"السادات" الصحفى والفنان والمعتقل.. الرئيس الراحل دخل السجن 3 مرات واستغلها فى تطوير مهاراته فى الكتابة وتقوية اللغة العربية والإنجليزية والألمانية.. وجدته وغاندى ومصطفى كامل وأدهم الشرقاوى أبرز من تأثر بهم

الأربعاء، 25 ديسمبر 2019 05:00 م
"السادات" الصحفى والفنان والمعتقل.. الرئيس الراحل دخل السجن 3 مرات واستغلها فى تطوير مهاراته فى الكتابة وتقوية اللغة العربية والإنجليزية والألمانية.. وجدته وغاندى ومصطفى كامل وأدهم الشرقاوى أبرز من تأثر بهم السادات
كتب أحمد عرفة

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

قصة مساعدة إحسان عبد القدوس لصديقه السادات لعمل كصحفى فى دار الهلال

كيف استغل الرئيس الراحل فترة سجنه فى إعداد صحيفة حائط "الهنكرة والمنكرة" وترجمة قصص ألمانية

أبرز الأعمال الصحفية للسادات ومقالاته اليومية والأسبوعية

 

"إن الروح التى تزهق فى الحرب، هى روح الإنسان سواء كان عربيا أو إسرائيليا، إن الزوجة التى تترمل هى إنسانة من حقها أن تعيش فى أسرة سعيدة سواء كانت عربية أو إسرائيلية، إن الأطفال الأبرياء الذين يفتقدون رعاية الآباء وعطفهم هم أطفالنا جميعا، على أرض العرب أو فى إسرائيل، لهم علينا المسؤولية الكبرى فى أن نوفر لهم الحاضر الهانئ والغد الجميل من أجل أن تنتج مجتمعاتنا وهى آمنة مطمئنة." بهذه الكلمات البسيطة التى ألقاها داخل الكينست الإسرائيلى، استطاع الرئيس الراحل محمد أنور السادات، أن يثبت للعالم أجمع وليس فقط للإسرائيليين أن مصر بلد سلام وأنها تسعى لنشر السلام، تلك الكلمات التى لم يكن لها تأثير فقط على المصريين والإسرائيليين بل على المجتمع الدولى بشكل عام، مكنت فى النهاية الرئيس الراحل من الحصول على جائزة نوبل للسلام.

 

101 عام على ميلاد الرئيس الراحل، الذى ولد في قرية ميت أبو الكوم بمحافظة المنوفية فى 25 ديسمبر عام 1918، يصغر الرئيس الراحل جمال عبد الناصر بحوالى 11 شهرا، فالأخير ولد فى نفس العام فى شهر يناير، وهو صديق العمر وكلاهما حكما مصر.

حياة الرئيس الراحل مليئة بالأحداث المثيرة، حياة شاقة وصعبة عاشها السادات منذ أن كان ضابطا فى الجيش المصرى فى أربعينيات القرن الماضى، وحتى وصوله لمنصب رئيس الجمهورية فى مرحلة دقيقة للغاية وصعبة كانت مصر حينها تعرضت لنكسة فى عام 1967، وموت الزعيم جمال عبد الناصر الذى حزن عليه الشعب المصرى كثيرا، ليجد السادات نفسه مسؤولا عن بلد تسعى لاستعادة أراضها، وتعيش فى مرحلة "لا سلم ولا حرب"، ليتمكن الرئيس الراحل من تحقيق النصر على العدو وإعادة مصر لمكانتها وقوتها إقليميا ودوليا، ويبدأ عصر الانفتاح ويعيد الحياة الحزبية من جديد.

لم يكن يعلم السادات فى آواخر أربعينيات القرن الماضى، عندما كان يعمل عتالا وصبى مقاول، أنه بعد أكثر من 20 عاما سيكون الرجل الأول فى مصر، ويحقق نصرا تاريخيا يعد هو الأهم للبلاد خلال العصر الحديث، ويحصد أعلى جائزة للسلام، ويصبح رجل الحرب والسلام، ويشهد العالم كله بحنكة هذا الرئيس وذكائه وإصراره على تحقيق الانتصار واستعادة كل شبر من الأراضى المصرية.

 

بداية السادات

موقع يحمل اسمه "محمد أنور السادات"، يكشف الكثير من النقاط الغامضة فى حياته، وكذلك الشخصيات التى تأثر بها، حيث بدأ السادات حياته فى كُتاب القرية ومكث به ست سنوات استطاع خلالها أن يحفظ القرآن كله، ومن الكتّاب انتقل إلى مدرسة الأقباط الابتدائية بقرية طوخ دلكا المجاورة لقريته، حيث لم يكن بقريته آنذاك أية مدارس للتعليم الابتدائي وحصل منها على الشهادة الابتدائية، حيث يقول السادات عن تلك الفترة: "إن السنين التي عشتها في القرية قبل أن أنتقل إلى المدينة، ستظل بخواطرها وذكرياتها زادًا يملأ نفسي ووجداني بالصفاء والإيمان فهناك تلقيت أول دروسي في الحياة، تعلمتها على يد الأرض الطيبة السمحة، التي لا تبخل على الناس بالزرع والثمر، وتعلمتها من سماء قريتنا الصافية المشرقة، إنني أعتقد أنني لو تخليت عن الروح الريفية التي تسري في دمي، سوف أفشل تمامًا في حياتي".

انتقل إلى القاهرة بعد عودة أبيه من السودان، في أعقاب مقتل السردار الإنجليزي "سير لي ستاك" قائد الجيش المصري والحاكم العام للسودان. فقد كان من أهم العقوبات التي وقعتها إنجلترا على مصر أن يعود الجيش المصري من السودان، فعاد معه والد السادات حيث كان يعمل كاتبًا بالمستشفى العسكري، والتحق السادات بالعديد من مدارس القاهرة؛ مدرسة الجمعية الخيرية الإسلامية بالزيتون، ثم مدرسة السلطان حسين بمصر الجديدة، فمدرسة فؤاد الأول الثانوية، ثم مدرسة رقيّ المعارف بشبرا، وحصل من الأخيرة على الثانوية العامة.

 

الشخصيات التى تأثر بها السادات

من الشخصيات التى تآثر بها السادات كثيرا كانت جدته والتي يقول عنها في كتابه البحث عن الذات " : خلال فتره وجود أبى فى السودان ، كان الذى يتولى أمري خلال تلك الفترة ، جدتي لوالدي وهذه السيدة أعتز بها جدا رحمها الله لان إذا كنت تعلمت شيء فتعلمته منها , وهي كانت توفيت عن أكثر من 90 عام وكانت أُمية لا تقرأ ولا تكتب شأنها شأن اغلب من يعيشون فى القرية ولكنها كانت تملك حكمة وثقافة التجربة , ثقافة الزمن والتراث الطويل لهذا الشعب, شعب 7 آلاف سنة متراكمة كنت دائماً أراه فيها , وأقول مره أخرى انه إذا كنت استفدت شيء في حياتي فقد استفد من خبره ومن شخصية هذه السيدة "

فى حوار سابق له مع التلفزيون المصرى، عام 1975 كشف السادات الكثير من الشخصيات التى تآثر بها على رأسهم مصطفى كامل وأدهم الشرقاوى، والزعيم غاندى ومصطفى كمال أتاتورك، حيث يقول : كنا قبل ما بنام بيحكو لي أول حاجة ابتديت احب اسمعها وأطلبها المواويل ، ايه المواويل اللي كانوا بيحكوها لنا عشان ينيمونا بيها  موالين ، الموال الأولاني بتاع زهران بتاع دنشواي .. بيحكي قصة دنشواي .. الشعب من نفسه خلد كفاحه في موال وهذا الموال من الله بتحكيه لي والدتي الله يرحمها وستي .. الاثنين لا قرأوا ولا كتبوا لكن توارثوه عن اللي قبلهم زي شعبنا ما ورث أصالته كلها عبر التاريخ، وكذلك قصة كفاح شعب كاملة وتمثلت في دنشواي ، وبعدين ما بتوصفش بس حادثة دنشواي لا ، دي بتوصف كفاح مصر والمرارة اللي بتعانيها مصر من المحتل الانجليزي وكفاح مصطفي كامل الشاب الصغير اللي مات وهو شاب صغير في حلقة واحدة بتبص تلاقيني وأنا طفل عايز انام بينيموني بهذا الموال اللي بيسرد تاريخ مصر إلي اللحظة اللي أنا أتولدت فيها لأنه كفاح مصطفي كامل مع حادثة دنشواي".

 

ويضيف السادات فى حواره مع التليفزيون المصرى: الموال الثاني كان موال أدهم الشرقاوي لأن الشعب كان بيخلد البطولة فيه ورفض الشعب للاستعمار ولكن بأسلوبه هو انه يخلد بطولاتنا كلها ويديها للأطفال علي شكل مواويل تسعدهم وتوسع خيالهم ومداركهم وما تتصوروش كان الإنسان بيتصور بقي زهران البطل ده وإزاي لما بتصوره الأسطورة ومصطفي كامل مع زهران ايضا وأدهم الشرقاوي ومن هنا بدأت أدرك لأول مرة ان احنا بنعاني من حاجة وإن فيه حاجة إسمها الانجليز وفيه حاجة إسمها احتلال وشنقوا جماعة قرايبنا وأهالينا من دنشواي اللي قريبة من بلادنا، وعند انتقالنا إلى القاهرة في كوبري القبة وجدت صور معلقه في الصالة .. سألت صوره مين دى قالوا لي دي صورة مصطفي كمال اتاتورك وما كنش في بيتنا صورة للملك ولا حد غير صورة اتاتورك والدي معلقها في الصالة ويمكن دي تدي فكرة انه من اشتغاله كان أيامها كمال اتاتورك قام بثورة تركيا بعد الحرب العالمية الأولي وكان بطل اسلامي اولاً ولأول مرة كان المسلمين بيفخروا بأن فيه بطل اسلامي الآن علشان يعمل ثورة ويكتب تاريخ مصطفي كمال اتاتورك مشهور لدرجة ان والدي الموظف البسيط شايل صورته ومعلقها ..فطبعاً طبيعي لازم أسأل .. ليه .. ايه حكايته ده .. قعد والدي يكلمني عليه ان ده راجل قام وعمل ثورة علشان بلده وأنشأ تركيا من العدم ، وكانت محتلة . طلعت من الحرب الأولي محتلة عمل معركة . المعركة المشهورة بتاعت ازمير بتاع طرد اليونانيين من تركيا، وطرد كل قوي الاحتلال . حرر بلده وفخورين بيه علي انه زعيم اسلامي في ذلك الوقت، وكان التأثير اسلامي أكثر منه عربي، ويمكن ده اللي خلا والدي من شدة اعجابه بهذا . بقي اللي قعدت وانضافت إلي قصة زهران وموال زهران وأدهم انضاف لهم الحاجة المودرن اللي هو مصطفي كمال والثورة . ده يمكن اللي خلاه يتأثر وسمانا كلنا علي أسماء أنا وأخواتي .. علي اسماء القادة اللي كانوا مع كمال اتاتورك . فأنا مثلا سماني أنور .. اخويا الكبير سماه طلعت .. الأصغر سماه عصمت . تلاقي اسامينا تركي الحقيقة أكثر متخدة من الجانب التركي كان اعجاب والدي بكفاح مصطفي كمال ومعلق صورته."

وتحدث السادات عن غاندى قائلا: أذكر انه فى سنه 1932 مر غاندي بمصر فى طريقه إلى انجلترا ..وامتلأت الصحف والمجلات المصرية بأخباره وتاريخه وكفاحه فأخذت به واستولت صورته على وجداني فما كان منى إلا أن قلدته ..خلعت ملابسي وغطيت نصفى الأسفل بإزار وصنعت مغزلا واعتكفت فوق سطح بيتنا بالقاهرة عده أيام إلى أن تمكن والدي من إقناعي بالعدول عما انا فيه .. فلن يفيدني ما افعله أو يفيد مصر فى شيء بل على العكس كان من المؤكد أن يصيبني بمرض صدري وكان الوقت شتاء قارس البرودة .

 

مراحل صعبة فى حياة الرئيس الراحل (فترة الاعتقال)

تعد فترة اعتقال الرئيس الراحل هى أحد أصعب فترات حياته قبل أن يتولى رئاسة الجمهورية، تلك المرحلة التى حكا عنها السادات بنفسه فى كتابه "مذكرات 30 شهرا فى السجن"، وقال :"دخلت سجن الأجانب ليلا بعد أن عدت من سراى النيابة، في الغرفة 28 وهى نفس الغرفة التي سجنت فيها حين حكم على الحاكم العسكري بالسجن إثر مشادة مع إدارة معتقل الزيتون، أمضيت في السجن أياما طويلة ببدلتى فلم يحضروا ملابسى واحتياجاتى معى من سجن مصر حيث كنت أثناء التحقيق، وكتبت خطابا شديد اللهجة إلى النائب العام أشكو من إهمالى في سجن الأجانب، وتركى بدون ملابس أو حتى صابونة لأغتسل حتى صرت أهرش في جسدى نتيجة الهرش والجرب، وفي اليوم التالى أحضر لى مأمور السجن ملابسى ومعها الصابون وأذن لى المأمور بالحمام الساخن، لكن كان ممنوعا الخروج من الحجرة نهائيا، وفى اليوم التالى منعت من دخول دورة المياه فكتبت خطابا ثانيا إلى النائب العام اعلمه بهذه المعاملة الشاذة، وطلبت من النيابة السماح لى بالقراءة على الأقل في المصحف الشريف، وجاء إلينا وكيل النيابة وسألنا نحن الأربعة من منكم يعرف الآخر؟ فتعرف أحد الثلاثة على الإثنين الآخرين، أما أنا فلم يتعرف على أحد، وتكرر العرض مرة ثانية وثالثة مما أحدث لى ارتباكا عصبيا وتعبا فأرسلت للنائب العام تلغرافا أطلب مقابلته وأبلغنى وكيل النيابة استحالة ذلك، ولكن بعد ذلك تغيرت معاملتنا نسبيا وسمح لى بقراءة المقطم والأهرام والمصور ولكن لم يصرح لي بالكتب ولا الأكل من الخارج مثل باقى المتهمين، وبعد الامتناع عن أكل السجن سمح لى المأمور بعد جهد بأكلة من الشيمى من الكباب والكفتة، وعلمت من جريدة "المقطم" نبأ خروج المفوض البريطانى كيلرن من مصر فأرسلت في شراء دستة جاتوه لتوزيعها على زملائي وعلى السجانين وأكلت منها ثلاث قطع من الجاتوه الذي جئ به من شارع محمد علي، كان نتيجتها في الصباح الإصابة بالإسهال".

 

تم اعتقال الرئيس الراحل عدة مرات، أولها في عام 1941 دخل السجن لأول مرة أثناء خدمته العسكرية وذلك إثر لقاءاته المتكررة بعزيز باشا المصري الذي طلب منه مساعدته في الهروب إلى العراق، بعدها طلبت منه المخابرات العسكرية قطع صلته بالمصري لميوله المحورية غير أنه لم يعبأ بهذا الإنذار فدخل على إثر ذلك سجن الأجانب

المرة الثانية، عندما قام بالاستيلاء على جهاز لاسلكي من بعض الجواسيس الألمان ضد الإنجليز  فى عام 1942 لاستغلال ذلك الجهاز لخدمة قضية الكفاح من أجل حرية مصر، وكانت عمليات الحرب العالمية الثانية على أشدها، وعلى أمل إخراج الإنجليز من مصر كثف اتصالاته ببعض الضباط الألمان الذين نزلوا مصر خفية فاكتشف الإنجليز هذه الصلة مع الألمان فدخل المعتقل سجينًا للمرة الثانية عام 1943.

وفي السجن حاول السادات أن يبحث عن معاني حياته بصورة أعمق وبعد أن مضى عامين في السجن قام بالهرب منه حتى سبتمبر 1945 حين ألغيت الأحكام العرفية، وخلال فترة هروبه عمل السادات عدة مهن شاقة خاصة أنه غير اسمه إلى الحاج محمد نور الدين ، حيث عمل صبى مقاول وتباعا، وشيالا، على عربة تابعة لصديقه الحميم حسن عزت، وفي أواخر عام 1944 انتقل إلى بلدة أبو كبير بالشرقية ليعمل فاعلًا في مشروع ترعة ري، ومع نهاية الحرب وانتهاء العمل بقانون الأحوال العسكرية عام 1945 عاد السادات إلى طريقة حياته الطبيعية، حيث عاد إلى منزله وأسرته بعد أن قضى ثلاث سنوات بلا مأوى.

 

المرة الثالثة كانت عندما عقد السادات ومعاونيه العزم على قتل أمين عثمان باشا، وزير المالية في مجلس وزراء النحاس باشا لأنه كان صديقًا لبريطانيا وكان من أشد المطالبين ببقاء القوات الإنجليزية في مصر، وكان له قول مشهور يشرح فيه العلاقة بين مصر وبريطانيا واصفًا إياها بأنها "زواج كاثوليكي" بين مصر وبريطانيا لا طلاق فيه، وتمت العملية بنجاح في 6 يناير عام 1946 على يد حسين توفيق، وتم الزج بأنور السادات إلى سجن الأجانب دون اتهام رسمي له، الزنزانة 54 كانت تتصف بأنها قذرة لا تحتوي على شيء إلا بطانية غير آدمية.

كانت فترة السجن بالنسبة للرئيس الراحل، بداية تطوير مهاراته سواء فى الشعر أو الكتابة، حيث استغلها فى إعداد صحيفة حائط، كان يكتب على جدران الزنانة، وكانت هذه بداية عمل الرئيس الراحل ككاتب صحفى، بجانب تطوير مهاراته فى اللغة.

بحسب تصريحات شقيقته الصغرى، سكينة السادات، لـ"اليوم السابع"، فإن الرئيس الراحل استغل فترة السجن فى تقوية اللغة العربية لديه بجانب تعلم اللغة الإنجليزية والألمانية، وهو ما يظهر فى جميع خطابات السادات من تمكنه من اللغة العربية وقواعدها، فقد كان مفوها متمكنا من مخارج الحروف.

 

خلال فترة السجن، أصدر السادات مع بعض رفاقه فى السجن صحيفة ساخرة بعنوان "الهنكرة والمنكرة"، كما قام بعمل إذاعة داخل السجن، وقدم بنفسه فقرتين، وكان يكتب فى لوحة إعلانات السجن برنامج اليوم، كل ذلك دفع إدارة دار الهلال إلى أن تطلب منه كتابة مذكراته عن الفترة التى قضاها فى السجن.

قصة صحيفة "الهنكرة والمنكرة"، كانت عندما اتفق السادات مع زملائه فى السجن أن يصدروا مجلتين أسبوعيتين تعلقان على حائط السجن تتضمنان الحوادث العامة، والتعليق عليها، ونقد المتهمين أنفسهم، والتعليق على ما يدور من حوادث فى السجن وتحولت الفكرة إلى واقع عملى، فصدرت المجلة الأولى فى 23 أكتوبر 1946 باسم "الهنكرة والمنكرة"، ثم بعدها صدرت الثانية يوم 26 أكتوبر 1946 باسم "ذات التاج الأحمر"، بالإضافة إلى ذلك ، ترجموا إحدى قصص الأديب الألمانى فون لمبورج وهى قصة صوت الضمير، ونشرت بعد ذلك فى مجلة المصور، وكانت القصة تجسد صراع الخير والشر منذ بدء الخليقة.

 

أثناء وجود السادات بالسجن قامت حرب فلسطين في منتصف عام 1948، التي أثرت كثيرًا في نفسه حيث شعر بالعجز التام وهو بين أربعة جدران حين علم بالنصر المؤكد للعرب لولا عقد الهدنة الذي عقده الملك عبد الله ملك الأردن وقت ذلك، والذي أنقذ به رقبة إسرائيل وذلك بالاتفاق مع الإنجليز، وفي أغسطس 1948 تم الحكم ببراءة السادات من مقتل أمين عثمان وتم الإفراج عنه، بعد ذلك أقام السادات في بنسيون بحلوان لكي يتمكن من علاج معدته من آثار السجن بمياه حلوان المعدنية.

 

السادات صحفيا

فى كتاب "قصص أدبية ومقالات صحفية" بقلم أنور السادات للدكتور خالد عزب وعمرو شلبى، يكشف جوانب كثيرة من عمل الرئيس الراحل صحفيا، حيث بدأ السادات عمله صحفيا بعد الإفراج عنه مباشرة فى عام 1948 ، حيث عمل كاتبا فى مجلة المصور .

الرئيس الراحل كشف بعض جوانب هذه الرحلة الصحفية فى مذكراته، حيث قال إنه بعد خروجه من السجن ذهب إلى صديقه القديم إحسان عبدالقدوس ليبحث له عن عمل وكان إحسان عبد القدوس يعمل فى صحيفة روز اليوسف وكذلك دار الهلال وصحيفة الزمان، وخلال هذا الوقت استغنى إحسان عبد القدوس عن عمله فى دار الهلال، ليقدم صديقه السادات لأصحاب المؤسسة، فاشتروا منه مذكراته التى كتبها فى السجن وبدأوا بنشرها بعنوان "30 شهرًا فى السجن"، حيث يقول السادات عن تلك الواقعة: أرادوا اختبارى للتأكد من أن المذكرات بقلمى، حيث جاء لى شكرى زيدان أحد أصحاب دار الهلال، وأشار إلى جزء من المذكرات وقال إنه بحاجة إلى تطويل بما يساوى عمودًا ونصفًا، فقلت بكل سرور، فعلت ما طلبه وسلمته إليه قبل الزمن المحدد، ولم يكن لدى أى شك فى أن هذا كان نوعًا من الاختبار إلى أن أرسل فى طلبى صباح اليوم التالى، وطلب منى أن أعمل معهم فى دار الهلال بصفة مستديمة، ويتابع ايضا :" كنت أعمل صحفيًا فى فترة من حياتى، كنت محررًا فى دار الهلال وعرفت من تجربتى كيف تصدر الصحف الأسبوعية"

 

عمل الرئيس الراحل فى مهنة الصحافة انعكست عليه بعد قيام ثورة 23 يوليو، والتى كانت أحد أبطالها، عندما كان ضمن مجموعة الضباط الأحرار، فبعد 6 أشهر من قيام الثورة، تولى الرئيس الراحل مسؤولية الصحافة وشؤون الرقابة، وهى أحد الأعمال التى أسندت إليه، إلى أن تولى بعد ذلك مسؤولية أول دار صحفية أنشأتها الثورة وهى "دار التحرير للطباعة والنشر"، وحينها صدرت أول جريدة يومية للثورة وهى الجمهورية بالإضافة إلى مجلة التحرير ، وخلال 6 سنوات منذ عام  1953 لـعام  1959 كان يكتب العديد من المقالات حول أبرز التحديات التى واجهت الضباط الأحرار وثورة 23 يوليو .

للرئيس الراحل أعمال صحفية عديدة، حيث كان يكتب عمود صحفى بشكل يومى بالصفحة الأولى بصحيفة الجمهورية  حملت عنوان "رأى"، وتناولت العديد من القضايا، وكذلك كان يكتب مقال أسبوعى فى مجلة "التحرير" .

قصص صحفية كثيرة كتبها الرئيس الراحل بصحيفة الجمهورية، خاض فيها معارك كبرى من بينها "خفايا وأسرار"، و "جمال عبدالناصر يقترح إعادة دستور سنة 1923"، و"نجيب يطالب بتكوين مجلس جمهورى استشارى من ممثلى الأحزاب"، و"السنهورى يقترح تكوين حزب سياسى برئاسة نجيب"، و"نجيب يطالب بانتخاب مباشر لرئاسة الجمهورية بشرط عدم ترشيح منافس ويعود إلى المطالبة بحق الاعتراض على قرارات مجلس الثورة والوزراء".

 

 

 










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة