شهدت منصات منتدى شباب العالم مداخلات مهمة للرئيس عبد الفتاح السيسى، حدد فيها مواقف مصر من القضايا الإقليمية والدولية وخرائط النفوذ، وجدد موقف مصر الواضح من وحدة وقوة الدولة الوطنية باعتبارها أساس الاستقرار والتنمية. ورسم الرئيس صورة شاملة للتحديات السياسية والأمنية والاقتصادية إقليميا على المستوى العربى والشرق الأوسط، وقاريا على مستوى القارة، ودوليا على خطوط المنظمات الدولية.
كان الأمن القومى حاضرا فى مناقشات الجلسات المتعددة فى منتدى شباب العالم، وفرصة لتأكيد موقف مصر الثابت تجاه القضايا العربية والإقليمية والدولية.
أكد الرئيس أن مصر لا تتدخل فى الدول الأخرى وترى أن رسم السياسات المتعددة من شأن شعبها، وفى نفس الوقت فإن مصر تحمى أمنها القومى ولا تسمح بأى تحركات من شأنها أن تخل بالاستقرار فى المنطقة.
وجاءت مداخلات الرئيس فى أكثر من زاوية تحمل هذا المعنى، حيث يرى أن عودة الاستقرار مرة أخرى للإقليم العربى مصلحة للجميع.. لأن ذلك يوفر الفرصة للتنمية والتراكم فيما يتعلق بالسياسات الاقتصادية، بالشكل الذى يسهل البناء على ما سبق، بينما التفرغ لمواجهة الإرهاب فقط يخل بالقدرة على البناء المستمر.
وأوضح الرئيس أن مصر كانت ستشهد دمارا أكثر من دول أخرى، قائلا: «لأن عددنا كبير جدا.. تصوروا شبابها اللى فوق 60 مليون يتنازع مع بعضهم البعض.. فى مصر كنا عارفين إن الإرهاب جاى علشان يوقف التنمية فى مصر.. كنا ممكن نواجه الإرهاب فقط أو التنمية فقط، قالوا خلوه اقتصاد حرب وخلص على الإرهاب وبعد كده تنمية».
واستشهد الرئيس بالحالة التى عاشها العراق بعد القضاء على تنظيم داعش الإرهابى، وقال: «العراق حاربت داعش خلال 4 سنين لكن يا ترى كانت مهتمة بالتنمية أو مشيت فى مسار التنمية زى ما مشيت فى مسار الحرب ضد الإرهاب؟.. ما تصورش ده حصل.. وبالتالى لما انتصرت على داعش شباب العراق بيقول فين إحنا؟ وفين مستقبلنا؟ وفين التنمية؟ ومستحملش واتحرك، ولما اتحرك عاوز يغير من وضعه، لكن فى مصر لما اتحركنا قلنا لا، حتى مع الظروف الاقتصادية الصعبة إحنا عملنا بكل طاقتنا بنفس مستوى قتال الإرهاب».
وقال الرئيس: «حاجات الدولة استقرار، وحاجات الفرد إنه يعيش ويشتغل ويبقى ليه أسرة طب لو معملتلوش كده؟ لما يتحركوا هايبقى فيه مشكلة كبيرة»، مؤكدا أن مصر قررت أن تواصل جهود التنمية مع مواجهة الإرهاب لأن الأفراد يكون لديهم حاجات ومطالب فى العمل وبناء أسرة وغير ذلك تكون هناك مشكلة».
ويرى الرئيس أن المنطقة العربية أصبحت تعانى من تسلسل أزمات.. وجدد تأكيده على أنه لا بديل عن استعادة الدولة الوطنية مكانتها.. ولهذا لم نتدخل بشكل مباشر فى ليبيا.
وقال الرئيس فى جلسة التحديات الراهنة للأمن والسلم الدوليين، إنه تحدث من قبل عن أوضاع سوريا وليبيا والعراق قبل 6 سنوات، مؤكدا أن أوروبا ستتضرر كثيرا من العناصر التى ستعود إليها بعد انتهاء مهماتها وقال : «دلوقتى بنشوف الكلام ده فى أوروبا وعندهم مشكلة بين قوانينها ومبادئها من ناحية ومصالحها من ناحية أخرى، حيث إن قوانينها ومبادئها أنها تستقبل العائدين من سوريا، وعلى العكس مصالحهم تمنع استقبال هؤلاء العناصر».
وفى جلسة سبل تعزيز التعاون بين دول المتوسط أكد الرئيس أنه لا بديل عن استعادة الدولة الوطنية لمكانتها مرة أخرى، خاصة أن الدول التى فقدت الكثير من سيادتها يجب أن تعاد. وأن الجيوش الوطنية هى المسؤولة عن الأمن داخل بلدها مشددا على أن الجيش الوطنى ليس له أهواء أو متحزب وهمه الوطن فقط.
وأكد الرئيس عبد الفتاح السيسى، أن المنطقة العربية تعانى من تسلسل أزمات بشكل مستمر، أزمة يترتب عليها أزمة، مضيفا الآن نرى ما يحدث فى لبنان تداعى نتيجة موقف ولكن ما هو الموقف إذا تطور الأمر فى لبنان أكثر من ذلك؟ وأصبح عندنا سوريا وقد يكون لدينا، وأشار إلى أن لبنان يوجد بها 2 مليون لاجئ بجانب مواطنى الدولة.. لا قدر الله ما الموقف إذا تعقدت الأزمة أكبر مما هو عليه الآن.. ورأينا لا قدر الله نزوحا إلى أوروبا أو دول جوار أخرى.
وقال، إن ليبيا أصبحت دولة معبر للهجرة غير الشرعية، والدولة هناك تعانى من وجود قوى أخرى تنازع الاستقرار داخلها نتيجة تنفيذ أجندتها، قائلا: «الحكومة الليبية بلا إرادة حرة حقيقية خلال السنوات الماضية؟.. لأنها أسيرة للمليشيات المسلحة والإرهابية فى طرابلس.. بمنتهى الصراحة كده.. ونعالج الأمور وكل واحد ومصالحه».
وأضاف الرئيس: «أمننا القومى يمس بشكل مباشر من الموقف فى ليبيا وكان الأولى بينا نتدخل بشكل مباشر فى ليبيا ولدينا القدرة لكن معملناش كده واحترمنا ظروف ليبيا وقلنا نحافظ على الأخوة اللى بينا وبين الشعب الليبى ولن ينسى لنا الشعب الليبى تدخلنا بشكل مباشر فى أمنه».
وأضاف الرئيس السيسى أنه من مصلحة الجميع أن يعود الاستقرار مرة أخرى للإقليم دون النظر إلى المصالح الضيقة.
وتابع أن الأحداث التى شهدتها المنطقة خلال العشر سنوات الماضية أوجدت حالة من عدم التوازن الأمنى فى الإقليم، و«تم العبث بالأسس التى بنيت عليها دول المنطقة.. كان هناك نظام، وتم العبث به، ونرى آثاره فى سوريا وليبيا ومصر ودول الساحل والصحراء»، مؤكدا أن مطالبة مصر بعودة الدولة الوطنية لم تكن انحيازا لأى حد، ولكن من أجل استقرار المنطقة. وأن مصر استطاعت منع خروج أى مركب للهجرة غير الشرعية، وهى جهود تحققت بعد الجمع بين إدارة الدولة وقدرتها، ومصر استعادت قدرتها منذ سبتمبر عام 2016، وفق التزامات الدولة تجاه الواقع الموجود فى المنطقة. ومع هذا فقد وافقت على إقامة اللاجئين فيها وإذا كانت النتيجة يقعدوا فى مصر.. يقعدوا فى مصر ولا نتحمل أمام أنفسنا وأمام التاريخ وأمام الإنسانية أن نكون السبب فى قتلهم.. ومن غير المقبول أن يتم التعامل مع هؤلاء اللاجئين بشكل سلبى، متابعا: «لهم تجارة وأشغال وشركات فى مصر على أفضل ما يكون».
وأكد الرئيس السيسى، على أهمية توفير فرص العمل لشباب القارة الأفريقية، مشيرا إلى أن تغيير وجه القارة الأفريقية يحتاج إلى مشاريع عملاقة فى البنية التحتية، محذرا من تأجيل الحلول والتناحر فى إيجاد حلول المشاكل، الأمر الذى سيترتب عليه آثار سلبية على جميع الدول ودعا إلى استعادة الأمن والاستقرار بالمنطقة والنظر للأمور بشكل أكبر من المصالح الضيقة للدول، مؤكدا أن هذا الطريق هو السبيل لحل مشاكل المنطقة.
وجدد الرئيس تأكيده على أهمية مواجهة الإرهاب وقال: يجب أن يكون هناك موقف حازم تجاه الدول التى تدعم الإرهاب، مشددا على أن المخاطر التى تترتب على هذه الظاهرة سوف تؤدى إلى إيذاء العالم كله، ومن الضرورى الوقوف أمام الدول التى تدعم الإرهاب وتستخدمه أداة لتحقيق مصالحها وأهدافها»، مشيرا إلى أن ظاهرة الإرهاب أداة استخدمت عبر سنوات طويلة لتحقيق أهداف سياسية، وأن بعض الدول تبتكر وسائل وأدوات لتحقيق مصالحها، وأن الإرهاب تم استخدامه لهذا الغرض، وبدأ فى مصر منذ الخمسينيات، وأن عملية أو عمليتين يوقفوا كل أنشطة السياحة فى مصر.. نخسر 15 مليار دولار وإحنا دولة مش دولة غنية ولا صناعية ومواردنا محدودة، وبالتالى تدخل الدولة فى أزمة كبيرة جدًا لمدة سنتين، حتى يتم التعافى، شوفوا إزاى أقدر أدمر دولة زى مصر وأطوعها وأخليها تنفذ التعليمات»، مشيرا إلى أن الإرهاب ليس وراءه مطالب ولكن مصالح، وهو أمر يدركه السياسيون وأجهزة المخابرات، وتعرف أن ظاهرة الإرهاب يجب التعامل معها عن طريق المقاربة الشاملة والثقافة والفكر والخطاب الدينى حتى نقلل من استخدام الوعاء الذى يستخدم فى دعم وتطوير الإرهاب حول العالم كله».
وجدد الرئيس عبد الفتاح السيسى، التأكيد على ضرورة عدم ترك دول الساحل والصحراء فى أفريقيا وحدها لمواجهة الإرهاب بقدرات اقتصادية وأمنية لا تستطيع المواجهة.. من الطبيعى أن ينتج عن ضعف المواجهة ظاهرة النزوح وضعف التنمية فى القارة الأفريقية، حتى يصل الأمر إلى أن نرى دولة إرهاب مثل ما حدث مع تنظيم داعش فى سوريا والعراق.داعيا الى التكاتف مع الدول التى تواجه الإرهاب ومساعدتها لمواجهة هذه الظاهرة التى تنمو، ولا تقل، لافتا إلى أن الإرهاب صناعة شيطانية تستخدم أدواتها فى الإنسان وتقدمه، موضحا أن الجريمة المنظمة تدخل تحت ساتر الإرهاب، موضحا أن الإرهاب أصبح غطاء الكثير من الأهداف للدول التى ترغب فى تحقيقها، وأخطر ما فى الإرهاب هو استخدام الفكر والعقيدة لتحقيق أهداف ومصالح سياسية.
وتحدث الرئيس عبد الفتاح السيسى، عن منظمة الأمم المتحدة وهمية تطويرها بما يناسب العصر وقال إن «المنظمة أنشئت منذ أكثر من 70 عاما فى ظل ظروف عالمية بعد الحرب العالمية الأولى والثانية، واليوم نحن نحتاج إلى أن نطور المنظومة فى الأمم المتحدة، حتى تستطيع أن تواجه التحديات العالمية، نتيجة التطور الإنسانى الذى وقع فى العالم، لافتا إلى أن القوانين والقواعد والأدبيات التى تتعامل بها منظمة الأمم المتحدة فى التوقيت الحالى ليست عصرية، مشيرا إلى أن نظام الأمم المتحدة منذ 70 عاما، ولذلك نحتاج تطوير الأمم المتحدة فى مواجهة التحديات.
وتطبيقا لهذه الرؤية التى تجمع بين مواجهة الارهاب والاستمرار فى جهود التنمية كانت جلسات المنتدى، ومداخلات الرئيس فى الجلسات المختلفة التى تناقش قضايا العصر وتحديات عصر التكنولوجيا، حيث شارك فى جلسة الذكاء الاصطناعى، والتعامل مع ما تخلقه تطورات التكنولوجيا من تغيير فى شكل ومضمون العمل، مؤكدا أن الحكومة تنتقل للعاصمة الإدارية لتقليل أخطاء العامل البشرى.. وافتتاح جيل جديد من الجامعات العام الدراسى القادم.
ودعا الرئيس إلى تأهيل وتجهيز الشباب لاستقبال التقدم العلمى والتكنولوجى، قائلا: «فيه علم جديد والعلم سيترتب عليه تكنولوجيات جيدة ومهن جديدة تحل محل مهن موجودة بالفعل، وفى مصر بدأنا نتحرك فى هذا الاتجاه، وطالما فيه وظائف هتخلق وأخرى ستنتهى يبقى إحنا لو مجهزناش أنفسنا كشباب ودولة للقادم وتعليمنا لا يقوم بالمساهمة الحقيقية لشبابنا علشان يكون جاهز لسوق العمل القادم الذى يحتاج إلى إدخال العلوم الحديثة مثل الذكاء الاصطناعى فى جامعاتنا، وسنفتتح جيلا جديدا من الجامعات خلال العام الدراسى القادم فيها كل التخصصات. كما أشار إلى توظيف الذكاء الاصنطاعى فى محاربة الفساد، والاعتماد على المكينة، وبناء قواعد البيانات لتصويب الدعم ورفع 2 مليون بطاقة بكل بساطة بها مشاكل مثل التكرار ونفس الكلام ينطبق على الإجراءات مثل الجمارك والضرائب.
وجدد الرئيس عبدالفتاح السيسى، التأكيد على أهمية وخطورة الوعى، مشيرا إلى أن مواقع التواصل الاجتماعى تستخدمها أجهزة مخابرات لإيذاء الدول التى تخرج عن الصف، بقول كلام مهم جدا وخطير ومفيش مسؤول يقدر يقوله كده لأنى بعتبر إنسانيتى أكبر من وظيفتى، مؤكدا أهمية العلم ودور العلماء وأن العلم يعنى امتلاك القوة وقال: «حتى القوانين تفرض لخدمة الأمن القومى للمتقدم والمتطور والعظيم.. الضعيف يخلى باله.. والمتأخر يخلى باله.. لأنه لو مخدش باله ممكن يضيع»، داعيا لاستغلال فرصة العلم والالتحاق بأدوات العصر وأكد: «العالم يقفز إلى الأمام.. وإذا مكوناش نتحرك علشان نلحق بالركب هيزيد تخلفنا بشكل لا يمكن تعويضه مهما عملنا من جهد».
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة