تحدثت تقارير ودراسات عديدة عن استعانة داعش بالنساء داخل التنظيم الإرهابى وخلال السنوات الخمس الأخيرة لم يكتف التنظيم بعمل النساء بداخله فقط بل لجأ لمشاركتهن فى عملياته الإرهابية التى يقوم بها فى مختلف دول العالم.
الدور الذى تلعبه النساء فى تربية أطفال داعش
وأظهرت دراسة حديثة نشرها الباحث وأستاذ علم الاجتماع السياسى طه على ، تحت عنوان: «المرأة في الدولة الإسلامية: بيان ودراسة حالة»، الدور الحقيقى للنساء في التنظيم موضحة إن عمر النساء اللاتي يقمن بالإنجاب ورعاية الشؤون المنزلية يتراوح ما بين التاسعة والسابعة عشر عامًا، وبحسب الوثيقة التي توضح أبرز معالم الفكر الذي يتبناه الدواعش تجاه المرأة فإن المرأة مهما فعلت لن تستطيع إثبات أنها أكثر ذكاءً ومهارةً من الرجل.
كما لفتت الوثيقة إلى أن الوظيفة الأساسية لها كما تحدد الوثيقة هي أن تبقى في المنزل مع زوجها وأطفالها أما خروجها من المنزل فهو مشروط بالظروف الاستثنائية، كالجهاد في حال عدم وجود الرجال، وهو ما نلاحظ تحققه على أرض الواقع مع تتبع مسيرة تنامي دور المرأة في التنظيم.
30% زيادة فى العمليات الإرهابية للسيدات منذ عام 2013 حتى 2018
فى نفس السياق قال مرصد الفتاوى التكفيرية والآراء المتشددة التابع لدار الإفتاء المصرية إن المؤشر العالمي للإرهاب لعام 2019 الصادر عن مركز السلام والاقتصاد، وهو أحد المراكز البحثية الكبرى المعنية برصد ومتابعة مؤشرات الإرهاب حول العالم، أوضح أن ظاهرة النساء الانتحاريات شهدت ارتفاعًا كبيرًا بداية من عام 2013 وحتى 2018 بما نسبته 30%، هذا على الرغم من أن نسبة العمليات الانتحارية التي قامت بها النساء تمثل 3% من جملة العمليات الانتحارية لعام 2018 ، بينما شكلت 5% من عام 1985 إلى 2018، إلا أن هذه النسبة تشير إلى تصاعد اعتماد التنظيمات الإرهابية على النساء في تنفيذ العمليات الانتحارية.
وأشار المرصد إلى أن هذا التناول من قِبل مركز السلام والاقتصاد يؤكد على ما سبق أن تحدث عنه المرصد في تقاريره من تصاعد ظاهرة استقطاب النساء في التنظيمات الإرهابية خاصة مع صعود تنظيم "داعش" بداية من عام 2014، فقد أوضح المؤشر العالمي للإرهاب أن العمليات الانتحارية التي نفذت من خلال النساء قدرت بـ 200 عملية إرهابية بداية من عام 2013 وحتى 2018، وكانت جماعة " بوكو حرام" هي الأكثر اعتمادًا على ظاهرة النساء الانتحاريات. إذ تعتبر جماعة "بوكو حرام" من أكثر التنظيمات اعتمادًا على النساء والقيام بخطفهن واستخدامهن في العمليات الإرهابية، فقد سبق أن أوضح تقرير صادر في أبريل 2018 عن منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسيف"، قيام الجماعة بخطف أكثر من 1000 طفلة في شمال شرق نيجيريا منذ عام 2013، كما أن الإرهاب في نيجيريا يتسم بأنه يشهد ارتفاع عمليات الخطف واستخدام النساء في هذه العمليات عبر إجبارهن على القيام بعمليات انتحارية من قِبل العناصر الإرهابية.
وأفاد المؤشر العالمي للإرهاب أنه من التنظيمات الأخرى التي من المتوقع أن تلجأ إلى ظاهرة الانتحاريات في المرحلة القادمة تنظيم "داعش"، كما أن التقرير أوضح أن العنصر النسائي في داعش ينتشر في 13% من عدد الفروع التابعة للتنظيم، فمع ظهور التنظيم في سوريا استعان بالنساء عبر منصات التواصل الاجتماعي من أجل تجنيد مزيد من السيدات عبر تقديم "خطاب ومادة إعلامية" يتم من خلالها تجنيد سيدات للذهاب إلى سوريا والانضمام للتنظيم.
تفاعل كبير لنساء داعش المنضمين من آسيا والمحيط الهادى
وفي ذات السياق، أوضح المؤشر العالمي للإرهاب أن آسيا والمحيط الهادئ حصلت على أكبر نسبة من النساء اللائي انضممن إلى التنظيم بنسبة 31%، وسجلت أوروبا المرتبة الثانية بنسبة 24%، ومما يؤكد ذلك ما كشفه تقرير المؤشر عن لجوء "داعش" إلى الاستعانة بالنساء في العمليات الانتحارية وتنفيذه 4 عمليات انتحارية بواسطة النساء، هذا بالإضافة إلى 23 عملية انتحارية أخرى نفذت بواسطة سيدات ولكنها سجلت ضد مجهول.
وحذر المرصد من تصاعد اعتماد التنظيمات الإرهابية على النساء في الآونة القادمة؛ نظرًا لأن النساء يسهل عليهن الحركة والتنقل بين المرتكزات الأمنية وغيرها، خاصة مع وجود تقارير تؤكد على لجوء التنظيمات الإرهابية إلى استهداف النساء واستقطابهن، حيث عاد 18% فقط من عدد النساء المنضمات إلى تنظيم "داعش" لبلادهن، الأمر الذي يجعلهن محل اهتمام داعش وغيرها من التنظيمات الإرهابية، خاصة أن التقرير أكد على أنه من الناحية التاريخية فإن الهجمات الانتحارية التي كانت تنفذها النساء أكثر فتكًا بنسبة تصل إلى 5% من تلك التي يقدم عليها الرجال.
أستاذ علوم سياسية: داعش جندت النساء لخدمة أهدافها
بدوره قال الدكتور طارق فهمى أستاذ العلوم السياسية لــ"اليوم السابع"، أن كثير من التنظيمات الإرهابية والجماعات المتطرفة تستخدم النساء والأطفال لخدمة أغراضها فقد اعتمد تنظيم القاعة على النساء من قبل وكذلك تنظيم خراسان اعتمد عليهن أيضا.
أضاف فهمى أن داعش جندت النساء لخدمة أهدافها فعلى سبيل المثال أنشأت شعب وقطاعات بداخلها لتدريب وتأهيل النساء ليس ذلك فحسب بل أنشأت شعبة كاملة للعمل على تجنيد النساء وضمهم إلى التنظيم المتطرف.
وأشار فهمى إلى أنه ثبت يقينا أن كثير من الجماعات الإرهابية تعتمد على النساء من أجل تنفيذ مخططاتها لافتا إلى المرأة داخل داعش تستخدم أيضا فى العمل عبر مجموعات على شبكة الانترنت لا لاستهداف النساء وضمهم فقط بل أيضا لنقل تعليمات التنظيم إلى أفراده.
وأشار أستاذ العلوم السياسية إلى أن هناك تقرير أصدرته الخارجية الأمريكية مطلع عام 2019 تحدثت فيه عن استراتيجية التنظيمات الإرهابية فى الاستعانة بالنساء لاستخدامهن فى أغراضها.
الجناح النسائى فى داعش ينقسم إلى ثلاثة قطاعات
من جانبه قال طه على أستاذ علم الاجتماع السياسى ، أن تنظيم داعش اعتمد فى البداية على النساء لخدمة الرجل وهناك فتوى لأبو بكر البغدادى إبان نشأة التنظيم قال فيها أن دور المرأة هام جدا ولوجيستى.
وتابع "على": مع تراجع أعداد داعش والهزائم التى منى بها التنظيم الإرهابية بعد 2014 اضطر لاستخدام النساء فى العمليات الإرهابية وضمها للجناح المسلح للتنظيم الإرهابى.
وقال "على" أن الجناح النسائي بتنظيم داعش إلى ثلاثة أقسام، القسم الأول: يهتم بالإنجاب ورعاية الشؤون المنزلية، وتُعرَف من يققمن بهذه المهمة بـالسبايا والأسيرات ويتم التعامل معهن كالجواري، والقسم الثاني: يهتم بالخدمة المدنية كالتعليم والصحة وغيرهما مما تحتاج إليه النساء، ويضطلع بهذه المهمة المتعلمات من نساء التنظيم، أما القسم الثالث فيضم المجاهدات اللواتي يقمن بحمل السلاح، ويأتين من جنسيات مختلفة -عربية وغير عربية.
كتيبة الخنساء داخل داعش
وأكد مراقبون أن تنظيم النساء في "داعش" جاء ضمن كتائب إدارية وأمنية لتكون فاعلة في التنظيم مثل كتيبة الخنساء الأشرس على مستوى الكتائب النسائية وتضم بحسب تقارير دولية أكثر من ألف امرأة أغلبهن أجنبيات وتتبع لما يسمى "كتائب الحسبة النسائية" .
وكان الكاتب الصحفى حسين الشيخ قال فى مقال سابق له أن كتائب الحسبة النسائية مهمتها ملاحقة النساء في المناطق التي يسيطر عليها التنظيم لمتابعة الأمور الشكلية من المظهر واللباس لتعويم ثقافة التنظيم وجعلها سمة بارزة كما أن النساء في مثل هذه الكتائب لا تقتصر على التوجيه بل تأخذ صفة قيادية، فهي تعتقل وتعذب وتفرض البروتوكولات الداعشية على نساء المنطقة التي يحكمها داعش ولو بالقوة وبصلاحيات واسعة.