أكرم القصاص - علا الشافعي

محمد أحمد طنطاوى

حاسبوا "فيس بوك" فإنه يدعم الانتحار

الإثنين، 02 ديسمبر 2019 01:46 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

الكل بدأ يحلل ويفسر أسباب الانتحار ودوافعه، فقد تحول الجميع فجأة إلى أطباء نفسيين، وعلماء نفس واجتماع، يتحدثون عن مستوى الكبت الذى وصل إليه المجتمع، وحجم المعاناة التى  يعانى منها الشباب، بعد حادث انتحار طالب كلية الهندسة من أعلى برج القاهرة، دون أن يدركوا أن عدد سكان مصر يزيد عن 100 مليون شخص، بينهم الصحيح والمريض، والصالح والفاسد والمتعلم والجاهل، القادر على مواجهة مشكلاته وأعبائه ومن يهرب منها، والكثير من النماذج والأمثلة التى يمتلئ بها هذا المجتمع المزدحم، الذى تتنوع فيه الثقافات وتختلف الظروف، وتتباين طرق التعامل مع المشكلات.

والسؤال الذى يحتاج إلى إجابة حقيقية، هل معنى انتحار شخص أو شخصين أو 10 أشخاص يوميا، بأى وسيلة كانت، فى مجتمع يعيش به 100 مليون ظاهرة؟! الإجابة بالطبع لا، فمعدلات الانتحار عالميا وفقا لآخر تقرير صادر عن منظمة الصحة العالمية فى سبتمبر 2019 ذكرت أن نحو 800 ألف شخص ينتحرون سنويا، بما يعنى أن كل 40 ثانية هناك من يموت منتحرا حول العالم، وقد بلغ المعدل العالمى للانتحار 10.5 شخص لكل 100 ألف، بمعنى أن 105 أشخاص من مليون شخص ينتحرون سنويا، وبالقياس، لو تم توصيف النسبة على الحالة المصرية ستكون 10 آلاف و500 شخص من 100 مليون ينتحرون سنويا، وهو رقم لم يحدث أبدا بأى صورة، فمصر لم تأت ضمن الدول التى ترتفع بها معدلات الانتحار.

تقرير منظمة الصحة العالمية كشف أنه على الرغم من وقوع حالات انتحار فى البلدان المتدنية والمتوسطة الدخل، حيث يعيش معظم سكان العالم، إلا أن المعدلات كانت أعلى فى البلدان الأكثر ثراء، وقد سجلت غويانا - دولة صغيرة فى أمريكا الجنوبية – أعلى معدلات الانتحار فى العالم، لتصل إلى ما يزيد عن 30 حالة لكل 100 ألف شخص، تليها روسيا فى ثاني أعلى معدل بـ 26,5 حالة انتحار لكل 100 ألف شخص، كذلك احتلت مراتب متقدمة كل من ليتوانيا وليسوتو وأوغندا وسريلانكا وكوريا الجنوبية والهند واليابان، إضافة إلى الولايات المتحدة التى سجلت 13,7 حالة انتحار لكل 100 ألف شخص.

لا يمكن بأى حال أن نرى الانتحار فى مصر ظاهرة، أو مشكلة تؤثر على المجتمع أو تعوق حركته، لكن المشكلة الحقيقية هى التفاعل مع ما تثيره السوشيال ميديا من صور وفيديوهات لأشخاص أثناء محاولات الانتحار، لما قد يكون لذلك من تأثير نفسى سلبى على المجتمع، بالإضافة إلى أنها تصور حوادث الانتحار على أنها أمر شائع أو مألوف، وعلى وسائل الإعلام أن تضع أكوادا مهنية للتعامل مع قضايا الانتحار، وتلتزم بميثاق أخلاقى لعدم نشر أى صور أو فيديوهات تخص تلك الحوادث، أو تتفاعل معها وتعلق عليها باعتبارها ظواهر مجتمعية أو أحداث عادية، وتعممها على المجتمع، وقد كشفت الحادثة الأخيرة الخاصة بانتحار طالب الهندسة من برج القاهرة، مدى ما وصل إليه " فيس بوك" والقائمين عليه من غياب المسئولية، وسعيهم نحو إشعال المجتمع وتصدير ظواهر سلبية لم نعهدها من قبل.

المرض النفسى كما تعلمنا من المتخصصين وأساتذة الطب النفسى أنه تغير كيمياء المخ بصورة تجعل المريض غير قادر على التفاعل مع ما كان يقوم به من قبل، وهو ما يدفعه إلى سلوكيات مختلفة وغير معتادة، قد يكون من بينها الانتحار، ولا يمكن بأى حال أن نفسر سلوك مريض نفسى نحو الانتحار بأنه يرجع إلى ضيق العيش، أو صعوبة الحياة أو مشكلات الدراسة والتعلم، إلا أن لذلك أسبابه العديدة المرتبطة بطبيعة المرض النفسى، والمرحلة التى وصل إليها المريض.










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة