إذا كانت الدعوى فى حقيقتها تلعب دوراَ فعلاَ فى حماية حقوق المتقاضين، فإن ذلك رهين بوجود قواعد إجرائية توحد العمل داخل المحاكم وتسهر على الضبط والنظام وتحرك القوانين الموضوعية لتضعها بين يدى العدالة، وهكذا أصبحت الدعوى تعتبر وسيلة قانونية فعالة لحماية الحقوق عن طريق المطالبة القضائية، وانطلاقاَ من هذه المطالبة القضائية يحدد نطاق النزاع الذى يجب أن يبقى ثابتاَ – مبدأ ثبات النزاع – فلا يمكن تغير نطاقه بمجرد رفعه إلى القضاء بل لابد من الحفاظ على الإطار الذى قدم به دون إضافة أو نقصان، وهذا ما يفرض عدم السماح بتقديم طلبات جديدة سواء من جانب الأطراف أو القاضى.
ظهور نظرية "الطلبات العارضة"
ولكن مع التطور الذى عرفته القواعد الإجرائية خاصة فى الأونة الأخيرة ظهرت إلى الوجود نظرية "الطلبات العارضة"، وتكمن أسباب ظهور هذه النظرية إلى العوامل التى أدت إلى تراجع مبدأ النزاع، وأصبح عرض الدعوى أمام القضاء يستوجب إدخال مجموعة من الفاعلين ذوى النزاعات المرتبطة بالنزاع الأصلى أو الدعوى الأصلية، كما أن التفكير بدأ يتجه لإيجاد توازن إجرائى داخل إطار الدعوى الأصلية، بمعنى أدق السماح للمدعى بتعديل طلباته وفق ظروفه التى قد تستجد، وفى نفس القوت إعطاء المدعى عليه فرصة تقديم طلبات مضادة حفاظاَ على حقوقه حتى يكون الحكم الصادر فى النزاع برمته عنوناَ للحقيقة القضائية.
ما هو الطريق الذى حدده المشرع لتقديم الطلبات العارضة؟
فى التقرير التالي، يلقى "اليوم السابع" الضوء على إشكالية "الطلبات العارضة" من حيث التعريف، وما هو الطريق الذى حدده المشرع لتقديم الطلبات العارضة؟، فى الوقت الذى تظهر فيه أهمية "الطلبات العارضة" فى كونها تؤثر مباشرة على الدعوى الأصلية وتحقق معالجة إجرائية لها حيث أن المدعى يمكن أن يقع فى خطأ ويتداركه بإصلاحه كما قد تتبين له ظروف لم تكن معروفة لديه من قبل فيحاول إضافتها دون رفع دعوى أخرى مستقلة تؤدى إلى إرهاق القضاء والأطراف من ناحية، ومن ناحية أخرى تخول للمدعى عليه فرصة تقديم طلبات مقابلة بدلاَ من الاقتصار على الدفوع سواء أكانت شكلية أو موضوعية أو بعدم القبول – بحسب الخبير القانونى والمحامى معتز المهدى.
تعريف الطلبات العارضة
فى البداية – فقد تطرق قانون المرافعات المصرى لوضع الأسس والطريق الذى يتم به تقديم الطلبات العارضة وجاء هذا بالفصل الثالث من قانون المرافعات، والطلب العارض هو الطلب الذى يقدم من المدعى أو المدعى عليه أو المتدخل أو الخصم المدخل أثناء سير الدعوى، وذلك لتعديل أو تغيير فى الطلب الأصلى وهو ما حدده قانون المرافعات فى مادته 124 التى تنص على "للمدعى أن يقدم من الطلبات العارضة:
1- ما يتضمن تصحيح الطلب الاصلى او تعديل موضوعه لمواجهة ظروف طرأت أو تبينت بعد رفع الدعوى.
2- ما يكون مكملا للطلب الأصلى أو مترتبا عليه أو متصلا به اتصالات لا يقبل التجزئة.
3- ما يتضمن اضافة أو تغييرا فى سبب الدعوى مع بقاء موضوع الطلب الأصلى على حاله.
4- طلب الأمر بإجراء تحفظى أو وقتي.
5- ما تأذن المحكمة بتقديمه مما يكون مرتبطا بالطلب الاصلي.
وهو ما جاء بأحكام محكمة النقض بالطعن المُقيد برقم الطعن رقم 13544 لسنة 81 جلسة 2013/12/26، حيث نصت على: مفاد نص المادة 124 من قانون المرافعات – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – أن الطلب العارض الذى يتصل من المدعى بغير إذن من المحكمة هو الذى يتناول بالتغيير أو بالزيادة أو بالإضافة ذات النزاع من جهة موضوعه مع بقاء السبب على حاله أو تغيير السبب مع بقاء الموضوع كما هو، أما إذا اختلف الطلب العارض عن الطلب الأصلى فى موضوعه وفى سببه معاً، فإنه لا يقبل إبداؤه من المدعى فى صورة طلب عارض ولا يستثنى من ذلك إلا ما تأذن به المحكمة بتقديمه من الطلبات، مما يكون مرتبطاً بالطلب الأصلى.
أنواع الطلبات العارضة
أما عن أنواع الطلبات العارضة التى يمكن تقديمها فقد نظمت وحددت المادة 125 من قانون المرافعات هذا الأمر حيث نصت على: "للمدعى عليه أن يقدم من الطلبات العارضة:
1- طلب المقاصة القضائية وطلب الحكم له بالتعويضات عن ضرر لحقه من الدعوى الأصلية أو من اجراء فيها.
2- أى طلب يترتب على اجابته إلا يحكم للمدعى بطلباته كلها أو بعضها أو أن يحكم له بها مقيدة بقيد لمصلحة المدعى عليه.
3- اى طلب يكون متصلا بالدعوى الاصلية اتصالا لا يقبل التجزئة.
4- ما تأذن المحكمة بتقديمه مما يكون مرتبطا بالدعوى الاصلية.
رأى محكمة النقض فى الطلبات العارضة
ووفقا لـ"المهدى" - هذا فقد حددت المادة 125 أنواع الطلبات العارضة التى يمكن تقديمها أثناء سير الدعوى، وهو ما جاء مؤيدا فى أحكام محكمة النقض: "المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن الدفاع الموضوعى هو الذى يقتصر فيه المدعى عليه على إنكار حق المدعى، أما الطلب العارض فهو الطلب الذى يترتب على إجابته ألا يحكم للمدعى بطلباته كلها أو بعضها أو أن يحكم له بها مقيدة بقيد لمصلحة المدعى عليه، وأنه إعمالا لحكم المادة 235 من قانون المرافعات لا يجوز إضافة طلب جديد أمام المحكمة الاستئنافية لم يسبق طرحه أمام محكمة الدرجة الأولى، مالم يكن داخل حدود الاستئناف الوارد فى الفقرتين الثانية والرابعة من هذه المادة"، وذلك طبقا للطعن رقم 271 لسنة 58 ق جلسة 1994/12/5.
كيفية تقديم الطلبات العارضة؟
ولقد حدد قانون المرافعات الطريق الذى يجب أن يسلكه أحد الخصوم لتقديم الطلب العارض ومواعيد تقديمه حيث جاء فى نص المادة 123: "تقدم الطلبات العارضة من المدعى او من المدعى عليه الى المحكمة بالإجراءات المعتادة لرفع الدعوى قبل يوم الجلسة او بطلب يقدم شفاهة فى الجلسة فى حضور الخصم ويثبت فى محضرها ولا تقبل الطلبات العارضة بعد اقفال باب المرافعة".
متى يقدم الطلب العارض ولمن؟
إذا فيجوز أن يقدم الطلب العارض للمحكمة بنفس إجراءات رفع الدعوى ويمكن أيضا أن يقدم الطلب العارض شفاهة فى الجلسة و فى حضور الخصم واعلانه فى المواجهة، وهو ما ايدته محكمة النقض فى أحكامها حيث جاء فيها: "إذ كان يُشترط لقبول الطلب العارض وفقاً للمادة 123 من قانون المرافعات أن يُقدم إلى المحكمة بالإجراءات المعتادة لرفع الدعوى قبل يوم الجلسة أو بطلب يُقدم شفاهاً فى الجلسة فى حضور الخصم ويُثبت فى محضرها، وكان الطاعنان لم يسلكا أىٍ من هذين الطريقين اللذين رسمهما القانون لتقديم الطلب العارض ومن ثم يكون النعى على غير أساس"، وذلك طبقا 6019 لسنة 75 جلسة 2006/08/28 .
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة