لأول مرة تكشف المخابرات الخارجية الألمانية (BND) الكثير من أسرارها، وأصبح بإمكان الجمهور الإطلاع على ما تقوم به من أعمال.
اوفتتحت BND، هذا الأسبوع، مركز الزوار الخاص بها في مقرها الرئيسي الجديد وسط برلين، الذى يطل المبنى الجديد على مقر المستشارية، وتغطي المعروضات تاريخا مخابراتيا امتد عبر 60 عاما، ويتم عرضها في طابقين، وكلها أصلية.
ويذكر أن المقر الرئيسى افتتح رسمياً بعد 12 عاما من بدء البناء، وإنفاق أكثر من مليار يورو، وبعد 12 عامًا من بدء البناء، ليصبح بذلك أكبر مقر مخابرات بمساحة تعادل 36 ملعبا لكرة القدم، ويقع بالقرب من جدار برلين السابق، بأنه أحد أكثر الأماكن سرية في ألمانيا ، لاسيما مع تطبيق قواعد أمنية صارمة تحكم ما يمكن ولا يمكن للموظفين القيام به.
وتشمل المعروضات مضبوطات مختلفة تحفظت عليها المخابرات الألمانية ولم تكن متاحة أمام الرأي العام من قبل، وتريد من خلاله تعريف الجمهور بعملها وكشف بعض أسرارها، بحسب شبكة "دويتشه فيله"، الألمانية.
ويعمل معظم جواسيس المخابرات الخارجية الألمانية البالغ عددهم نحو 6500 جاسوس على مستوى العالم يعمل منهم داخل مقر الجهاز 4000 شخص في ظل نظام سري صارم، وغالبا ما يستخدمون أسماء وهمية، من أجل حمايتهم أثناء تأدية عملهم الخطير.
لهذا السبب افتتحت المخابرات متحفا لها
يحظى المقر الرئيسي للمخابرات في العاصمة برلين، بحماية أمنية مشددة، وافتتح في فبراير الماضي. ولا يستطيع العاملون في المبنى أنفسهم الدخول إليه إلا من خلال نظام التعرف على الأوعية الدموية لصفحة اليد.
وتقع الغرف التي خصصت لمركز الزوار في ركن بمجموعة المباني الجديدة الخاصة بالمقر الرئيسي للمخابرات، وهو ركن مفصول بشكل صارم عن بقية المباني الأخرى التي تضم مراكز عمليات ومعامل مخابراتية ومكاتب تحليل.
احدى قاعات المتحف
ويجرى عرض كل من يريد دخول مركز الزوار على جهاز مسح ضوئي، تماما كما يحدث في المطارات، يحظر بشكل صارم التصوير داخل المكان، ولا يسمح بالدخول سوى للمجموعات التي تم الإخطار عنها مسبقا.
قال برونو كال، رئيس المخابرات، في كلمة افتتاح المعرض إن المخابرات "قررت الإقدام على مزيد من الشفافية، دون أن تهدد السرية المطلوبة بشكل ضروري لعملنا"، وأكد كال أن جهازه "يولي اهتماما أكبر من ذي قبل للشفافية، إلى حد معين بالطبع".
جدران معسكرات الاعتقال
وأِشار إنه تم إنفاق نحو مليوني يورو على هذا المعرض غير العادي، "فنحن لا يمكننا الجلوس هنا ببساطة، في مكان مشهور وسط المدينة، وفي مبنى مثير للاهتمام كثيرا، دون أن نوضح للناس من نحن وماذا نفعل".
نتواجد حول العالم
ينتج جهاز المخابرات الألمانية 5 آلاف خبر يوميا تقريبا، على مستوى العالم، تختزل في نحو 450 تقريرا يتم إرسالها شهريا لأعضاء في الحكومة الألمانية وعدد من الأجهزة الأمنية.
وفي الطابق الأرضي لوحات عرض متعددة الوسائط، تعرض قضايا مثل قضية الإرهاب الدولي ومناطق الأزمات والهجرة وخطر القرصنة الإلكترونية أو الانتشار النووي.
ويستقبَل الزوار بخلفية طبيعية بالغة التقدم، يغمرها ضوء أزرق، على أنغام إحدى القطع السمفونية، وعلى شاشة بمساحة 73 مترا مربعا، شبكة تتغير بشكل دائم، وبها نقاط محورية تمتد في جميع أرجاء المعمورة، وهي ترمز إلى العالم متعدد الأقطاب والتداخل الدولي للأحداث والعلاقات والمعلومات السرية التي يسعى الجواسيس والمحللون للحصول عليها.
مبنى المتحف الجديد
وعلى بعد بضعة أمتار تعرض إحدى أغرب قطع المعرض، تحت عنوان الانتشار النووي، وعندما يقترب الزائر من اللوحة المعنية يستطيع رؤية جهاز طرد مركزي غازي، أصلي، وتلعب مثل هذه الأجهزة دورا رئيسيا في صناعة القنبلة النووية، وتستخدم، على سبيل المثال، من قبل إيران.
واستخدم جهاز الطرد المركزي بالفعل لصناعة اليورانيوم المخصب، وتحتفظ المخابرات بالسر الخاص بكيفية حصولها على هذه القطعة المعروضة، غير المعتادة، بسبب شدة سرية هذه المواسير المصنوعة من الألومنيوم، فقد وضع خبراء المخابرات فوقها غطاء يمنع تصوير التقنية المستخدمة في الغطاء من أجل تقليدها، من قبل أي جواسيس أجانب محتملين بين زوار المعرض.
سجلات خاصة بالمتحف
سترة ناسفة وجهاز طرد مركزي
في لوحة أخرى تتدلى سترة ناسفة رملية اللون، من أفغانستان، ينتظر من هذه السترة وعدد من المعروضات الأخرى، مثل نظام دفاع جوي يحمل على الكتف، أو جهاز تفجير بدائي الصنع نسبيا، توضيح طبيعة مهمة الجواسيس وطبيعة عملهم، فعندما تحصل المخابرات على مثل هذه الأشياء في يديها، تستطيع التوصل لاستنتاجات بشأن هياكل عمل المجموعات الإرهابية وطريقة عملها والإمكانيات التقنية المتاحة لها.
معروضات الطابق الأول من المعرض تتعلق بحاضر المخابرات الألمانية وتاريخها، وهناك ثلاث موائد متعددة الوسائط تعرض فيها وسائل التجسس الخارجي، حيث يتعلق الأمر بمصادر بشرية، ويرى الزوار كيف يلتقي "قائد اتصال" في مكان ما في الشرق مع "مخبر" قائد إحدى الميليشيات التي تضم 1000 مقاتل، ويحتوي النص المعروض على تحفيز لهذا الرجل وهو أن "هذا الاتصال بأحد أجهزة المخابرات الغربية يجعله يشعر بقوة موقفه وبعلو شأنه"، يحضر اللقاء مترجم ورجل ثان بالمخابرات مسلح.
انفاق الهروب بالمتحف
كيف يتم تدريب العملاء
في صندوق العرض تجهيزات ضرورية لعمل عميل المخابرات، بدءا من السلاح الرسمي ومرورا بجهاز تحديد المواقع ووصولا إلى المال الذي سيعطى للمخبر وعلبة المستلزمات الطبية التي تحتوي على مساعدات طبية أولية.
ويدرب عملاء المخابرات الألمانية على مداواة جروحهم بأنفسهم، وتقديم الرعاية الطبية لبعضهم البعض.
وتتضمن إحدى فعاليات الذروة في المعرض ما يعرف بـ "الاستخبارات التصويرية"، والتي تعتمد على تحليل صور الأقمار الصناعية والصور الجوية.
ويرى الزائر من خلال هذه الفعالية التغيرات التي حدثت بإحدى المنشآت الحقيقية لإطلاق الصواريخ في كوريا الشمالية، بالتصوير السريع وحتى يستطيع المشاهد فهم صور الأقمار الصناعية فهناك توضيح لأجزاء المنشأة بشكل تفصيلي، بل إن المشاهد يستطيع في النهاية رؤية الزعيم الكوري الشمالي، كيم جونج أون، والذي يبدو وكأنه يتلمس الصاروخ بشكل يكاد يكون عاطفيا، إنها صور من تلفزيون كوريا الشمالية.
ويستطيع الزوار طرح أسئلة للاستعلام عن أسس عمل المخابرات من قبيل: لماذا توجد المخابرات، وماذا تفعل وكيف يتم مراقبتها؟
من هم الـ 1500 شخص الذي زاروا المعرض حتى الآن؟
زوار المعرض يشاهدون الحوائط الخرسانية
يأمل جهاز المخابرات الخارجية الألمانية من خلال هذا المعرض في خفض الحساسيات التي تنتاب البعض تجاه عمل الجهاز، وذلك من خلال مزيد من الانفتاح، وهذه هي الفكرة الأساسية وراء هذا المعرض، لكن من زاروا المعرض حتى الآن كانوا 1500 موظف بالمخابرات، تجولوا داخل غرف المعرض كزوار تجريبيين.
اجزاء من الاسلاك الشائكة بالمتحف
وكانت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل وقت الافتتاح للمقر الجديد فى فبراير الماضي وجهت الشكر لموظفي الجهاز على عملهم "حتى يعيش بفضلهم ملايين الألمان في أمان، وأكدت أن الجهاز الجديد سيخدم البلاد وسيكون خاضعا للقوانين والإشراف البرلماني.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة