أصبح رجب طيب أردوغان، المثال الحى للتناقض والازدواجية والنفاق والابتزاز السياسى لكل الأطراف. فقد استمر 7 سنوات يخدع حلفاءه فى أوروبا، بأنه يدعم الشعب السورى، بينما عقد تحالفات مع داعش والقاعدة، وحول تركيا إلى ممر لدخول وخروج الإرهابيين من أنحاء العالم إلى سوريا والعراق. تاجر فى نفط سوريا والعراق المنهوب، وظهرت فيديوهات لابن الرئيس التركى، بلال أردوغان، وهو يعقد صفقات بيع النفط المسروق مع داعش.
خسر أردوغان رهانه على داعش والقاعدة فى سوريا، حاول تعويض خسائره بغزو سوريا ومحاولة انتزاع أراض بالشمال. ومارس ابتزاز الغرب بقضية اللاجئين بعد أن تاجر بهم للحصول على مليارات الدولارات، وتصادم مع الدول الأوروبية، مع ألمانيا وفرنسا وإيطاليا. بعد انكشاف ارتباطاته بداعش والقاعدة وتنظيمات الإرهاب. وسهل لفلول داعش الحصول على ملاذات آمنة فى ليبيا، واليوم يخوض رهانه الأخير لدعم الميليشيات فى مواجهة الجيش الوطنى الليبى، فى محاولة لحماية أسراره، وانتزاع اتفاق ناقص مع السراج، للسيطرة على مقدرات الشعب الليبى. وهى اتفاقات ليس لها أى أساس قانونى أو دستورى أو دولى، وقد نجح أردوغان فى توحيد الشعب الليبى فى مواجهة أطماعه.
السلطات المنتخبة والممثلون الشرعيون للشعب الليبى رفضوا اتفاقات السراج مع أردوغان، واعتبروها غير مشروعة، خاصة أنها جاءت بعد سنوات عانى فيها الشعب الليبى من إجرام داعش والقاعدة وتنظيم الإخوان، والذين نهبوا النفط والثروات وطاردوا المدنيين الليبيين وحولوا أراضى الدولة إلى مخازن سلاح وبؤر للتهريب والجريمة والهجرة غير الشرعية. واليوم يحاول أردوغان حماية آخر معاقل داعش، من خلال اختراع اتفاقات هلامية ليس لها أى قواعد قانونية أو حتى سياسية.
وبينما يحاول رجب طيب أردوغان الظهور فى هيئة المسيطر على الأحداث، يتخبط فى توجهاته السياسية، ويحاول الهروب إلى الأمام، يترك مشكلات الداخل والانهيار الذى يواجهه حزب العدالة والتنمية الحاكم، ليسعى إلى انتزاع منطقة عازلة فى سوريا، وأخيرًا عقد اتفاقات مع ميليشيات الإرهاب فى ليبيا، بعد فشل رهانه على تنظيم داعش والقاعدة.
وفى محاولة منه لتبرير التدخل التركى فى ليبيا بدعم من تميم بن حمد أمير قطر وشريكه فى تمويل الإرهاب، هاجم أردوغان من وصفهم بـ«المرتزقة» المدعومين من روسيا فى ليبيا، فى الوقت الذى ظهرت تقارير عن سعى أردوغان للحصول على موافقة روسيا على اتفاقاته غير المشروعة فى ليبيا. وهى طريقة أردوغان للعب على كل الأوراق، والتى انكشفت ولم تعد تجدى، فقد هاجم أردوغان موسكو بعد أن فشل فى الحصول على موافقته على اتفاقاته مع السراج، تمامًا مثلما فعل من قبل مع فرنسا، بعد أن اتهمه الرئيس الفرنسى ايمانويل ماكرون أثناء انعقاد قمة الناتو بالتعاون مع داعش والتنظيمات الإرهابية. وقال إن أردوغان يقف بجانب داعش، ويحارب فى صفوف التنظيمات الإرهابية، بينما يحاول محاربة القوات الكردية التى هزمت داعش.
ظن أردوغان طوال سبع سنوات، فى اللعب بكل الأوراق، وحقق مكاسب تكتيكية أو مادية من الاتجار فى النفط السورى المسروق، أو الذهب والآثار التى كان يحصل عليها من حلفائه فى داعش والنصرة، ومع الوقت بدأ يدفع ثمن هذه المغامرات، والنفوذ الممزوج بدم السوريين والليبيين والعراقيين. وهى أوراق لم تعد تجدى نفعًا، سواء فى الداخل حيث يخسر أردوغان أرضًا كل يوم، أو فى الخارج بعد أن أصبح رمزًا للابتزاز والازدواجية القاتلة.