من بين ملامح التعديل الوزارى الأخيرة دمج وزارة السياحة مع وزارة الآثار، وهى ليست المرة الأولى التى يتم فيها دمج الآثار مع وزارة أخرى فقد ظلت الآثار مع الثقافة لعقود طويلة قبل أن يتم فصلها منفردة، لكننا أمام مجالين منهما يمثل كنوزا تنتظر من يحسن استغلالها ويحميها ويعظم من عوائدها، هناك مناطق مشتركة بين الآثار والسياحة وأيضا مناطق اختلاف، والمشترك أننا أمام كنوز يمكنها أن توفر عوائد سريعة، ومع هذا فإن خريطة الآثار فى مصر ممتدة شمالا وجنوبا وشرقا وغربا، وتتطلب أنواعا من الترميم والصيانة والحماية والتنظيم، بينما السياحة الآن علم يتضمن تفاصيل مهمة فيما يتعلق بالإدارة والتسويق وجذب السياح.
وبصرف النظر عن الفصل أو الدمج، فإن هناك واقعا يفرض نفسه، مصر لديها ثروة أثرية وسياحية ضخمة ما تزال غير مستغلة بما يناسب قيمتها، وهناك دول لا تملك أى نسبة مما يتوفر لدينا من كنوز أثرية وسياحية، ومع هذا تحقق عشرات أضعاف ما يعود علينا، صحيح أن السياحة انتعشت بشكل كبير خلال السنوات الأربع الأخيرة، ومع هذا تظل أقل من المتوقع أو الذى تحدده الجهات الخبيرة فى العالم، مع الأخذ فى الاعتبار أن السياحة توفر فرص عمل مباشرة لملايين، وفرص دخل مباشرة وغير مباشرة لمئات الآلاف.
يمكن النظر من عدة زوايا إلى عملية دمج الآثار مع السياحة، حيث تحمل الوزارتان منطقة مشتركة، خاصة السياحة الثقافية، وتظل الآثار مجالا أكثر اتساعا، خاصة فيما يتعلق بتنظيم السياحة وحماية الآثار، شكلا فإن ما تملكه مصر من معالم أثرية يستحق أن يكون دخل الآثار من السياحة أضعاف ما يتحقق الآن.
ثم إن الآثار تمثل جانبا من عملية التسويق السياحى مع المعالم الأخرى الخاصة بالسياحة الشاطئية والسفارى، مصر لديها ثروة هائلة تمثل كنوزا تظل غير مستغلة بما يناسب قيمتها، وتمتد شمالا وجنوبا وشرقا وغربا، والأمر لا يتعلق فقط بالآثار لكن بالطقس والمنتجعات، والشواطئ المناسبة صيفا وشتاء، بخلاف آلاف المعالم الاثرية التى لا تمتلك أى دولة فى العالم نسبة منها، وتحتاج إلى نوع من التسويق والعرض والحماية والصيانة، فيما يتعلق بالشواطئ أو المنتجعات، لأن القطاع الخاص من ملاك الشركات السياحية والفنادق يقومون بذلك، لكن الآثار تنفق من عوائدها على عمليات الصيانة والتنظيم.
السياحة نشاط متشعب تتداخل فيه عناصر والتنظيم والتسويق والأمن والعرض، وتسهيل الوصول إلى المعالم السياحية، وتوفير أماكن إقامة وراحة وترفيه للسياح، وكلها تمثل مراكز للعائدات المباشرة وغير المباشرة. على سبيل المثال ما تزال منطقة الأهرامات فى مصر مفتقدة للتنظيم والحماية المناسبة، وتم الحديث عن مشروعات متعددة لتطوير منطقة الأهرامات، بين القطاع العام أو الخاص، وطريقة تنظيم دخول وخروج السياح، وضبط سلوكيات الخدمات المتاحة فيها، فضلا عن ثقافة التعامل مع السياح.
السياحة نشاط متعدد الاتجاهات فهو يوفر فرص عمل ودخل لفئات متعددة تجارية ونقل ومنتجات غذاء ومشروبات وغيرها وكلها تتطلب الموائمة بين العمل الخاص والعام والتأمين وتوفير عوائد مناسبة للعاملين بالشكل الذى يمنع عمليات المضايقة او الابتزاز للسياح، ونفس الأمر فيما يتعلق بضبط الخدمات مثل النقل والتاكسى، والأهم هو نشر الوعى السياحى لدى جمهور يفترض أن يعرف أن انتعاش السياحة يعود بالفائدة على الجميع.
وقد تطورت السياحة بتطور أدوات الاتصال والتواصل، وأصبحت الحجوزات والبرامج تتم بشكل كامل من خلال المواقع والتطبيقات الإلكترونية، وهو أمر يفرض تطوير أدوات التسويق والحجز والمتابعة والمراقبة لهذه الأنشطة بما يسهل حصول السائح على الخدمة بسهولة، ومن دون تعقيدات، وفى نفس الوقت يوفر هذا النشاط عوائد للأفراد من خلال دمج أماكن إقامة فى هذه التطبيقات، كل هذه التفاصيل بحاجة إلى أن توضع أمام من يقومون بهذه الأنشطة، وتفرضها عمليات دمج الوزارات.