناك نصائح للمحافظين الجدد والقائمين أن يتخلوا عن التحركات الدعائية، وأن يبعدوا الشلل المسيطرة فى كل محافظة، وأن يتابعوا عمل رؤساء المدن والأحياء، ويضعوا طريقة للمتابعة، وأن يستفيدوا من نوابهم الشباب فى إدارة الملفات، وأن يتعاون النواب الشباب ويحاولوا التعلم والإدارة عمليا مع تطبيق ما تعلموه، لأنهم إذا تعاونوا يمكن أن ينجحوا معا، أما إذا تصارعوا فإن الفشل مصيرهم كالعادة، والمواطنون هم الحكم فى النهاية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة