فرح الطفلة البالغة من العمر 16 عاما أصيبت بمرض نادر يحدث لواحد كل 100 ألف شخص، ورغم عنائها من المرض فإن الضحكة لم تفارق شفتيها، لم تعرف خطورة مرضها، ولم تخرج مع أصحابها منذ 3 سنوات، لم تفكر طفلة باللعب والخروج ولم تر الشارع إلا عندما تذهب مع والدها للمستشفى، كانت تعلق "الدرنقة "، فى رقبتها تركيب المحلول طوال اليوم، لأنه إذا انقطعت عنه أصيبت بغيبوبة على الفور بعد حدوث انخفاض شديد فى مستوى السكر بالدم، على عكس مريض السكر الذى يصاب بارتفاع فى مستوى السكر فى الدم.
فرح كانت تصاب بغيبوبة مستمرة تجعلها غير قادرة على الذهاب إلى المدرسة، نتيجة وجود أورام حميدة بالبنكرياس تجعله يفرز إنسولين 3 أضعاف الشخص الطبيعى، مما أدى إلى نقص شديد فى مستوى السكر فى الدم، والإصابة بالغيبوبة، عانت فرح منذ 3 سنوات من حدوث غيبوبة مستمرة، ولم يتوصل الأطباء للتشخيص السليم لحالتها.
وبعد فترة توصلت طبيبة أطفال متخصصة فى السكر والغدد الصماء إلى تشخيص حالتها، بأن هناك ورما بالبنكرياس يجعله يفرز إنسولين بصورة غير طبيعية، فرح تسكن فى مدينة سرس الليان التابعة لمحافظة المنوفية، من أسرة صغيرة يعمل والدها موظفا بإحدى الجامعات، ووالدتها ربة منزل.
يحكى سامى الجمال قصة ابنته قائلا: "فرح عندها 16 سنة، وكانت مشكلتها فى البداية إنها كانت تصاب بغيبوبة متكررة، ولم نكن نعرف تشخيصها، كل ما نعرفه هو أنها تصاب بغيبوبة بدون مبرر، وكنا نذهب إلى مستشفى سرس الليان لإفاقتها، وقمنا بعمل كل التحاليل والأشعات، وأجرينا مسح ذرى بأحد مستشفيات علاج الأورام، ولم يستطع أحد تشخيصها"، مضيفا: "لفيت على أطباء كثيرين لحد ما وصلت لإحدى طبيبات سكر الأطفال، وهى التى اكتشفت أنها مصابة بعيب فى البنكرياس، وذهبنا إلى معهد ناصر، وتم إجراء جراحة لها لاستئصال جزء صغير منه، وأصبحت فرح على ما يرام ولكن لمدة شهر فقط، واستغنت عن تركيب المحلول، ثم عادت فى غيبوبة مرة أخرى، حيث إن سكرها كان ينخفض إلى 20، وحدث لها مضاعفات خطيرة نتيجة هذه العملية، حيث تم استئصال الطحال على أثر العملية الأولى".
وقال والدها: "ذهبنا بها إلى معهد الكبد بجامعة المنوفية، حيث تم استئصال جزء آخر من البنكرياس بالمعهد، ولكن سكرها انخفض مرة أخرى وعادت للغيبوبة من جديد، حتى اجتمع فريق طبى متكامل من الجراحين وأطباء علاج السكر والغدد الصماء، وقرروا استئصال البنكرياس بالكامل، والدكتور قال إنها حالة نادرة جدا، حيث كان الإنسولين يفرز إنسولين 3 أضعاف الشخص الطبيعى، تم إجراء عمليتين، ولا يزال يفرز الإنسولين بمعدلات غير طبيعية، وهى حالة نادرة وصفها الأطباء بأنها تحدث لواحد لكل 100 ألف شخص"، موضحا أنها قامت بإجراء العملية الثالثة، وتم فيها استئصال البنكرياس والمرارة، والقنوات المرارية.
وأكدت فرح: "أنا كنت 24 ساعة معلقة الجلوكوز، واعتذرت السنة دى عن دخول الثانوية العامة نظرا للحالة المرضية التى أمر بها، وأنا تعتبت من حالات الغيبوبة اللى كنت أتعرض ليها".
وأضافت فرح: "حاليا وبعد استئصال البنكرياس أى حاجة أتناولها لازم أخذ أقراص لإنزيمات الهضم، لأن البنكرياس هو الذى كان يقوم بإفراز هذه الإنزيمات، أنا فى ثانوية عامة السنة دى، وأنا ظللت 3 سنوات فى المنزل، السنة اللى فاتت كان المدرسين يزورونى بالمستشفى ويذاكروا لى، أما الآن لم يذاكر لى أحد، لذلك اضطريت أن أقوم بتأجيل الثانوية العامة هذا العام".
وقالت فرح: "نفسى أخرج وأشوف أصحابي، واتفسح زى زمان، ونفسى أروح المدرسة، الغيبوبة المستمرة جعلتنى امتحن فى المستشفى، وتم إجراء عمليتين، وأخيرا قرر الأطباء استئصال المرارة، والقنوات المرارية، مع البنكرياس، وماما وبابا لم يتركونى أبدا، وقفوا بجانبى ودعمونى فى الفترة كنت محتاجة فيها لهذا الدعم، وهم اللى خلونى اضحك رغم آلامى، ومعاناتى، لأنى حسيت أنى مش لوحدى فى الدنيا وكل ما أتمناه أن أرجع زى الأول".
من جانبه قال الدكتور المتابع للحالة بمعهد الكبد القومى بالمنوفية، إن الحالة نادرة تحدث حالة لكل 100 ألف شخص، ويكون نتيجة زيادة نشاط الخلايا البنكرياس المفرزة لهرمون الإنسولين، والتى عادة ما تكون فى زيل البنكرياس، أو رأس البنكرياس، ولكن أحيانا تتواجد فى أماكن أخرى مثل جسم البنكرياس، أو رأس البنكرياس، وأحيانا فى أماكن خارج البنكرياس، فى داخل تجويف البطن.
اجرت 3 عمليات فى عام واحد
وأضاف أن حالة فرح كانت الخلايا موجودة فى جميع أجزاء البنكرياس، والمسح الأخير الذى أجرى لها بمادة مشعة كمعينة، تظهر نشاط الخلايا المفرزة للإنسولين، وتبين وجود نشاط فى ذيل ورأس وجسم البنكرياس، مما استدعى استئصال كل للبنكرياس، وجزء من القنوات المرارية، وجزء من المعدة والاثنى عشر، والمرارة، والطحال، لأن الشرايين المؤدية للطحال حدث فيها تجلط بوريد الطحال، وحدوث تجمعات دموية نتيجة مضاعفات العملية الأولى، حيث إن فتح البنكرياس أدى لحدوث خراج داخل الطحال، مما أدى لاستئصاله، ولكن فى العادى يتم استئصال البنكرياس بالكامل بدون استئصال الطحال.
وأضاف: "خلال شهور سيتبين إذا كانت مريضة سكر، أم لا، حيث إن بعض الذين يجرون مثل هذه الجراحة يتحولون إلى مرضى سكر، وهذه الحالة تحتاج إلى متابعة مستمرة من أطباء الغدد الصماء والسكر مدى الحياة، وهذا هو طبيعة المرض الذى تعانى منه، حيث كان البنكرياس مصابا بأورام حميدة أدت إلى تضخم خلايا البنكرياس المفرزة للإنسولين، بشكل مضاعف عن الطبيعى".
وقال: "إن هذه المريضة يمكنها بعد ذلك أن تتزوج وتنجب، ولكن عليها أن تلتزم بالنظام الغذائى ومراعاة مستوى السكر، والإنزيمات، بعد استئصال البنكرياس"، موضحا أن كلما يكون مستوى الأهل عاليا من الثقافة للتعامل مع الحالة تعودت على نمط الحياة الجديدة، وحتى تتكيف من ناحية الهضم، والتعود على العلاج، والتغيرات التى حدثت لها".
وأكد أن الطفلة فرح تم تحويل القنوات المرارية وتوصيل المعدة بالأمعاء، ويتم توصيل المعدة بالأمعاء بعد استئصال الاثني عشر الذى كان من الطبيعى أن تكون المعدة موصولة بالاثنى عشر بدلا من الأمعاء، وتم تخليق قنوات مرارية من الأمعاء.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة