أكرم القصاص - علا الشافعي

رئيس وزراء العراق السابق حيدر العبادى لـ"اليوم السابع": مصر مركز عربى إقليمى ونحتاج للتكامل معها..المحاصصة الطائفية والفساد نتاج نظام سياسى مشوّه.. وبلادنا الضحية الأكبر للصراعات الاقليمية الدولية منذ نصف قرن

الأربعاء، 25 ديسمبر 2019 12:05 م
رئيس وزراء العراق السابق حيدر العبادى لـ"اليوم السابع": مصر مركز عربى إقليمى ونحتاج للتكامل معها..المحاصصة الطائفية والفساد نتاج نظام سياسى مشوّه.. وبلادنا الضحية الأكبر للصراعات الاقليمية الدولية منذ نصف قرن رئيس ائتلاف النصر فى العراق، رئيس الوزراء السابق حيدر العبادى
حوار: أحمد جمعة

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

- اختيار حكومة عبد المهدى تم على أساس التوافقات الحزبية الضيقة

- استمرار الانقسام السياسى وترسيخ سياساته أقصر طريق لعودة الارهاب

 

قال رئيس ائتلاف النصر فى العراق، رئيس الوزراء السابق حيدر العبادى إن مصر مركز عربى إقليمي كبير واستراتيجى، لافتا إلى أن العراق يحتاج إلى التكامل مع مصر، مشيرا إلى أن القاهرة تحتاج للتكامل مع بغداد فالحاجة ليست اقتصادية فحسب بل جيوستراتيجية.

وأكد العبادى فى حوار شامل لـ"اليوم السابع" أن ائتلاف النصر لم يخطر ولم يوقع ولم يشترك بحكومة عادل عبد المهدى عام 2018، لافتا إلى أن الاختيار تم على أساس التوافقات الحزبية الضيقة، وتشكيلها خالف الدستور كونها لم تنبثق عن الكتلة الأكثر عددا، وبنيتها كانت محاصصية استندت إلى عقلية الاقطاعيات الحزبية، وكان للعامل الخارجى الدور بانبثاقها بفعل تبعية قرار البعض من الأحزاب.

 

وفيما يلى نص الحوار..

ما هى أبرز التحديات التى تعتبرها مصدر قلق يهدد أمن واستقرار العراق؟

أبرز التحديات هى اصلاح النظام السياسى ليكون قادرا على إنتاج نواة صلبة للدولة وحكم رشيد فعّال يدير بكفاءة ونزاهة دفة البلاد.

وباعتقادى، فإنّ ما نعانيه اليوم من كوارث بما فيها عقم العملية السياسية والمحاصصة العرقية الطائفية والفساد المستشرى وتبعية الارادة للأجنبى وفوضى سياقات الدولة، وحتى هشاشة البنية الاجتماعية والاقتصادية والامنية التى مكّنت عناصر الارهاب والجريمة وقوى السلاح الخارجة عن هيمنة الدولة.. إلخ، كلها نتاج نظام سياسى مشوّه قام على وفق معادلات وتجاذبات: المكونات وسلطة المكونات والقوى المتحكمة بسلطات المكونات سياسيا مجتمعيا، فأنتج لدينا نظام المكونات على حساب نظام المواطنة، وسلطة التوافقات على حساب الأغلبية الديمقراطية، وولّد مشاريع الدويلات وتغول الأحزاب وانقسام السلطة وتداخل السياقات والمسؤوليات، فأخل ببنية الدولة بالصميم، ولا يمكن الظفر بوحدة وأمن واستقرار الدولة إلا بمشروع اصلاحى شامل لبنية الدولة، وهذا ما عملنا عليه سابقا ولا زلنا نعمل عليه كائتلاف نصر.

لماذا رفضتم المشاركة فى اختيار الحكومة الجديدة فى العراق ؟

ائتلاف النصر لم يخطر ولم يوقع ولم يشترك بحكومة  عادل عبد المهدى عام 2018، فالاختيار قام على أساس التوافقات الحزبية الضيقة، وتشكيلها خالف الدستور كونها لم تنبثق عن الكتلة الأكثر عددا، وبنيتها كانت محاصصية استندت إلى عقلية الاقطاعيات الحزبية، وكان للعامل الخارجى الدور بانبثاقها بفعل تبعية قرار البعض من الأحزاب. وقد قلنا وقتها، إنّ المعادلة التى أنتجت الحكومة هشة ومتناقضة ولا يمكنها البقاء أو إدارة البلاد بكفاءة،.. واليوم نجنى ما زرعوه فى 2018

.

 

وهل ترى أن النظام السياسى العراقى مهدد بشكل كامل؟

أى نظام يفقد القدرة على الاستجابة لتحديات الحكم يسقط، وما لم يتم إصلاح النظام ليكون فعّالا وكفؤا وعلى قدر التحديات السياسية الاقتصادية الامنية.. فلا يمكنه البقاء.

 

ما هو سبب وصول الدولة العراقية إلى حالة عدم رضا الشارع عن ساسة بغداد ؟

طبيعة النظام السياسى العراقى الطائفى الحزبى الذى قام على أساس من عقلية الاستحواذ والهيمنة والمصالح وربط العراق بمحاور اقليمية دولية، إضافة إلى تواضع الأداء بملفات التنمية والادارة ووحدة السياسات للدولة.

 

خلال توليكم رئاسة حكومة النصر على داعش .. لماذا لم تتعاملون بشكل حاسم مع ملف مكافحة الفساد ؟

حكومتى استلمت ركام دولة سنة 2014، وكان العراق يتعرض إلى خطر وجودى، وكانت لدى أولويات، فى طليعتها الخلاص من الإرهاب وانقاذ الاقتصاد المنهار وقبر الطائفية المجتمعية واستعادة وحدة وسيادة ومكانة الدولة، وقد نجحنا بفعل تضحيات الشعب.

وفى خضم معارك الوجود هذه قمنا بحملة اصلاحات واسعة، وخضنا معركة الفساد، وحققنا فيها ما لم تحققه أى من الحكومات قياسا بتحديات فترة حكمى، فحكومتى أسست المجلس الأعلى لمكافحة الفساد، وفى عهدى تمت إحالة 8 وزراء والمئات من ذوى الدرجات الخاصة إلى القضاء، وجميع ما صدر من تخفيض رواتب وامتيازات النواب والوزراء وذوى الدرجات الخاصة إلى النصف كان فى عهدى، وحتى حزم القوانين والاجراءات المحققة للنزاهة تمت إبان حكمى، منها تقديم قوانين من أين لك هذا والكسب غير المشروع وضبط التحويلات المالية وتبييض العملة... إلخ، وفى عهدى تم تفعيل التعاون مع الانتربول وقمنا بجلب مسؤولين إلى العراق للمحاكمة، السؤال، هل نجحنا كليا، لا، فالفساد منظومة تحتاج قبل كل شيء إلى حكم قوى وفعّال ومؤسسات ضاربة، وقد بدأنا المسير فى هذا الاتجاه وكنا نخطط لاستكمال هذه المهمة المقدسة.

هل لك أن تطلعنا عن القطاعات التى تعج بالفساد فى العراق ؟

عندما يغيب الحكم الفعّال أو تفشل أو تعجز منظومة الدولة بفعل غياب الرؤية والارادة، فإنّ جميع قطاعات الدولة سيجتاحها الفساد وينخرها الترهل ويبتلعها التسيب. القصة تكمن بإرادة وطهورية الحكم وحملته، وهنا معركة الدولة، أي دولة، وهذا ما تعانيه كل دولنا على اختلاف درجات الفساد والفوضى.

 

هل تجاوب معكم أى تيار عراقى مع المبادرة الوطنية التى طرحتها ؟

منذ بداية التحرك الشبابى فى أكتوبر الماضى، شخصّنا الأزمة وتم الانحياز إلى الشعب العراقى، وطرحنا المبادرات الشاملة منذ 4 اكتوبر 2019 لإصلاح النظام وتحقيق مطالب الشعب، وللتاريخ، لم نشهد تفاعلا جوهريا مع ما طرحناه، كان هناك من يراهن على القضاء على انتفاضة الشعب، والآخر محكوم بالمصالح مع الحكومة، والاخر ينتظر مخاضات الصراع ليحدد الموقف، والبعض ينتظر الموقف من وراء الحدود، نعم، هناك من أيّد وتفاعل، لكن لم يصل لمرحلة تشكيل جبهة اصلاح وانقاذ للتعاطي مع الأزمة، وللتاريخ، فإنّ التجاوب مع مبادراتنا الوطنية كان خجولا ومتأخرا.

 

فى رأيك كيف تستعيد المؤسسات العراقية ثقة الشارع والمواطن العراقى مجددا ؟

بإصلاح النظام السياسى، ولن يتم إلا بخطوات جريئة، منها تفعيل عنصر المشاركة الواسعة بالحياة السياسية، وهنا تأتى القوانين والأنظمة والاجراءات الانتخابية العادلة والنزيهة، وأيضا باعتماد الديمقراطية التشاركية، وبخلق الحكم الفعّال، ولا ننسى أيضا عوامل المسؤولية والطهورية لدى المسؤولين لإدارة الشؤون العامة.. كلها عوامل تعيد ثقة الشارع بمؤسسات الدولة.

هل تتفق مع الرؤى التى تقول أن العراق ضحية صراع إقليمي ودولي ؟

بكل تأكيد، لعل العراق الضحية الأكبر للصراعات الاقليمية الدولية منذ نصف قرن من الآن. لكن تبقى المسؤولية الأساس على عاتق القوى والنخب العراقية ومدى وطنيتها واندكاكها بالمصالح العراقية وتحلّيها بالحكمة والمهارة السياسية لتجنيب العراق تداعيات الصراع الاقليمي الدولي، وهنا تكمن المشكلة.

 

من يقف خلف الاغتيالات خلال التظاهرات الأخيرة في الشارع العراقي ؟

القوى المرتدة على الدولة، التي ترى نفسها أكبر من الدولة، والتي لا ترى أمامها الردع والحسم، أيا كانت.

ما صحة وجود ميليشيات طائفية خارج سلطة الدولة العراقية وتتحد المتظاهرين ؟

موجودة للأسف، مع ملاحظة: إنّ الميليشيات لا طائفة لها، ولا حتى هوية سياسية، انها قوى التغول المصالحي على الحكم الضعيف والدولة الفاقدة للقوة والهيبة والسيادة.

 

كيف تردون على الاتهامات الموجهة لرجال دين عراقيين فى ربط الدين بالسياسة وهو ما أدى لفقدان الثقة فى غالبية الوجوه الدينية ؟

المركز الدينى عراقيا يتمثل بالمرجعية الدينية العليا، ومشروعها الدولة الوطنية وخيارات الشعب، وهى لا تتدخل بالسياسة إلا لحفظ الوحدة الوطنية وتحقيق طموحات الشعب، ولم نشهد لها تدخلا إلا عندما يعجز النظام السياسي وبطلب من القوى السياسية ذاتها او الشعب.

ما هى الأسباب التى تؤخر عملية إعادة الاعمار في العراق ؟

الاستقرار السياسى، ولن ينتج الا بإصلاح النظام ووحدته وفعّاليته بإدارة شؤون البلاد، نحتاج إلى بنية فعّالة للدولة كي ننهض بعمليات الاعمار والتنمية الشاملة، أما مع بقاء الانقسام والعجز والفساد والفوضى، فلا يمكن لشيء أن يتحقق بفاعلية ورسوخ.

 

هل الأوضاع الراهنة تساعد داعش في إعادة احياء خلافته المزعومة ؟

هزمنا الارهاب وقصمنا ظهره لكن حال استمر الانقسام وفقدان سيطرة الدولة وتضارب الارادات فذلك سينعكس سلبا على الأداء الأمنى العسكرى والمخابراتي وحتى المجتمعى، ونحذر من استمرار الانقسام السياسى وترسيخ سياساته، فهو أقصر طريق لعودة الارهاب، وهذا ليس بصالح الجميع.

 

كيف تقيمون العلاقات المصرية العراقية ؟ وماذا يحتاج العراق من القاهرة ؟

مصر مركز عربى إقليمي كبير واستراتيجي، والعراق يحتاج إلى التكامل مع مصر.

مصر بدورها تحتاج للتكامل مع العراق فحاجة مصر للعراق ليست اقتصادية وحسب، بل جيوستراتيجية، والعراق بدوره يحتاج إلى التكامل مع مصر اقتصاديا وجيوستراتيجيا لخلق التوازنات بالمنطقة. وانطلاقا من هذه الرؤية فقد تواصلت باستمرار مع الأشقاء في مصر خلال فترة حكومتى أكثر من أى دولة اخر لبناء علاقات راسخة من أجل مصالح شعبينا وتحقيق الاستقرار فى المنطقة بأسرها.

 

أخيرا .. يشاع عن حيدر العبادى أنه أمريكى أو إيرانى أو قطرى، أيهما أنت؟

أنا وطنى عراقى، وكفى بها فخرا ولم يكن يوما ولائى لغير بلدى، وسر نجاحى بدحر الارهاب وتوحيد الدولة وقبر الطائفية اننى وطنى لم اشتغل بغرائز الطائفة والقومية والحزب، ولم أفضّل أى مصلحة على مصالح بلدي، نعم، أدركت سر معادلات التوازن بمعادلات الصراع الاقليمى الدولى، ووظفت جميع الممكنات بحكمة واتزان ووطنية لإخراج بلدى من فم الارهاب والتقسيم والفوضى، أنا رجل العراق وكفى، وهذه التهم تخرصات وتنافس سياسى رخيص، وتعددها يؤكد بطلانها، ولعلمك، انّ العديد من هذه الدول أقصت العبادى عن الحكم بمعادلة حكم 2018 من خلال تأثيرهم على العديد من القوى الداخلية.










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة