شكلت موافقة قداسة البابا تواضروس الثانى بابا الإسكندرية، على إقامة قداس إضافى لعيد الميلاد المجيد يوم 25 ديسمبر فى إيبارشية كاليفورنيا تحديًا كبيرًا شهدته الكنيسة خلال الأيام الماضية، ففى الوقت الذى رحب فيه كهنة وشعب كنائس المهجر بالقرار الإصلاحي، شنت الكتائب الإلكترونية المتشددة حملات مضادة ضد الأنبا سرابيون مطران لوس انجلوس الذى طلب هذا الإذن من الكاتدرائية، ولم يسلم قداسة البابا تواضروس من الحملة ذاتها.
كيف استقبلت كنائس المهجر قرار مطران لوس انجلوس؟
أثر الهجوم الشديد الذى شنته الكتائب الإلكترونية على القرار، أصدر كهنة لوس انجلوس أمس بيانًا يعلنون فيه تضامنهم مع قرار الانبا سرابيون باعتباره احتياج رعوى لا علاقة له بالأمور العقائدية والدينية المستقرة إنما مجرد حسابات فى التقويم تختلف ما بين التقويم اليولويانى والتقويم الجريجوري.
الكهنة نقلوا ارتياح شعب كاليفورنيا للقرار باعتباره يتماشى مع احتياجاتهم الرعوية ومع الإجازات المدرجة على أجندة الولايات المتحدة السنوية، بالإضافة إلى برودة الطقس فى يناير والتى تحول بينهم وبين الكنيسة أيام العيد فى بعض المناطق الجليدية
بينما تقدم أقباط كندا بطلب للانبا بولس اسقف اونتاريو بطلب مماثل يودون فيه الاقتداء بشعب كنائس كاليفورنيا، إذ يشير الطلب إلى رغبتهم فى الحصول على إذن باباوى يسمح لهم بالاحتفال بقداس العيد يوم 25 ديسمبر، وهو الأمر الذى تكور فى عدد من ايبراشيات أوروبا أبرزها روما
فى المقابل، شنت صفحات حماة الإيمان وعضمة زرقا المعروفة بتشددها كنسيًا حملات مضادة من بينها "أنا أرثوذكسى ولن احتفل بالعيد 25 ديسمبر" معتبرين قرار إقامة قداسين أحدهم فى ديسمبر والأخر فى يناير تفريط فى تقاليد الكنيسة المستقرة
كيف جاءت فكرة إقامة قداسين لعيد الميلاد المجيد فى كنائس المهجر؟
فى مارس الماضى انعقد المجمع المقدس للكنيسة القبطية الأرثوذكسية وهو الهيئة العليا للكنيسة فى موعده السنوى ، وأعلنت الكاتدرائية بعدها عن توصيات لجنة المهجر من بينها نص العبارة "فى حالة الاحتياج إلى استثناءات لقوانين الكنيسة والتقليد المقدس نتيجة احتياجات رعوية بكنائس بلاد المهجر يجب على الكاهن الرجوع إلى أسقف إيبارشيته ويمكن للأسقف الرجوع إلى قداسة البابا".
منحت هذه العبارة بوضوح أساقفة المهجر الحق فى الاحتفال بعيد الميلاد المجيد يوم 25 ديسمبر تماشيا مع الإجازات وظروف الحياة الاجتماعية فى البلاد التى يخدمون بها، وذلك شرط الحصول على موافقة البابا تواضروس الذى قال خلال زيارته لألمانيا: "ندرس مع الأنبا سرابيون أسقف لوس أنجلوس إمكانية الاحتفال بعيد الميلاد المجيد فى كنائسنا بالمهجر مرتين، مرة يوم الـ25 من ديسمبر تماشيا مع الإجازات ومرة أخرى يوم 7 من يناير وهو اليوم الذى تحتفل به الكنيسة وفقا لتقويمها الشرقى، وهو الأمر الذى حدث بالفعل وتم الإعلان عنه رسميًا الأسبوع الماضي.
تشير التوصية إلى كلمتين "قوانين الكنيسة" و"التقليد المقدس" متبوعة بالجملة نتيجة لاحتياجات رعوية فى بلاد المهجر، إذ تخضع مواعيد الاحتفال بالعيد لتقليد الكنيسة وقوانينها المتبعة منذ قرون حين قررت الكنيسة القبطية إتباع التقويم الشرقى فى الاحتفال بعيدى الميلاد المجيد والقيامة، وهو أمر لا علاقة له بالعقيدة ولا باللاهوت إنما مجرد حسابات فلكية وطريقة لحساب الزمن مثلما أكد البابا تواضروس خلال زيارته لألمانيا
الفارق بين الاحتفال يوم 25 ديسمبر و7 يناير
فى كتابه عن عيد الميلاد المجيد يكشف الراهب كاراس المحرقى أسباب اختلاف التقويمين الشرقى والغربى فيقول : تعود قصة اختلاف التقويم إلى اختلاف فى الحسابات الفلكية والتقويم المتبع فى كل كنيسة، فالكنيسة القبطية على سبيل المثال تحتفل بعيد الميلاد يوم "29 كيهك" حسب التقويم القبطى، وكان هذا اليوم يوافق 25 ديسمبر من كل عام حسب التقويم الرومانى، الذى سمى بعد ذلك بالميلادى.تحدد عيد ميلاد المسيح فى 25 ديسمبر بحيث يكون ميلاد المسيح فى أطول ليلة وأقصر نهار (فلكياً)، وبعدها يبدأ النهار فى الزيادة والليل فى النقصان.
لكن فى عام 1582م. أيام البابا جريجورى بابا روما لاحظ العلماء أن يوم 25 ديسمبر (عيد الميلاد) ليس فى موضعه، أى أنه لا يقع فى أطول ليلة وأقصر نهار، بل وجدوا الفرق عشرة أيام، أى يجب تقديم 25 ديسمبر بمقدار عشرة أيام حتى يقع فى أطول ليل وأقصر نهار.
وعرف العلماء أن سبب ذلك هو الخطأ فى حساب طول السنة (السنة = دورة كاملة للأرض حول الشمس)، إذ كانت السنة فى التقويم اليوليانى تحسب على أنها 365 يومًا و6 ساعات.
ولكن العلماء لاحظوا أن الأرض تكمل دورتها حول الشمس مرة كل 365 يومًا و5 ساعات و48 دقيقة و46 ثانية أى أقل من طول السنة السابق حسابها بفارق 11 دقيقة و14 ثانية، ومجموع هذا الفرق منذ مجمع نيقية عام 325م حتى عام 1582 كان حوالى عشرة أيام.
فأمر البابا جريجورى بحذف عشرة أيام من التقويم الميلادى (اليوليانى) حتى يقع 25 ديسمبر فى موقعه كما كان أيام مجمع نيقية، وسمى هذا التعديل بالتقويم الجريجورى.
تم العمل بهذا التعديل فى التاريخ فى كافة أنحاء أوروبا ولم يجرى العمل به فى مصر إلا زمن الاحتلال الإنجليزى ثم عادت الكنيسة المصرية لاستخدام التقويم القبطى الذى يعتبر 7 يناير هو عيد الميلاد ولم تعمل بالتقويم الجريجورى.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة