الإقليم التوأم.. كيف حاول الرئيس الصينى الترويج لنموذج "ماكاو" للتغطية على احتجاجات هونج كونج؟.. شى يشارك مواطنى الإقليم احتفالهم بذكرى العودة لأحضان بكين.. والتنمية الاقتصادية مكافأة الولاء للحكومة المركزية

الأربعاء، 18 ديسمبر 2019 05:00 م
الإقليم التوأم.. كيف حاول الرئيس الصينى الترويج لنموذج "ماكاو" للتغطية على احتجاجات هونج كونج؟.. شى يشارك مواطنى الإقليم احتفالهم بذكرى العودة لأحضان بكين.. والتنمية الاقتصادية مكافأة الولاء للحكومة المركزية زيارة الرئيس الصينى لإقليم ماكاو
تحليل يكتبه: بيشوى رمزى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

يبدو أن حلول الذكرى الـ20 لعودة إقليم ماكاو إلى أحضان الصين، بمثابة الفرصة التى سعى الرئيس شى جين بينج لاقتناصها لتقديم رسائله، ليس فقط إلى متمردى هونج كونج، ولكن للعالم بأسره، فى ظل التشابه الكبير فى الظروف بين الإقليمين، حيث أن كلا منهما يخضعان لسيادة بكين، فى الوقت الذى يتمتعان فيه بالحكم الذاتى، حيث تبقى ذكرى الاستقلال عن الاستعمار البرتغالى محلا للاحتفال بين مواطنى ماكاو، بينما يبقى تاريخ الاستقلال عن المملكة المتحدة، والعودة للصين، بمثابة كابوس للقطاع الأكبر من سكان هونج كونج، فى عام 1997 من القرن الماضى.

فعلى الرغم من أن "ماكاو" يعد بمثابة الإقليم "التوأم" لهونج كونج، من حيث الظروف التاريخية، والتى تدور حول بقائهما تحت سيطرة الاستعمار لفترات طويلة من الزمن، أو حتى الموقع، حيث لا يفصل بينهما سوى ممرا مائيا بعرض نحو 30 كيلومترا، بالإضافة إلى ظروف الاستقلال، حيث أنهما نالا استقلالهما خلال فترة متقاربة فى أواخر التسعينات من القرن الماضى، إلا أن ثمة تعارض كبير بينهما فى التعامل مع السيادة الصينية لكلا منهما، حيث نجح إقليم ماكاو فى التعايش مع صيغة "دولة واحدة ونظامان"، والتى فرضتها عليهما بكين، بينما يبقى إقليم "هونج كونج" متمردا عليها، طامحا إلى التحرر من بكين.

احتجاجات هونج كونج.. الصين تقدم نموذجا مغايرا

وتعد الاحتجاجات التى شهدها إقليم هونج كونج، فى الأشهر الماضية، على خلفية الاعتراض على مشروع قانون تسليم المجرمين إلى السلطات الصينية، والتى تطورت إلى حالة من الفوضى والعنف بين المتظاهرين والشرطة، إشارة صريحة لحالة الغضب لدى مواطنى الإقليم، جراء البقاء تحت السيادة الصينية، وهو ما بدا فى الأعلام الأمريكية والبريطانية التى حرص المحتجون على رفعها خلال حراكهم فى محاولة لاستجداء التدخل الدولى لينالوا حلم الاستقلال الكامل، وهو ما أثمر عن محاولات دولية للتدخل فى القضية، وأخرها ما يسمى بـ"قانون هونج كونج"، والذى قام مجلس الشيوخ الأمريكى بتمريرة، بينما صدق عليه الرئيس ترامب، فى خطوة أثارت الجدل فى الدوائر الصينية، على اعتبار أن مثل هذه الخطوة ربما تقوض الجهود الرامية إلى الوصول إلى اتفاق تجارى بين البلدين، بعد شهور من التوتر إثر الإجراءات الجمركية المتبادلة، والتى وضعت العالم على حافة حرب تجارية، ربما تأكل الأخضر واليابس.

55286-شى-جين-بينج-يحى-أطفال-ماكاو-المحتشدين-لاستقباله
 

ولعل حرص الرئيس الصينى على حضور الاحتفالات الكبيرة التى يطلقها مواطنو ماكاو، يقدم رسالة للعالم، مفادها أن الوضع فى الأقاليم المتمتعة بالحكم الذاتى تحت السيادة الصينية تحظى بالاستقرار، وبالتالى فإنه لا يجوز تعميم النموذج السلبى الذى تقدمه هونج كونج، عبر إثارة الفوضى والاحتجاجات، هو ما يبدو واضحا فى حفاوة الاستقبال، والذى لم يقتصر على المسئولين الرسميين، وإنما امتد إلى المواطنين الذين احتشدوا بالمطار، حاملين أعلام الصين إلى جانب أعلام إقليمهم، رغم الإجراءات الأمنية المشددة، فى إشارة للشعبية الكبيرة التى تحظى بها الحكومة المركزية فى بكين بين سكان الإقليم، على عكس الأوضاع فى هونج كونج، التى حمل محتجيها أعلام القوى الأجنبية لاستدعاء التدخل الدولى فى المشهد الصينى.

وتمثل الزيارة، والتى سوف تستمر 3 أيام، وهى الأطول للرئيس الصينى إلى الإقليم، انعكاسا صريحا لرغبة بكين فى لفت الانتباه الدولى إلى الوضع فى الإقليم الموالى لها، بعيدا عن نزعة التمرد المهيمنة على هونج كونج، والتى لا يرتبط رفض سكانها للسيادة الصينية عليهم بمسألة تسليم المجرمين، والتى لم تعدو أكثر من "القشة" التى أثارت فوضى الاحتجاجات، تعبيرا عن رغبتهم القديمة فى الاستقلال عن بكين، منذ اليوم الأول للتحرر من الاستعمار البريطانى، حيث تبقى صور أطفال ماكاو حاملين الأعلام الصينية بينما يستقبلون شى، بمثابة ردا قويا على الصور الأخرى التى تكالب خصوم الصين الدوليين على نشرها لمشاهد العنف، فى هونج كونج، وما حملته من دعوات صريحة للتدخل الخارجى.

مكافأة الولاء.. شى يحول ماكاو إلى مركز اقتصادى عالمى

إلا أن رسائل بكين لا تقتصر فى مداها على المجتمع الدولى، وإنما تمتد كذلك إلى إقليم هونج كونج المتمرد، حيث ستكون الزيارة التاريخية لشى فرصة لتدشين العديد من المشروعات التى تؤهل الإقليم ليكون أحد أهم المراكز الاقتصادية فى القارة الآسيوية، وعلى رأسها تأسيس بورصة صينية مقومة باليوان، بالإضافة إلى تحويلها إلى أحد أبرز المدن السياحية فى العالم، وهو ما يعنى مزيد من الاستثمارات والرواج الاقتصادى فى المرحلة المقبلة، وهو ما يصب فى صالح مواطنى الإقليم.

80545-أطفال-بالإقليم-يرفعون-أعلام-الصين-وماكاو
 

وهنا يمكننا القول بأن الزيارة التاريخية، تحمل مكافأة السلطة الحاكمة فى الصين، إلى الإقليم، الذى بدا أكثر قبولا لصيغة "دولة واحدة ونظامان"، التى تتبناها بكين فى التعامل مع كلا من هونج كونج وماكاو، وهو ما يبدو واضحا فى الدعم الكبير الذى يقدمه شى للتنمية الاقتصادية فى الإقليم خلال زيارته، لتصبح ماكاو نموذجا تحاول الحكومة الصينية تقديمه إلى متمردى هونج كونج، وتدعوهم إلى السير على دربه إذا ما أرادوا تحقيق المزيد من التنمية والاستقرار فى المرحلة المقبلة.

يبدو أن زيارة شى لماكاو تحمل هدفا رئيسيا يتمثل فى الترويج إلى نموذج أخر يختلف عن الصورة التى تصدرت المشهد العالمى فى الأشهر الماضية، عبر تسليط الضوء على التعايش بين سكان الإقليم، الذى يحظى بنفس الظروف التى تشهدها هونج كونج، والحكومة المركزية، والتى تحظى بشعبية كبيرة بينهم، وهو ما يساهم، نوعا ما، فى إزالة الصورة الذهنية التى سعى إلى ترسيخها خصوم بكين سواء من الدول أو حتى المنابر الإعلامية، والتى تصدرتها مشاهد العنف بين المحتجين والشرطة فى هونج كونج.

 










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة