"تزوجت عن حب منذ 3 سنوات، وأنجبت من زوجي طفل وحيد وهو (أحمد)، واستمرت الحياة بيننا في حب ووئام دون أي مشاكل إلا أننى فوجئت منذ عدة أشهر برسالة على حسابي الشخصي على موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك من حساب أخر مجهول، تؤكد أن زوجي متزوج من أخرى، إلا أننى لم أهتم بالرسالة في بادئ الأمر حيث انصب اهتمامي على محاولة البحث عن صاحب الحساب الوهمي".. بتلك الكلمات سردت "ريهام.ع"، 32 سنة، محافظة القاهرة، مأساتها لـ"اليوم السابع" في محاولة لإيجاد حلول قانونية لأزمتها.
مأساة سيدة زوجها كان متزوجاَ قبل زواجها منه
وتابعت: "في الحقيقة بعد تلك الواقعة بدأ الشك ينتابنى خاصة أن زوجي يتغيب عن منزله 3 أيام كل شهر بحجة متطلبات وحاجة العمل، إلا أنه لم يظهر عليه أى اختلاف فى المعاملة منذ الزواج منه، وبالفعل بدأت السير وراء خيوط الشك الذى لم يفارقني لحظة – وفى تلك الأثناء – تأكدت من الرسالة التي وصلت لي عبر الفيس بوك بأن زوجي متزوج، ولكن المفاجأة لم تكن فقط زواج زوجي وإنما أن زوجي كانت متزوجاَ من أخرى قبل الزواج منى، بمعنى أننى الزوجة الثانية وليست الأولى، الأمر الذى جعلني أدخل في حالة نفسية سيئة، والسؤال الذى يطرح نفسه هنا بعيداَ عن مسألة الطلاق والخلع.. هل من حقي رفع دعوى تزوير على زوجي هنا حيث أنه سبق وأن أقر في وثيقة الزواج بأنه غير متزوج بأخرى؟
هناك العديد من الزوجات يتعرضن لهذه الإشكالية حيث يقول محمد فؤاد، المحامي والخبير القانوني المتخصص في الشأن الأسرى، أن تلك الأزمة تصدت لها محكمة النقض المصرية وكذا المحكمة الدستورية العليا بأن اقرار الزوج في وثيقة الزواج بأنه ليس في عصمته زوجه أخرى بالرغم من عكس ذلك، لا يعد تزويرا وإن خضعت للتأثيم طبقا لنصوص أخرى غير النصوص التي تعاقب على جريمة التزوير.
ولكن في مثل هذه الحالة – وفقا لـ"فؤاد" في تصريح لـ"اليوم السابع" - يعاقب الشخص وفقا للمادة الخامسة مكررا من القانون رقم 100 لسنة 1985 حيث نصت هذه المادة على أن يعاقب الزوج إذا أدلى ببيانات غير صحيحة عن حالته الاجتماعية أو محال إقامة زوجته أو زوجاته أو مطلقته على خلاف ما هو مقرر في المادة 11 مكررا، علما بأن العقوبة المقررة وفقا لهذا النص هي الحبس ستة أشهر وغرامة لا تجاوز مائتي جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين.
كيف تصدت محكمة النقض للأزمة؟
وقد قضت محكمة النقض في ذلك بأنه: "لما كان من المقرر أن التزوير في المحررات لا تكتمل أركانه إلا إذا كان تغيير الحقيقة قد رفع في بيان مما أعد المحرر لإثباته، و كان عقد الزواج هو وثيقة رسمية يختص بتحريرها موظف مختص هو المأذون الشرعي، وهذه الورقة أسبغ عليها القانون الصفة الرسمية، لأنه بمقتضاها تقوم الزوجية قانوناً بين المتعاقدين وتكون للآثار المترتبة عليها - متى تمت صحيحة - قيمتها إذا ما جد النزاع بشأنها، و من ثم فإن مناط التزوير في وثيقة الزواج، هو أن يقع تغيير الحقيقة في إثبات خلو أحد الزوجين من الموانع الشرعية مع العلم بذلك، باعتبار أن ذلك هو من قبيل البيانات الجوهرية التي أعد عقد الزواج لإثباتها و إن كل تغيير للحقيقة في ذلك يعتبر من قبيل التزوير المعاقب عليه".
لا يعد تغيير الحقيقة من قبيل التزوير وإن خضعت للتأثيم
بعكس البيانات التي ليست من هذا القبيل أي البيانات غير الجوهرية، فلا يعد تغيير الحقيقة من قبيل التزوير و إن خضعت للتأثيم طبقاً لنصوص أخرى غير التي تعاقب على جريمة التزوير ذلك لحكمة خاصة ارتآها المشرع، لما كان ذلك، وكانت وثيقة الزواج أعدت فقط لإثبات الزواج و لم تعد لإثبات وجود زوجة أخرى في عصمة الزوج، ذلك لأن القول بأن الطاعن ليس في عصمته زوجة أخرى كما جاء في وثيقة زواجه يستوى في النتيجة مع القول بأنه متزوج من أخرى و هو ما يحل به العقد الجديد ما دام الأمران يلتقيان مع الواقع في الدلالة على خلو الزوج من الموانع الشرعية عند العقد، و ما دام أنه لم يجمع في عصمته أكثر من أربع زوجات، مما يجعله مطابقاً للواقع في نتيجته و يجعل بالتالي انعقاد العقد صحيحاً – الكلام لـ"فؤاد".
لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر و خلط بين صفة المحرر وبين مناط العقاب على التزوير في المحرر الرسمي فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وفي تأويله، ومن ثم يكون ما ارتكبه الطاعن من تغيير للحقيقة في وثيقة الزواج بشأن حالته الاجتماعية لا تتحقق به جريمة الاشتراك في تزوير محرر رسمي المؤثمة بالمواد 140، 41 ، 42 ، 213 من قانون العقوبات ".
عدم دستورية تجريم الزوج
المشرع في قانون الأحوال الشخصية قد ألزم الزوج بأن يقرر أمام المأذون عند زواجه بأخرى بما إذا كان في عصمته زوجه أخري من عدمه ورصد عقوبة جنائية عند تعمد الزوج إخفاء هذا الأمر، وكان هدف المشرع من ذلك إعلام الزوجة بزواج زوجها بأخري لتدبر أمرها، وتقرير مصيرها دون أن يعتبر المشرع ذلك قيد علي حق الزوج في الزواج بأخري أو يرتب بطلان الزواج الجديد علي تخلفه، غير أن المحكمة الدستورية العليا رأت أن مسلك المشرع في تجريم اخفاء الزوج زواجه بأخري ينطوي علي شطط وتوسع في التجريم، مما يعني ايقاع عقوبة دون ضرورة فقضت بعدم دستورية نص التجريم .
واقعة عرضت على محكمة النقض
وعرضت علي محكمة النقض عقب ذلك واقعة فى الطعن المقيد برقم 2597 لسنة 59 جلسة 1991/03/28 كان الزوج قد أدين بناء على نص التجريم المحكوم بعدم دستوريته، فقالت أنه لما كانت وثيقة زواج الطاعن بالمدعية بالحقوق المدنية قد حررت بتاريخ 6 من فبراير سنة 1985 - أى في ظل سريان أحكام المادتين 6 مكرراً، 23 مكرراً من القانون رقم 25 لسنة 1929 و المضافتين بالقرار بقانون رقم 44 لسنة 1979 - و كانت المحكمة الدستورية العليا قد أصدرت بتاريخ 4 من مايو سنة 1985 حكمها في الدعوى رقم 28 لسنة 2 قضائية - دستورية - القاضي بعدم دستورية القرار بقانون رقم 4 لسنة 1979 بتعديل بعض أحكام قوانين الأحوال الشخصية، وجرى نشر هذا الحكم في الجريدة الرسمية بتاريخ 16 من مايو سنة 1985 .
لما كان ذلك، و كانت المادة 49 من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 قد نصت على أن: "أحكام المحكمة في الدعاوى الدستورية وقراراتها بالتفسير ملزمة لجميع سلطات الدولة وللكافة، وتنشر الأحكام والقرارات المشار إليها في الفقرة السابقة في الجريدة الرسمية وبغير مصروفات خلال خمسة عشر يوماً على الأكثر من تاريخ صدورها، و يترتب على الحكم بعدم دستورية نص في قانون أو لائحة عدم جواز تطبيقه من اليوم التالى لنشر الحكم، فإذا كان الحكم بعدم الدستورية متعلقاً بنص جنائى تعتبر الأحكام التى صدرت بالإدانة استنادا إلى ذلك النص كأن لم تكن و يقوم رئيس هيئة المفوضين بتبليغ النائب العام بالحكم فور النطق به لإجراء مقتضاه".
وإذ كان نص كل من المادتين 6 مكرراً، 23 مكرراً من القانون رقم 25 لسنة 1929 والمضافتين بالقرار بقانون رقم 44 لسنة 1979 والذي قضى بعدم دستوريته - من النصوص الجنائية، فإن الفعل الذي قارفه الطاعن بعدم إقراره للمأذون في عقد زواجه باسم زوجته السابقة التى في عصمته ومحل إقامتها، يعتبر وكأنه لم يؤثم.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة