لازالت إشكالية الإيجار القديم مستمرة من خلال تضارب الآراء الدينية والشرعية حول الحكم الفقهى والشرعى لقانون "الإيجار القديم" بكونه يحمل ظلم بيّن ولا يقل تحريمه أو تجريمه عن "الربا"، وذلك لاشتراكهما فى نفس العلة وهى - أكل أموال الناس بالباطل – ناهيك عن إشكالية أو مسألة "توريث عقد الإيجار التى تُعد بمثابة إهدار للعدالة الاجتماعية بحسب وصف البعض".
بينما يرى آخرون أمراَ أخر غير سابقه وهو أن التشريعات والقانونين ليس لها ثمة علاقة بالدين أو بالأمور الشرعية وليس فيه حرمة أو تجريم لعدم وجود نص شرعى بتجريمه أو تحريمه، ومسألة ما ورد من فتاوى دينية تخص "القانون" هى مجرد آراء شخصيه فى عمومها، ولا تخص الدين فى شئ، وأن عملية التراضى بين الطرفين – المالك والمستأجر - هى بالأولى تخص الدولة وهى مسؤلة عن الإشراف عليها.
فى التقرير التالى "اليوم السابع" تلقى الضوء على الإشكالية القانونية بخصوص التصريحات والآراء الدينية حول مخالفة "قانون الإيجار القديم" لأحكام الشريعة الإسلامية كون العقد غير محدد المدة ومخالفة ذلك أيضاَ للمادة 2 من الدستور المصرى والتى جاء بنصها أن أحكام الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسى فى التشريع – بحسب المحامى بالنقض ميشيل إبراهيم حليم المستشار القانونى لرابطة المستأجرين سكنى وتجاري.
الرد على مخالفة قانون الإيجار القديم لأحكام الشريعة
فى البداية - ردا على ما أثير حول مخالفة قانون الإيجار القديم لأحكام الشريعة كون العقد غير محدد المدة، ومخالفة ذلك أيضاَ للمادة 2 من الدستور المصرى والتى جاء بنصها أن أحكام الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسى فى التشريع، وفى حقيقة الأمر مردود على ذلك أن المادة 2 أدرجت فى الدستور المصرى عام 1981 أى بعد قوانين الإيجارات رقم 49 لسنة 1977 وقانون 136 لسنة 1981 والتى لا تطبق بأثر رجعى على مراكز قانونية تم الاتفاق عليها طبقا لنظرية - عدم رجعية القوانين.
نضيف إلى ذلك الأمر أن قانون الإيجار القديم تجارى وسكنى حالياَ وبعد حكم المحكمة الدستورية العليا لعام 2002 أصبح محدد الأجل لعملية امتداد العلاقة الإيجارية لأقارب الدرجة الأولى فقط وذلك بشروط، وبذلك فإن فتوى أو الرأى الفقهى بمخالفة قانون الإيجار القديم للشريعة الإسلامية ليس له أى أساس من الصحة، حيث أنها تتطرق لـ"العقود غير محددة الأجل والمدة"، كما أننا كما هو معلوم لجميع المختصين لا نطبق أحكام الشريعة الإسلامية فى مصر إلا فى المواريث والقوانين المتعلقة بقضايا الأحوال الشخصية .
ورداَ على عدة تساؤلات حول المشروعات المقدمة من عدة جهات وشخصيات لتعديل أو إلغاء قانون الإيجار القديم
من الناحية الواقعية - فالجهات المختصة مستأجرة لمصالح ومستشفيات ومدارس حكومية وفى الحقيقة فإن ميزانية الدولة لا تتحمل ذلك العبء ويكون ما أثير بعيداَ تماماَ عن الواقع، أما بالنسبة للرد على أن حل مشكلة "قانون الإيجار القديم" هو زيادة القيمة الإيجارية سكنى وتجارى، فمردود على ذلك أن اقتراح الزيادة لن يرضى الطرفين المالك والمستأجر لأن طموحات الجمعيات المتعلقة بالملاك هى فى الأساس - طرد المستأجر - ولن ترضيه أو تعجبه الزيادة وستظل تلك المشكلة قائمة خاصة بعد رفض المستأجرين ذلك المقترح فى ظل الظروف الاقتصادية الحالية.
وبالنسبة لما جاء فى معظم مقترحات تعديل قانون الإيجار القديم بضرورة عدم المساس بالمستأجر محدود الدخل
فإن هذا الحديث من الناحية العملية غير منطقي، وذلك لأنه فى حالة تشريع قانون جديد من المقرر أن يطبق على الجميع ونحن حسب آخر الإحصائيات هناك نسبة كبيرة تحت خط الفقر، وحقيقة الأمر أن الحديث عن تعديل ذلك القانون أصبح مجالا للترويج وإثارة الشائعات والفتن كما وصل الأمر فى كثير من الأحيان لارتكاب عدد من الجرائم بين المالك والمستأجر فى حين أن المالك صدق الكذبة ونسى أنه بنى ملكه المستأجر بدعم من الدولة والتى نظمت تشريعات الإيجار القديم لتحافظ على استقرار الأسر المصرية وفى مقابل ذلك دعمت "المالك" فى البناء فقد جاءت كافة دساتير العالم بمبدأ أساسه الحفاظ على السلم الاجتماعى واستقرار شعوبها والحديث عن اى مقترح قانون مخالف لأحكام المحكمة الدستورية ومبادئها إهدار للوقت.